دعا زعيم المعارضة في فنزويلا، إنريكي كابريليس، الحكومة إلى الحوار لحل الأزمة التي تعيشها البلاد في أعقاب الانتخابات الرئاسية التي أسفرت عن فوز نيكولاس مادورو، معلناً إلغاء تظاهرة كانت مقررة أمس الاربعاء في مؤشر على التهدئة. وقال حاكم ولاية ميراندا، في مؤتمر صحافي في مقره بكراكاس، «كل الموجودين هنا، جميعنا على استعداد لفتح حوار بهدف حل هذه الأزمة في الساعات المقبلة». وأضاف «لم أسمع في الساعات الأخيرة من السيد مادورو حلاً للمشكلة التي تمر بها البلاد أو خطة للخروج من هذه الأزمة». وبعدما جدد مطالبته بإعادة فرز بطاقات التصويت، اتهم المرشح الخاسر في الانتخابات الأخيرة الحكومة بالوقوف «خلف حلقات العنف» أثناء التظاهرات التي خلفت سبعة قتلى و61 جريحاً منذ مساء الاثنين، حسب حصيلة رسمية أشارت إلى اعتقال 135 شخصاً.
كذلك ألغى كابريليس التجمع المقرر أمام مقر المجلس الوطني الانتخابي، موضحاً أن الحكومة خططت «للتسلل» إلى المسيرة وإثارة توترات وإلقاء اللوم عليه. ورأى أن من يخرج للتظاهر «سيكون إلى جانب العنف ويخدم مصلحة الحكومة التي ترغب في سقوط المزيد من القتلى في البلاد». وكان كابريليس يعتزم قيادة مسيرة للجنة الانتخابية، أمس الأربعاء، للمطالبة بإعادة فزر الأصوات، بعدما أوضحت النتيجة الرسمية فوز نيكولاس مادورو بفارق ضئيل.
في المقابل، أعلن مادورو أنه لن يسمح للمعارضة بتنظيم المسيرة. وحمّل المعارضة التي وصفها «بالفاشية» مسؤولية سقوط الضحايا في أعمال العنف التي أعقبت الإعلان عن نتائج الانتخابات، واتهم خصمه كابريليس بمحاولة تدبير انقلاب، وقال إن الولايات المتحدة موّلت تلك الأحداث.
ومنذ بدء الأزمة، أعلنت السلطات الفنزويلية توقيف أكثر من 135 شخصاً ومجموعة محدودة من العسكريين يشتبه في تآمرهم مع المعارضة. ولم تستبعد الحكومة أن يكون كابريليس نفسه موضع تحقيقات، بعدما وعد رئيس الجمعية الوطنية، ديوسدادو كابيلو، أحد أعمدة النظام، بالسعي إلى فتح «تحقيق جنائي» بحقه في أعقاب مقتل متظاهرين.
من جهة أخرى، أعربت منظمة الدول الاميركية عن «قلقها العميق» حيال أعمال العنف التي تتبادل المعارضة والسلطة الاتهامات بشأنها.
وفي إطار متصل، أعلن وزير الاعلام انريكي فيليغاس أن رئيس بوليفيا إيفو مورالس سيحضر مراسم تأييد اليمين الدستورية لمادورو يوم الجمعة. وأشار إلى أن نحو 15 دولة سترسل وفوداً «رفيعة المستوى» لحضور الحفل في كراكاس.
وعلى رغم دعم قادة أميركا اللاتينية لمادورو، أكد العديد من المحللين أن حجم التحديات الداخلية في فنزويلا ستمنع الرئيس المنتخب من مواصلة دور الزعامة الإقليمية الذي كان يضطلع به الرئيس الراحل هوغو تشافيز.
وفي هذا السياق، قال البروفسور والمحلل في معهد العلاقات الدولية في جامعة برازيليا السيدس كوستا فاز لوكالة «فرانس برس» «إنه فوز ضيق، لكنه فوز بطبيعة الحال، وغالبية الدول الاميركية اللاتينية أدركت الامر على هذا النحو. والآن مع الوضع الذي بات دقيقاً للغاية، فإن هذا الدعم يخدم (نيكولاس مادورو)، لكنه غير كاف».
وشدد كوستا فاز على أن مادورو سيواجه تحديات كبرى، مثل انعدام الامن والتضخم والنقص في السلع وتدهور الانتاج النفطي في البلاد التي تملك أكبر احتياطي للخام في العالم. لذلك «فأجندته ستكون داخلية وقدرته على التأثير والتحرك على الصعيد الدولي ستكون محدودة».
بدوره، رأى منسق معهد الدراسات الاقتصادية والدولية في جامعة ساو باولو الرسمية، لويس فرناندو ايربي، أنه «ليس هناك، لا المكان ولا الوسائل، لكي يتمكن مادورو من متابعة نشاط تشافيز وحيويته على الصعيد الدولي»، ما جعله بطل الاندماج الاقليمي والخصم العنيد لـ«الامبريالية» الاميركية. وأضاف ايربي «إن فنزويلا ليست على شفير الهاوية كما يقول كثيرون، بل بلد يواجه مشكلات إدارية جدية في القطاع النفطي تتطلب أكبر قدر من الانتباه الداخلي».
إلى ذلك، اتهم الرئيس البوليفي إيفو موراليس الولايات المتحدة بـ«الإعداد لانقلاب» في فنزويلا، وذلك بعد دعوة واشنطن لإجراء عملية تدقيق في نتائج الانتخابات الرئاسية. ورأى أن واشنطن تسعى «لخلق عدم استقرار» في فنزويلا، «وذلك لتبرر لاحقاً تدخلها». وأضاف «إزاء الاستفزاز والاعتداء من الحكومة الاميركية على الرفيق (مادورو) وشعبه الثوري، سندافع عن هذا الشعب» الذي «يراهن على التغييرات الاجتماعية والاقتصادية والسياسية».
(أ ف ب، رويترز)