في خطوة لافتة في توقيتها ومستواها، أعلن الرئيس الأميركي باراك أوباما أمس عن أنه اتصل هاتفيا بالرئيس الإيراني حسن روحاني وأنهما وجها فرقا للعمل بدأب من أجل التوصل الى اتفاق بشأن برنامج إيران النووي.
واثناء هذه المكالمة، وهي الأولى من نوعها منذ الثورة الإسلامية في العام 1979، قال اوباما لروحاني انه يامل في حل "شامل" مع طهرن التي بدات أول من أمس اتصالات مع القوى الكبرى لبحث الملف النووي الايراني، وذلك بعد ساعات من مفاوضات "بناءة" خاضها وزيرا خارجية البلدين جون كيري ومحمد جواد ظريف في إطار مجموعة "5 + 1"، وأخرى خاضتها طهران مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية.
وأكدت وكالة الأنباء الإيرانية الرسمية الاتصال، مشيرة إلى أن الرئيسين كلفا وزيري خارجيتهما لتهيئة الأرضية اللازمة للتعاون بين البلدين.
وكان روحاني أكد، في حديث صحافي أجراه في نيويورك أمس، أن «أجواء العلاقات الأميركية الإيرانية مختلفة إلى حد ما الآن عنها في الماضي، وقد تمهد لتحسن العلاقات». وأضاف «هدفنا هو المصلحة المشتركة بين بلدينا. هدفنا هو حل المشكلات. هدفنا هو بناء الثقة خطوة بخطوة بين الحكومتين والشعبين».
وعبّر الرئيس الإيراني عن أمله في أن تؤدي المحادثات النووية مع الولايات المتحدة والقوى الأخرى إلى «نتائج ملموسة خلال فترة وجيزة». وقال إن إيران ستقدم خطتها بشأن حل القضية النووية خلال المحادثات مع الدول الست «5+1» المقررة في جنيف في 15 و16 تشرين الأول المقبل. وأضاف «نقول بوضوح إننا سنتحلى بالشفافية. نقول بوضوح إننا لن نصنع قنبلة (نووية). نريد من خلال مجموعة 5+1 أن نقدم مزيداً من التطمينات».
وأكد روحاني أن «أي نتيجة تتوصل إليها هذه الحكومة ستحظى بدعم القوى الأخرى في إيران. الحكومة لها صلاحيات كاملة بخصوص القضية النووية». ولدى لقائه رئيس الوزراء الإيطالي انريكو ليتا، أكد روحاني «استعداد طهران التام لتبديد المخاوف الاقليمية من برنامجها النووي». وكشف، في مقابلة مع «واشنطن بوست»، أنه إذا جمعه لقاء مع الرئيس الأميركي باراك أوباما، «فسيتحدث معه حول الأمل والمستقبل وضرورة التفكير ملياً في مصالح الشعبين الإيراني والأميركي، بمعزل عن الممارسات التخريبية لمجموعات الضغط في أميركا».
وأكد روحاني أنه اذا ما توصل الجانبان الى تسوية معقولة وفي اطار زمني قصير المدى، فستفتح الابواب امام حل المعوقات الأخرى.
واقترح على وزير الخارجية الأميركي جون كيري والإيراني محمد جواد ظريف، العمل على تسخير جميع طاقتهما الدبلوماسية للوصول الى تسوية تتعلق بنشاطات ايران النووية السلمية، مؤكداً في الوقت ذاته على اعتزامه التطرق الى جميع الملفات العالقة بين الطرفين، اذا ما جرى التوصل الى اتفاق ينهي الأزمة بشأن البرنامج النووي.
وحول اجتماع إيران مع الدول الست (الولايات المتحدة وروسيا والصين وفرنسا وبريطانيا وألمانيا) في نيويورك أول من أمس، الذي جمع لأول مرة وزير خارجية ايران وأميركا، قال ظريف بعد الانتهاء من الاجتماع، إنه جرى التأكيد خلال المفاوضات على حقوق الشعب الايراني في امتلاك الطاقة النووية السلمية.
