عمدت موسكو وواشنطن أمس إلى الحد من الانعكاسات السلبية الناجمة عن قضية التجسس التي كشفتها موسكو لأحد رجال وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية (سي آي إيه) راين فوغل، الذي كان يسعى إلى الحصول على معلومات عن تفجيري بوسطن. واستغرب مستشار الكرملين، يوري أوشاكوف، أمس، محاولة التجسس «الفظة والخرقاء». ورأى أن احتجاز موظف السفارة الأميركية في موسكو لن يؤثر على المحادثات بين الرئيسين الروسي والأميركي في إيرلندا الشمالية والتعاون بين أجهزة الأمن في التحقيق بملابسات العملية الإرهابية في بوسطن. وأوضح أوشاكوف، وهو مستشار لبوتين، «إننا مندهشون. هذا أقل ما يمكننا قوله لمحاولة التجنيد الفظة والخرقاء، فيما أعرب الرئيسان أوباما وبوتين عن عزمهما على تكثيف التعاون بين الأجهزة الخاصة».
بدوره، أكد النائب في مجلس الدوما فلاديمير بورماتوف، أن الواقعة لن يكون لها أثر كبير على العلاقات الروسية الأميركية. وقال بورماتوف، في إشارة إلى قانون أميركي صدر العام الماضي يحظر على الروس المتهمين بارتكاب انتهاكات حقوق الإنسان دخول أميركا، «كان تمرير قائمة ماجنيتسكي نهاية لمبادرة إعادة ضبط العلاقات المزعومة ... هذا لو كانت موجودة أصلاً. ومن غير المرجح إذا كان هناك رد فعل ملائم من الجانب الأميركي أن يكون لهذه الواقعة التي حدثت مع الجاسوس الذي تم ضبطه أثر من حيث زيادة الوضع توتراً».
وفيما لم تعلق الخارجية الروسية على الحادث بعدما اعتبرته «استفزازاً يعيد أجواء الحرب الباردة»، التقى السفير الأميركي في موسكو مايكل ماكفول مسؤولين من الخارجية الروسية أمس بعد استدعائه لتقديم توضيح حول وجود عميل مفترض للسي آي إيه في روسيا.
وقالت الخارجية الروسية، في تصريح يتناقض مع التصريحات السابقة الشديدة اللهجة، «بحث الجانبان في توسيع قاعدة العلاقات الثنائية وبعض أوجه الأجندة الدولية». كذلك، رأى الخبراء الروس أن القضية لن تؤثر كثيراً على العلاقات الثنائية.
وشدد المدير السابق في الأجهزة الخاصة، النائب عن الحزب الحاكم في روسيا، نيكولاي كوفاليف، على أن «الأميركيين لا يفعلون شيئاً لا تفعله أجهزة الاستخبارات الأخرى، بما فيها أجهزتنا». وذكر مساعد مدير المعهد الأميركي _ الكندي، فاليري غاربوزوف، أنه تم أيضاً تسوية فضيحة التجسس الأخيرة التي طردت خلالها الولايات المتحدة في 2010، 10 عملاء روس. ونقل موقع إلكتروني روسي عن الخبير قوله إن موسكو وواشنطن «ستسعيان إلى إعادة الأمور إلى طبيعتها».
وكانت الأجهزة الروسية الخاصة قد أوقفت السكرتير الثالث في السفارة الأميركية راين فوغل، الذي كان متنكراً، وهو يحمل مبلغاً كبيراً من المال و«ترسانة تجسس كلاسيكية». وقالت الأجهزة إنه كان يحاول تجنيد ضابط روسي مكلف بمكافحة الإرهاب في القوقاز الروسي.
وفي هذا الإطار، كشفت صحيفة «كومرسانت» الروسية أمس أن فوغل كان على الأرجح يسعى إلى جمع معلومات عن الأخوين تيمورلنك وجوهر تسارناييف المتهمين بتفجيري ماراثون بوسطن.
وربطت الصحيفة بين توقيف فوغل ورحلة قام بها وفد أميركي إلى داغستان في شهر نيسان الماضي بالتنسيق مع السلطات الروسية للتحقيق في التفجيرات. وأوضحت «كومرسانت» المعروفة باتصالاتها مع أجهزة الأمن ووزارة الخارجية «من المرجح أن الجانب الأميركي حصل خلال رحلة الوفد في نيسان على أرقام هواتف عملاء في جهاز الأمن الفدرالي الروسي». وأضافت «من الواضح أنهم قرروا استخدام تلك الأرقام لإجراء اتصالات شخصية مع عناصر مكافحة الإرهاب (الروس) لأن تبادل المعلومات بين أجهزة الاستخبارات الخاصة على شكل أسئلة وأجوبة ليس دائماً سريعاً أو سلساً».
إلى ذلك، أعلن سكرتير مجلس الأمن القومي نيكولاي باتروشيف أنه سينقل رسالة من الرئيس فلاديمير بوتين إلى الرئيس باراك أوباما تتضمن «فقرة واضحة حول ضرورة وأهمية التعاون بين الأجهزة الخاصة» في البلدين.
(أ ف ب، رويترز)