نفذ حزب العمال الكردستاني ما سبق أن هدد به الحكومة التركية، معلناً أمس وقف عملية انسحاب مقاتليه الـ 2500 الى قواعدهم الخلفية في كردستان العراق والتي انطلقت في أيار الماضي، مؤكداً أن «موقف الحكومة التركية بعدم تحقيق أي تقدم في المسألة الكردية كان خلف هذا الوضع». إلا أن الحزب، الذي يقاتل من أجل حقوقه السياسية والثقافية في الدولة التركية منذ عام 1984، أكد في المقابل أنه سيلتزم بالهدنة القائمة مع القوات التركية، حسبما أفادت وكالة «فرات نيوز» القريبة من الحزب.
وفي بيان نقلته «فرات نيوز» أمس، قال حزب العمال إنه «تم تعليق سحب المقاتلين. وسيتم الحفاظ على الهدنة ... للسماح لحكومة حزب العدالة والتنمية (الحاكم) ببدء مبادرات».
وحمّل الحزب المسؤولية «الكاملة» عن هذا القرار لحكومة رجب طيب أردوغان، التركية المحافظة، متهماً إياها بعدم العمل لإقرار البرلمان حزمة إصلاحات ديموقراطية من أجل تعزيز حقوق الأقلية الكردية في تركيا، حسبما نقلت وكالة «أنباء موسكو».
وقال رئيس الوزراء التركي في الأسبوع الماضي إن حزب العمال الكردستاني لم يف بوعده بالانسحاب من تركيا، وإن 20 في المئة فقط من متمردي الحزب يغادرون، معظمهم نساء
وأطفال.
وأدى استئناف عملية السلام الهشّة في أواخر 2012 بين أنقرة وزعيم الحزب عبد الله أوجلان، الذي يمضي عقوبة سجن مدى الحياة منذ 1999 في سجن إيمرالي (شمال غرب تركيا)، الى إنعاش الآمال في إنهاء نزاع أسفر عن مقتل أكثر من 40 ألف شخص منذ انطلاق تمرد الحزب في عام 1984.
وأعلن أوجلان وقفاً لإطلاق النار في آذار الماضي، بعد شهور من المحادثات مع الدولة التركية، وبدأ مقاتلو الحزب بالانسحاب الى كردستان العراق في أيار الماضي، في إطار اتفاق يتضمن تعزيز الحقوق الكردية.
ويطالب الأكراد، الذين يهيمنون على جنوب شرق تركيا ويمثلون خمس تعداد البلاد (نحو 15 مليون نسمة)، بحق التعليم باللغة الكردية، وبتخفيف قوانين مكافحة الإرهاب، وخفض نسبة الأصوات التي يتعين على أي حزب الحصول عليها لدخول البرلمان، وهي حالياً عشرة في المئة، إضافة الى منح مزيد من السلطات للحكومات المحلية.
وفي تموز الماضي، وجه رئيس الحزب جميل باييك «إنذاراً أخيراً» الى الحكومة التركية إن لم تتخذ إجراءات قبل الأول من أيلول الجاري.
وباتت المناقشات حول إصلاح الدستور في تركيا، والتي كان يفترض أن تجيز إقرار بعض الإصلاحات التي يطالب بها الأكراد، مشلولة اليوم بسبب الخصومة بين الأكثرية والمعارضة.
وفيما أقر قانون في آذار يحدّ من الملاحقات بتهمة «الإرهاب»، فإنه لم يجز الإفراج عن آلاف من ناشطي القضية الكردية المسجونين حالياً في تركيا.
رغم كل هذا المناخ الملتبس، كرر أردوغان أول من أمس التزامه بالسلام مع الأكراد، وشدد على ثقته بالعملية الجارية. وقال للصحافة «لا أعتقد أنها ستشهد عقبة كبرى»، مضيفاً «الأهم هو رغبة الشعب (الكردي) في مواصلة هذه العملية».
(الأخبار)