يبدو أن مفاوضات الحكومة التركية مع حزب العمال الكردستاني المسلّح قد دخلت مرحلة الاجهاض، بعد تراجع فرص السلام بين الطرفين المتصارعين منذ عام 1984، فقد ذكرت مصادر أمنية محلية تركية أمس أن عناصر من المنظمة خطفوا أربعة أشخاص جنوب شرق تركيا أول من أمس، بينما تتواصل مصادمات عنيفة بين محتجين مناهضين للحكومة والشرطة في مدن عديدة من أنحاء تركيا لليوم الثالث إثر مقتل ناشط في انطاكيا.
ونقلت وكالة «إخلاص» التركية، عن المصادر الأمنية قولها إن عدداً من عناصر منظمة حزب العمال الكردستاني شنوا هجوماً الليلة الماضية (أول من أمس) على موقع لقوات الدرك واختطفوا أربعة أشخاص من العاملين فيه.
وأضافت أن «الانفصاليين نسفوا مبنى مخفر قوات الدرك في قرية (بيلين اولوك) التابعة لمركز (بيرفاري) في محافظة (سيرت) بالمواد المتفجرة التي كانت بحوزتهم».
وأوضحت الوكالة أن الجيش التركي أرسل وحدات خاصة الى المنطقة وشن عملية انقاذ واسعة النطاق للبحث عن العمال المختطفين وتحريرهم.
وكانت الأجهزة الاستخبارية التركية قد أعدّت تقريراً يؤكد استعداد حزب العمال الكردستاني للقيام «بعمليات إرهابية» في مدن تركية مختلفة بتوقيت متزامن، وخاصة أمام المنشآت العسكرية والمؤسسات الحكومية الحساسة مع عمليات قطع الطرق والاختطاف خلال الفترة التي يزمع فيها رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان، إعلان الحزمة الديموقراطية.
ونقلت صحيفة «زمان» أمس أن التقرير يؤكد بدء المنظمة الكردية «في دراسة خطتها واستعداداتها لتنفيذ عمليات إرهابية في توقيت متزامن»، مشيراً إلى اجتماع لمسؤولي المنظمة عقد خلال الأيام القليلة الماضية في ضواحي مدينة دياربكر للتخطيط لاستراتيجية جديدة في حال توقف المفاوضات الجارية بين الحكومة والأكراد. وأوضح التقرير أن خطة المنظمة الانفصالية بدأت في تقديم الدعم اللوجيستي لأعضائها، الذين انتقلوا في الفترة الماضي من ضواحي القرى والأرياف إلى ضواحي المدن وبشكل خاص لمقاتليهم المنتشرين في مدن هكاري وشرناق وفان ودياربكر.
واذا صحّت هذه المعلومات، فهذا يعني فشل مساعي المفاوضات التي توصلت الى سحب مقاتلي الكردستاني من جبال القنديل الى كردستان العراق في اطار تسوية تضمن إعطاء الأكراد حقوقهم الثقافية والسياسية في الدولة التركية.
في غضون ذلك، خرج المحتجون إلى الشوارع لليوم الثالث في العاصمة أنقرة وأجزاء أخرى من اسطنبول واقليم هاتاي في جنوب البلاد، احتجاجاً على مقتل الشاب أحمد آتاكان (20 عاماً) في اشتباكات مع الشرطة في انطاكيا بالقرب من الحدود مع سوريا يوم الثلاثاء الماضي.
واستخدمت قوات الأمن التركية الغاز المسيل للدموع لفض الاعتصامات في العديد من المدن، فيما تعهد رئيس الوزراء القضاء على الجهود الرامية إلى «إثارة الشغب».
وتحدثت تقارير على مواقع التواصل الاجتماعي عن اضطرابات في مدينتي انطاليا وانطاكيا الساحليتين على البحر المتوسط، لكن الاضطرابات لم تكن بالدرجة نفسها التي كانت عليها اثناء اعمال الشغب التي استمرت لأسابيع وهزت تركيا في شهري حزيران وتموز احتجاجاً على تحويل حديقة «غيزي» في اسطنبول الى مجمع تجاري وثكنة عسكرية.
وتوفي آتاكان بعد سقوطه من مبنى، لكن التحقيقات مستمرة في ملابسات وفاته.
وشكلت احتجاجات الصيف واحدة من اكبر التحديات امام حكم اردوغان منذ وصول حزبه العدالة والتنمية إلى سدة الحكم قبل عقد من الزمان.
(الأخبار، رويترز)