غداة موقف الرئيس الأميركي باراك أوباما أن «انتخاب الإيرانيين رئيساً معتدلاً هو مؤشر على أنهم يريدون التحرك في اتجاه مختلف»، أكدت وزارة الخارجية الإيرانية أن «سياسة طهران الخارجية مبدئية وتنبثق من المصالح والمبادئ والقيم الوطنية في إطار إرشادات وتوجيهات قائد الثورة الاسلامية» علي خامنئي. في المقابل، قال رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، خلال لقائه وزير الخارجية الكندي جون بيرد، «ينبغي عدم السماح لإيران بكسب الوقت عبر خوض مفاوضات الى ما لا نهاية» مع المجتمع الدولي في شأن برنامجها النووي.
وأضاف أن «الرئيس الايراني الجديد أكد أنه إذا تمكنت إيران من تهدئة المجتمع الدولي فإن بلاده قادرة على المضي قدماً في برنامجها النووي».
وتابع نتنياهو «يجب عدم ترك إيران تمارس هذه اللعبة. اليوم، من الأهمية بمكان مواصلة الضغط (على إيران)، علينا الا نستسلم للأوهام».
في هذا الوقت، رجّحت صحيفة «هآرتس» أن يكون أحد الآثار المهمة لفوز روحاني في الانتخابات الرئاسية في إيران هو تأجيل بتّ قرار الهجوم العسكري الإسرائيلي ضد المشروع النووي لطهران حتى العام المقبل.
ورأى محرر الشؤون العسكرية في الصحيفة، عاموس هارئيل، أن المفاجأة التي أحدثها انتخاب روحاني ستحوج الغرب إلى بضعة شهور على الأقل من أجل استيعاب ماهية التغيير، وفي خلال ذلك سيكون من الصعب على إسرائيل أن تحصل على تفهم أو تأييد دولي لعملية عسكرية مستقلة ضد إيران.
وعلى هذا الأساس، أعرب هارئيل عن تقديره أن عام 2013 قد يتحول إلى عام ضائع بالنسبة إلى نتنياهو، رغم الإشارات الخفية التي يطلقها مقربون منه بأنه سيكون عام الحسم بشأن برنامج إيران النووي.
وأشار الكاتب إلى أن تعليق البيت الأبيض على فوز روحاني يُظهر أنه ينوي إعطاء الرئيس الجديد فرصة، خصوصاً في ضوء التجربة التاريخية معه، التي أفضت إلى تجميد تخصيب اليورانيوم بين عامي 2003 و2005 حين كان مسؤولاً عن ملف التفاوض النووي الإيراني.
وبناءً على ذلك، رأى هارئيل أن الرئيس الأميركي باراك أوباما، الذي يعمل من أجل تقليص تدخل بلاده العسكري وراء البحار ولا يُبدي حماسة لخطوة عسكرية أميركية أو إسرائيلية ضد إيران، سيطلب من تل أبيب إتاحة الوقت ريثما تتضح الصورة.
وتوقف الكاتب عند شكوك تل أبيب في حقيقة اعتدال روحاني وقلقها من سذاجة الغرب على هذا الصعيد، مشيراً إلى أن لدى نتنياهو أسباباً جيدة تجعله يخشى من أن إسرائيل قد تبقى وحدها في المعركة، ومن أن القوى الكبرى ستوافق على تسوية غير مرضية مع طهران حول مشروعها النووي.
من جهته، رأى محرر الشؤون الأمنية في «يديعوت أحرونوت»، رون بن يشاي، أنه من الوضح تماماً أن روحاني سيحاول عرض تسوية على الغرب «مختلفة، لكن ليس كثيراً، عن مواقف المفاوضين الإيرانيين خلال العامين الأخيرين».
وإذ أشار إلى أن العرض الإيراني في عهد روحاني قد يتمحور حول المساومة على نسبة التخصيب أو تحول اليورانيوم المخصب إلى قضبان وقود نووي داخل إيران أو تركيب أجهزة طرد حديثة، رأى بن يشاي أن التفاوض على العرض الجديد وتكيف الغرب مع أسلوب روحاني في المفاوضات سيتيحان لإيران التقدم في برنامجها النووي عدة خطوات نحو الهدف الذي هو الوصول إلى دولة حافة نووية.
أما الرئيس الأميركي، وفي مقابلة مع المحاور في التلفزيون الأميركي العام تشارلي روز، فقال إن الولايات المتحدة وحلفاءها على استعداد لإجراء محادثات مع ايران حول برنامجها النووي ما دامت طهران تدرك أن العقوبات الدولية لن ترفع عنها إلا إذا أثبتت أنها لا تسعى الى امتلاك سلاح نووي. وأضاف أوباما «ما دام هناك فهم لأساس الحوار، فلا أرى مبرراً لعدم المضي قدماً».
وعن انتخاب روحاني قال: «أعتقد أن هذا معناه أن الشعب الايراني يريد التحرك في اتجاه مختلف. الشعب الايراني رفض المتشددين ورجال الدين في الانتخابات، الذين رفضوا الحلول الوسط في أي شيء وفي أي وقت وفي أي مكان. من الواضح أن هناك تعطشاً في إيران للتعامل مع المجتمع الدولي بطريقة أكثر إيجابية».
لكنه أشار الى أن المرشد علي خامنئي «لا يزال هو الزعيم الأعلى لإيران، لذلك علينا أن ننتظر لنرى كيف سيتطور الأمر، وكيف يتبلور خلال الأسابيع والشهور والسنوات المقبلة».
وفي طهران، قال المتحدث باسم الخارجية عباس عراقجي إن «المبادئ والقيم في سياسة الجمهورية الاسلامية الخارجية غير قابلة للتغيير، وإن التغيير سيطرأ على الطريقة وأساليب التعامل فقط».
وأضاف عراقجي خلال مؤتمره الصحافي الأسبوعي أن «سياسة طهران الخارجية مبدئية وتنبثق من المصالح والمبادئ والقيم الوطنية في إطار إرشادات قائد الثورة الاسلامية وتوجيهاته».
(الأخبار، مهر، أ ف ب، رويترز)