انتقلت المعركة الحامية بين الحكومة التركية والمعارضة من الشارع، حيث لا تزال ساحة تقسيم تشهد عمليات كر وفر بين الطرفين، إلى أروقة الدبلوماسية، بعدما باتت سياسة قمع التظاهرات محل قلق وإدانات واسعة عالمياً. ولعل آخر الانتقادات جاء أمس من البيت الابيض، حيث قال المتحدث باسمه جاي كارني، إن «تركيا صديق وثيق وحليف للولايات المتحدة ونتوقع ان تدعم السلطات التركية هذه الحريات الاساسية».
وقال كارني، إن وزير الخارجية الأميركي جون كيري، تحدث مع نظيره في تركيا أحمد داوود أوغلو، وإن اتصالاً آخر أُجري على مستويات مختلفة بين الولايات المتحدة وأنقرة بشأن الاحتجاجات.
وفي أعقاب توجيه رئيس الوزراء التركي رجب طيب اردوغان «إنذاراً أخيراً» الى المتظاهرين كي يخلوا على الفور حديقة غازي في اسطنبول، قال وزير الخارجية إنه لا يقبل إعراب الاتحاد الاوروبي عن مخاوفه إزاء الأحداث التي وقعت في تركيا في الآونة الأخيرة.
فبعيد إقرار البرلمان الأوروبي مقترحاً شديد اللهجة ضد الحكومة التركية بشأن احتجاجات ميدان تقسيم، قال داوود اوغلو «لن تجري تركيا محادثات غير مباشرة مع شعبها عبر أطراف ثالثة أو جماعات.
نحن نسوي خلافاتنا في ما بيننا. إذا كان هناك انتقاد يتعلق بالمعايير الديموقراطية فإننا نصغي إليه. لن نغير موقفنا والتزامنا بمعايير الاتحاد الأوروبي، لكننا لن ندع أبداً أي جماعة أو دولة تصدر الأوامر لتركيا».
وكان مسؤولون رفيعو المستوى في الاتحاد الأوروبي قد دعوا الحكومة التركية إلى التحقيق في الاستخدام المفرط للقوة ومحاسبة المسؤولين.
وحثت مسؤولة السياسة الخارجية في الاتحاد كاثرين اشتون، في نفس الجلسة البرلمانية، تركيا على التحقيق في حالات الاستخدام المفرط للقوة اثناء تظاهرات إسطنبول «بسرعة وبصورة كاملة».
أما رئيس الوزراء التركي، الذي وجه إلى المعارضة تحذيراً شديد اللهجة، فقال: «حافظنا على صبرنا حتى الآن، لكن صبرنا بدأ ينفد.
أوجه إنذاري الأخير: ايتها الأمهات والآباء الرجاء سحب ابنائكم من هناك»، مضيفاً في كلمة أمام رؤساء البلديات المنتمين الى حزبه العدالة والتنمية، في أنقرة، «لا يمكننا الانتظار أكثر من ذلك، لأن حديقة غازي ليست ملكاً للقوى التي تحتلها. إنها ملك للجميع».
وفي خطابه أكد اردوغان عزمه على استشارة سكان اسطنبول حول المشروع المتعلق بساحة تقسيم وحديقة غازي، التي كان نبأ هدمها الشرارة التي ساهمت في اندلاع التظاهرات في 31 ايار.
أمّا وزير الداخلية معمر غولير، فقال في أنقرة، إن «احتلال حديقة غازي لا يمكن ان يدوم.
منذ الأول من حزيران تحتل مجموعات مكاناً عاماً وتمنع الآخرين من الدخول اليه.. يجب ان يتوقف كل ذلك قبل ان يسبب مزيداً من التوتر».
في المقابل، أعلن المتظاهرون في حديقة غازي، أمس، أنهم يرفضون اخلاء المكان رغم «الانذار الأخير» الذي وجهه آردوغان تحت طائلة تدخل
الشرطة.
وقال المحامي جان اتالاي في مؤتمر صحافي باسم تجمع «تضامن تقسيم»، «سنظل في حديقة غازي مع خيمنا وحقائبنا واغنياتنا وكتبنا وقصائدنا وكل مطالبنا».
كذلك، رفض المتظاهرون اقتراح اردوغان اجراء استفتاء لتقرير مصير الحديقة واعتبروه غير قانوني ولا مرغوباً فيه.
واضاف اتالاي «لم نتعرض لكل هذه الهجمات التي طاولت نحو خمسة الاف من مواطنينا وخلفت قتلى وجرحى من اجل تنظيم استفتاء».
وفي أنقرة، قال أحد المحتجين «أعتقد أن هذا الاستفتاء بلا معنى، مثله مثل استفتاء بين ذئبين وخروف لاتخاذ قرار بشأن من يأكل الآخر. لذا فليس له معنى على الإطلاق».
من جهة ثانية، قالت هيئة الاذاعة الكندية (سي بي سي) إن اثنين من مراسليها يقومان بتغطية الاحتجاجات في مدينة اسطنبول أُطلق سراحهما بعدما احتجزتهما الشرطة أول من أمس.
(أ ف ب، رويترز)