بحضور العشرات من الرؤساء وزعماء الدول في نيويورك، بدأت أمس أعمال «أسبوع القادة» للجمعية العامة للأمم المتحدة، التي تنتهي في بداية تشرين الأول المقبل، حيث كانت كلمتا الرئيسين الأميركي والإيراني باراك أوباما، وحسن روحاني، محل اهتمام العالم.ودعا أوباما، خلال كلمته، إلى اعطاء فرصة للطريق الدبلوماسية مع إيران بشأن ملفها النووي، إلا أنه طالب طهران بـ«أفعال». وقال إن بلاده «تشجعت» بانتخاب روحاني رئيساً لإيران، معتبراً أن الأخير تلقّى «تفويضاً ليسلك طريقاً أكثر اعتدالاً»، من سلفه محمود أحمدي نجاد.
وتابع الرئيس الأميركي «بما أن الرئيس روحاني التزم التوصل إلى اتفاق، طلبت من (وزير الخارجية) جون كيري، إدارة هذه الآلية مع الحكومة الإيرانية بتعاون وثيق مع الاتحاد الأوروبي وبريطانيا وفرنسا والمانيا وروسيا والصين».
ورأى أنه «قد يبدو من الصعب جداً تجاوز العقبات الا انني مقتنع بأنه لا بد من تجربة الطريق الدبلوماسية»، مقرّاً بوجود «جذور عميقة» من الحذر بين البلدين. وقال «إنني متأكد أننا في حال تمكنا من حل مسألة البرنامج النووي الإيراني فان ذلك يمكن أن يفتح الباب أمام علاقة مختلفة قائمة على المصالح والاحترام المتبادل».
إلا أنه أضاف أنّ الولايات المتحدة اذا كانت تفضل خيار الطريق الدبلوماسية «فاننا نبقى مصممين على منع تطوير سلاح نووي» إيراني.
واعتبر أنه «لا نسعى الى تغيير النظام ونحترم حقوق الإيرانيين في الوصول إلى طاقة نووية سلمية»، معتبراً أن هذه القناعات تتلاقى مع التصريحات العلنية للقادة الإيرانيين حتى المرشد الأعلى علي خامنئي الذي حرّم اقتناء السلاح النووي «ويجب أن تشكل أساساً لاتفاق» حول الملف النووي.
في الموضوع السوري، رأى أن «النظام السوري قام بما في وسعه من أجل حماية نفسه»، مشيراً إلى أن «الأزمة السورية وزعزعة الاستقرار في المنطقة تقع في لب المشكلة التي تواجهها الأسرة الدولية».
وأشار إلى أنه «لم يبين مجلس الأمن اي تصرف للرد على الهجوم الكيميائي»، معتبراً أنه «يجب التوصل إلى قرار فاعل في مجلس الأمن للتأكد من التزام نظام (الرئيس بشار) الأسد» بتدمير سلاحه الكيميائي.
ولفت إلى أن «الاتفاق حول الكيميائي السوري يجب أن يزخّم الجهود حول العملية السياسية»، مؤكداً أن «الشعب السوري يحدد من يحكمه وليس نحن».
ورأى اوباما أنه «حان الوقت لأن تدرك روسيا وايران ان لا مجال للعودة إلى مرحلة ما قبل انطلاق الثورة»، لافتاً إلى أنه «يجب ضمان عدم تحول سوريا إلى ملاذ آمن للارهابيين». وشدد على «ضرورة دعم الجهود الدبلوماسية لايجاد حل سياسي للأزمة السورية، ومساعدة المستضعفين في الشرق الاوسط».
ولفت أوباما إلى «اننا على استعداد لاستخدام كل الوسائل بما فيها العسكرية لتأمن مصالحنا في المنطقة»، مؤكداً «اننا لن نقبل أبداً بتطوير او استخدام اسلحة الدمار الشامل في الشرق الاوسط».