ووصف عضو الفريق الإيراني المفاوض مع مجموعة «5+1» عباس عراقجي، أجواء المحادثات بالقول: «لقد أُجريت محادثات جيدة، ودخل الجانبان المفاوضات بتوجه بناء، وتقرر مواصلة هذه المحادثات»، مشيراً الى أن وزيري الخارجية الأميركي والإيراني عقدا لقاءً مقتضباً على هامش اجتماع نيويورك. وأضاف إن الاجتماع المقبل لوزيرة خارجية الاتحاد الأوروبي كاثرين أشتون ونظيرها الايراني، سيُعقد في جنيف.وقال مسؤول أميركي رفيع المستوى، إن الوزيرين الأميركي والإيراني جلسا متجاورين وتصافحا في اجتماع نادر.
وتحدث ظريف وهو دبلوماسي تلقى تعليمه في الولايات المتحدة كذلك بنبرة حذرة، وأكد ضرورة التخفيف السريع للعقوبات التي تفرضها الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي والأمم المتحدة على إيران لرفضها تعليق برنامجها لتخصيب اليورانيوم.
بدورها وصفت أشتون اجتماع السداسية مع طهران بالبناء، وبأنه كان «موضوعياً ونشطاً»، مشيرة الى أن 12 شهراً تمثل مهلة معقولة لإيران للتفكير في تطبيق اجراءات ازاء برنامجها النووي. وأكدت ممثلة الدول «5+1» الى المحادثات مع طهران، الاتفاق على اجراء محادثات في جنيف في 15 و16 من الشهر المقبل، وقالت ان ايران يمكنها قبول مقترحات الدول الست او ان تتقدم هي باقتراحات.
من جهته، أعلن وزير الخارجية الأميركي، الذي وصف اجتماع السداسية مع طهران أمس بأنه كان «تغيراًَ في الأسلوب» عن اللقاءات السابقة، أن واشنطن قد ترفع الحظر عن ايران خلال الأشهر المقبلة إذا وافقت طهران على اتخاذ اجراءات سريعة للسماح بالمراقبة الدولية لبرنامجها النووي.
واقترح كيري، خلال مقابلة مع محطة التلفزيون الاميركية «سي بي اس»، أول من أمس، أن تفتح ايران مركزها النووي في «فوردو» أمام المفتشين الدوليين كي يتمكنوا من التحقق من مستوى تخصيب اليورانيوم فيه.
وقال، إن «الولايات المتحدة لن ترفع العقوبات طالما ليس هناك عملية شفافة، ويمكن التحقيق منها، يمكننا ان نعرف من خلالها بالتحديد ماذا تنوي ايران ان تفعل بهذا البرنامج».
ورداً على سؤال لمعرفة ما اذا كان الرئيس الإيراني على حق بحديثه عن اتفاق خلال ثلاثة الى ستة اشهر، أجاب كيري «بالتأكيد، هذا أمر ممكن»، مضيفاً «من الممكن ان نصل الى اتفاق في وقت أقرب، وهذا الأمر يتوقف على الصراحة وعلى الشفافية التي تنوي ايران اثباتهما».
في غضون ذلك، أجرت طهران ووكالة الطاقة أمس في فيينا، محادثات وصفها كبير مفتشي الوكالة هرمان ناكايرتس، بأنها «بناءة للغاية»، معلناً عن اجتماع جديد في 28 تشرين الاول المقبل.
وبالتزامن مع الحراك السياسي النشط، كانت طهران تؤكد الاستمرار في تطوير قدراتها العسكرية، حيث أعلن قائد قوات الجو ــ فضاء التابعة لحرس الثورة الاسلامية، العميد أمير علي حاجي زادة، عن تدشين «طائرة بلا طيار قاذفة» اسمها «شاهد 129» قادرة على حمل 8 صواريخ ذكية.
(أ ف ب، رويترز، فارس، إرنا)