حكم قضائي على سيلفيو برلوسكوني أدخل إيطاليا في حال من الفوضى تهدد بسقوط حكومتها اليوم، وبمزيد من الأضرار الاقتصادية. رئيس الوزراء إنريكو ليتا قالها بوضوح قبل ثلاثة أيام: الرد على قرار برلوسكوني سحب وزرائه من الحكومة سيكون بطرح الثقة بها أمام البرلمان اليوم. «لقد قمنا بتقييم وضع شديد التعقيد والصعوبة، وقررنا الاحتكام إلى البرلمان في أسرع وقت». كانت تلك كلماته إثر لقائه الرئيس جورجيو نابوليتانو: ليس لدي نية للحكم بأي ثمن... ولن أطلب الثقة لثلاثة أيام ثم تعود الأوضاع الى ما كانت عليه سابقاً، لكن سأفعل ذلك بهدف المضي قدماً وتطبيق برنامج محدد، وإلا فسأتحمل العواقب».
كان برلوسكوني الذي يواجه احتمال طرده قريباً من البرلمان بعد الحكم عليه بالسجن بتهمة التهرب الضريبي، رفع مستوى الضغوط خلال الأيام الماضية. وقّع عدد من البرلمانيين المنتمين الى حزبه «شعب الحرية» على رسالة استقالة من دون تسليمها رسمياً، ثم أعلن الوزراء الخمسة المنتمون الى حزب برلوسكوني استقالتهم من الحكومة. رأى ليتا في الاستقالات المتتالية «خياراً يقوّض أحد المبادئ المركزية للديموقراطية، والذي يقضي بعدم تمكّن أقلية من حلّ برلمان عن طريق استقالتها». وفي مواجهة هذا الوضع، «لا يمكن رئيس حكومة أن يتصرف كأن شيئاً لم يكن، وعليه استخلاص العبر»، وفق تعبير رئيس الوزراء الايطالي الذي استبعد إجراء انتخابات جديدة في وقت قريب «من دون إصلاح مسبق للقانون الانتخابي» الذي أوصل إيطاليا الى مأزق سياسي حرمها من أكثرية واضحة.
برلوسكوني الذي يقاوم تحركات لطرده من البرلمان، قال من جهته إنه يريد إجراء انتخابات «بأسرع ما يمكن»، ولم يواجه تصريحه هذا اعتراضاً من رئيس البلاد فحسب، بل أيضاً من أنصاره الذين قد ينقلبون عليه ويصوّتون بنعم على منح الثقة للحكومة لتجنيب البلاد الوقوع في أزمة خطيرة.
ووصفت الصحافة الإيطالية الوضع السائد بـ«الفوضى السياسية»، محذرة من عواقب اقتصادية قد تواجه البلاد، ما أحدث حالة من القلق لدى المواطنين الذين قال بعضهم إن «السياسيين بحاجة إلى التوصل إلى حل والعمل معاً من أجل الصالح العام للبلد، وإذا لم يقوموا بذلك فسنواجه الانهيار».
وإثر الأزمة الحكومية الايطالية وتزامنها مع الأزمة الاميركية، هبطت الأسهم الأوروبية أمس للمرة الخامسة في سبع جلسات، وتراجعت أسعار الأسهم الإيطالية بشدة، بينما ارتفعت معدلات فائدة الاقتراض. وأورد موقع «فيرستاونلاين.انفو» الإخباري، في تعليق على أوضاع السوق، أن «تأثير برلوسكوني يضرب السوق مرة أخرى، والخوف يسود الأسواق».
ووصف ليتا، الذي تولى السلطة هذه السنة وواجه صعوبات في محاولته تقوية الاقتصاد المتعثر، خطوة برلوسكوني بـ«المجنونة وغير المسؤولة». وحذر من تأثير إجراء الانتخابات في هذا الوقت الحرج بالنسبة إلى إيطاليا على أسواق المال، وفي الوقت الذي بدأت تنتعش فيه الآمال بالخروج من الانكماش المدمر الذي تعاني منه البلاد منذ عامين. وأكد ليتا أن التبريرات التي أعطاها برلوسكوني لسحب دعمه للحكومة، ومن بينها فشلها في منع زيادة ضريبة المبيعات إلى 22 في المئة هذا الأسبوع، هي «غطاء لمصالحه الشخصية».
من جهتها، انتقدت صحيفة «أوسيرفاتوري رومانو»، لسان حال الفاتيكان، المسؤولين عن الازمة السياسية التي اندلعت في إيطاليا، إثر إعلان ائتلاف يمين الوسط سحب وزرائه من حكومة الائتلاف مع الحزب الديمقراطي، واصفة تلك الخطوة بـ«غير المسؤولة».
ورأت الصحيفة في مقالها الرئيسي أنه «يبدو أن إثارة الازمة في الوقت الراهن هي تحرك غير مسؤول ليس فقط لتأثيرها السياسي بل لتأثيرها على صدقية الطبقة السياسية الايطالية بأسرها». ولفتت الصحيفة إلى أنه «على هامش هذه الأزمة تبقى للأسف المشاكل العالقة كالبطالة وندرة الموارد المالية لدى السلطات المحلية التي اشتكت أخيراً من أنها على حافة الانهيار المالي».
(الأخبار، رويترز)