كرّر رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان، للمرة الثانية هذا الأسبوع، التذكير بأن شرعيته جاءت من صناديق الانتخابات وحثّ أنصاره الذين استقبلوه في مطار اسطنبول فجر أمس على عدم الانخراط في أعمال عنف، وذلك في إظهار لقوة الحزب الحاكم بعد أسبوع من الاحتجاجات المناهضة للحكومة التي حظيت بعناية واشنطن التي وجهت انتقادات قاسية شبه يومية للحكومة التركية طوال هذا الاسبوع. وفي آخر خطاب ألقاه أمس في اسطنبول، قال رئيس الوزراء التركي إنه منفتح على «متطلبات الديموقراطية»، معبّراً في الآن ذاته عن رفضه لأعمال العنف، وذلك في اليوم الثامن من الاحتجاجات المعارضة لحكومته في تركيا.
وقال أردوغان: «نحن ضد العنف والهمجية والأعمال التي تهدد الآخرين باسم الحريات، ونستقبل بكل ترحاب اولئك الذين لديهم متطلبات ديموقراطية».
وكان أردوغان قد خاطب جمهوره من مطار اتاتورك بعد عودته من تونس فجر أمس قائلاً: «أطالب بوقف فوري للتظاهرات التي فقدت طابعها الديموقراطي وتحولت الى أعمال تخريب»، فيما لوحت الحشود بأعلام تركية ورددت «مستعدون للموت من اجلك يا طيب. فلنسحقهم جميعاً».
وقال أردوغان، الذي وقف على متن حافلة الى جانب زوجته وقسم كبير من أعضاء حكومته: «لقد حافظتم على الهدوء والمسؤولية والتعقل. علينا جميعاً ان نعود الى منازلنا... فأنتم لستم من الأشخاص الذين يقرعون على القدور في الشوارع».
وتابع: «نقف أقوياء، لكننا لم نتسم قط بالعناد... نحن معاً، نحن متّحدون، نحن أخوة»، مضيفاً وسط هتافات أنصاره أن «البعض يقول إن رئيس الوزراء هو رئيس وزراء 50 في المئة فقط. وقلنا دوماً إننا خدم لستة وسبعين مليوناً».
وفي تونس، تعهد رئيس الوزراء التركي أول من أمس المضي قدماً في خطة الحكومة لتطوير متنزه «غازي» في اسطنبول، ما دفع المستثمرين في البورصة التركية إلى موجة بيع للأسهم خشية أن تؤجج تصريحاته الحادة مزيداً من الغضب الشعبي.
وقال أردوغان إن «جماعات ارهابية» تستغل الاحتجاجات التي بدأت في صورة حملة للدفاع عن البيئة من بينها جماعة «جبهة حزب التحرير الشعبي الثوري» التي أعلنت مسؤوليتها عن تفجير استهدف السفارة الاميركية في أنقرة في اول شباط الماضي.
وللمرة الأولى تجمّع أنصار رئيس الوزراء التركي وسدوا الطرق المؤدية الى المطار طوال ساعات وهم في انتظاره الى ما بعد منتصف الليل.
وكان نائب زعيم حزب العدالة والتنمية حسين جليك، قد دعا أعضاء الحزب الى عدم التوجه الى المطار لاستقبال أردوغان لدى عودته لتجنب إثارة الاضطرابات.
وفي ميدان تقسيم، حيث يعتصم الآلاف على مدار الساعة، ردد بعض المحتجين «طيب استقل» وهم يتابعون البث الحي لكلمته. وفي متنزه كوجلو في أنقرة ردد الآلاف شعارات مناهضة للحكومة، بينما كان محتجون يرقصون ويغنون النشيد الوطني.
في المواقف الدولية، انتقدت واشنطن «الخطاب غير المفيد» لأردوغان الذي لا «يسهم في تهدئة الوضع». وفي موقف هو الخامس من نوعه هذا الاسبوع، قالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية جينيفر بساكي، في إشارة إلى تصريحات أردوغان في تونس: «ما زلنا ندعم بالتأكيد الاشخاص الذين يتظاهرون سلمياً ويمارسون حرية التعبير ونحن نشجع المسؤولين هناك على تحاشي الإدلاء بأية تصريحات غير مفيدة وبأي تعليق غير مفيد لا يسهم في تهدئة الوضع في تركيا».
وفي السياق، ندد الوزير الفرنسي للشؤون الأوروبية تييري روبنتان، بـ«قمع الشرطة» للتظاهرات في تركيا، بينما دعت المستشارة الألمانية انغيلا ميركل الحكومة التركية الى عدم استخدام العنف ضد المتظاهرين.
من ناحيته، قال مفوض الاتحاد الأوروبي لشؤون توسيع الاتحاد ستيفن فولي، إن لجوء الشرطة الى القوة «لا مكان له في (بلد) ديموقراطي». لكنه أوضح بحضور اردوغان في اسطنبول، قائلاً: «اسمحوا لي بأن أؤكد لكم أنه من جانبنا ليست لدينا النية في التخلي عن عملية انضمام تركيا إلى الاتحاد الأوروبي».
(أ ف ب، رويترز)