روحاني: جاهزون لكسب الثقة المتبادلة

أما روحاني، فقد أكد من جهته أنه «يجب وضع خيار السلام على الطاولة»، مشيرا إلى أنه «اذا كانت هناك ارادة سياسية لدى الاميركيين وتوقفوا عن الضغط يمكن الوصول الى اطار لحل الخلافات». وأكد روحاني أنه «لا يمكن منع برنامجنا السلمي ونحن جاهزون للتعاون لكسب الثقة المتبادلة مع الخارج بشكل بنّاء»، مشيرا إلى أن «اسلحة الدمار الشامل، بما فيها النووية، غير موجودة في قاموسنا».
وأوضح روحاني أن «حل قضية النووي الايراني تأتي من خلال انهاء المناورات... ايران تسعى لحل القضايا العالقة من خلال الاعتدال ورفض الظلم والعنف»، مشددا على «أننا نريد العمل لتحقيق السلام في سوريا والبحرين، والعنف لا يحل الازمات». وأكد أن «الحل في سوريا ليس عسكرياً»، مشددا على رفض طهران «استخدام الاسلحة الكيميائية»، ومشيرا إلى أن «الفاجعة الانسانية في سوريا نموذج مؤسف للعنف في منطقتنا».

هولاند: لإلزام الأسد بتعهداته

بدوره، شدد الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند، في كلمته، على ضرورة ردع الرئيس السوري «عن ارتكاب مزيد من الجرائم»، مشيراً إلى أنه «ينبغي أن نعمل لتتوقف الحرب في سوريا وهي الأكثر دموية منذ بداية هذا القرن».
وإذ شدد على أن «الحل في سوريا سياسي»، لفت إلى أن «الضغوط التي قامت بها فرنسا إلى جانب دول اخرى بعد استخدام السلاح الكيميائي اعطت نتائجها»، موضحاً أن «اللجوء الى الفصل السابع يهدف إلى اجبار الاسد على الالتزام بتعهداته».
وطالب الرئيس الفرنسي طهران قبيل لقائه الرئيس الايراني في نيويورك، بـ«أفعال ملموسة» بشأن ملفها النووي، معرباً عن الأمل بقيام حوار «مباشر وصريح» مع طهران.
غول: لترجمة الاتفاق الروسي ــ الأميركي
من جهته، أكد الرئيس التركي عبدالله غول ضرورة أن يترجم الاتفاق الروسي الأميركي حول السلاح الكيميائي السوري بـ«اتفاق عبر قرار واضح من مجلس الأمن الدولي». وأعرب، في كلمته أمام الجميعة العامة، عن أمله بأن «تدمير الكيميائي سيؤدي إلى طمأنة الشعب السوري وشعوب المنطقة، ويجب أن يتم التحقق من تدمير هذه الأسلحة بشكل واضح».
ورأى أن الاتفاق على تدمير الكيميائي السوري يجب ألا يبقي النظام السوري بعيداً عن مسؤوليته، وألا يصبح بديلا عن اي مبادرات لحل الوضع في سوريا.
كذلك أعلن الرئيس التركي أن «استمرار المعاناة الفلسطينية تسبب بالكثير من المشاكل في المنطقة»، مؤكدا انه «يحق للفلسطينيين ان ينعموا بدولة آمنة».

تميم: لا لاستبدال الفوضى بالفوضى

من جهته، أشار أمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني إلى أن «النظام السوري تجاوز كل الخطوط الحمراء ولا سيما بعد أن استخدم الأسلحة الكيميائية، ويواصل سياسة الأرض المحروقة»، لافتاً إلى أنّ «الشعب السوري لم يقم بثورته من أجل نزع سلاح النظام الكيميائي، أو لاستبدال الفوضى بالفوضى». وشدّد على أنّ «الاخفاق في الوصول إلى حل سياسي يعود إلى عجز مجلس الأمن عن اتخاذ أي قرار بشأن سوريا، وبسبب رفض النظام كل المبادرات الدولية والعربية».
عبدالله الثاني: حماية الأقليات
وفي سياق متصل، حذر الملك الأردني عبدالله الثاني، من أن المتشددين يهددون السلام في الشرق الاوسط، كما أن العنف في سوريا يهدد استقرار المنطقة.