هي الدقة الإنكليزية في كل شيء، حتى في الموت. مارغريت ثاتشر توفيت منذ 3 أيام، لكن مأتمها كان يحضّر منذ 4 سنوات... تحت إشرافها! تقديس المحافظين البريطانيين للحاكمة المَثَل، جعلهم يجتمعون في عام 2009، بعد أول وعكة صحّية جدّية تصاب بها، ليحضّروا مراسم مأتمها، طبعاً بالتنسيق معها. شكل المأتم، رتبته، مكانه، لائحة المدعوّين، التدابير الأمنية، جوقة المرتّلين، الموسيقى التي ستعزف خلال المراسم... كل التفاصيل بُحثت في اجتماعات دورية كانت تعقد كل ستة أشهر وتكثّفت بعد تدهور صحة رئيسة الوزراء السابقة لتتحول إلى لقاءات يومية منذ يوم وفاتها. المجتمعون ألّفوا لجنة خاصة للحدث تضمنت شخصيات من كبار المسؤولين الحكوميين المحافظين، اضافة الى ممثلين رسميين من قصر باكنغهام، ومسؤولين في الشرطة ونواب. تروي صحيفة «ذي إندبندنت» البريطانية أنه مع بدء التحضيرات لمأتم ثاتشر عام 2009، أطلقت اللجنة الموكلة بالأمر لقب Iron Bridge «آيرون بريدج» على العملية. لكن المحافظين قرروا بعد سنة تغيير الاسم الى عملية «ترو بلو» True Blue. وكان رئيس اللجنة روس، يؤدي دور الوسيط بين القصر الملكي وثاتشر وعائلتها. كل التفاصيل كانت تنسّق مع رئيسة الوزراء، وهي التي لم ترد إقامة مراسم تأبين حكومية واسعة منذ البداية، كما تنقل صحيفة «ذي صانداي تايمز». ثاتشر رفضت تحديداً إقامة استعراض جوي للطائرات الحربية أو حضور عدد كبير من الشخصيات السياسية والاجتماعية.
وترغب ثاتشر في أن يعرض التابوت الحامل لجثمانها أثناء مراسم التشييع في القاعة الكبيرة لـ«وستمنستر هول» (مقر البرلمان البريطاني)، وتمنّت أن يحضر المراسم فقط نواب البرلمان والشخصيات الذين سيحصلون على دعوات خاصة. ثاتشر رغبت أيضاً في أن تقام الصلاة على جثمانها في كاتدرائية سانت بول، وعلى وقع موسيقى من تأليف البريطاني إدوارد إلغار بأداء اوركستري.
مقال «ذي إندبندنت» ينقل عن أحد أعضاء اللجنة أنهم رتّبوا أيضاً تدابير لمواجهة تظاهرات محتملة معادية لثاتشر خلال المراسم، «وهذا ما برر وجوب حضور ممثلين عن الشرطة منذ اليوم الأول للتحضيرات».
وزير الخارجية البريطانية، ويليام هيغ، تطرّق، أول من أمس، إلى موضوع المصاريف التي ستتكبدها الحكومة لتغطية نفقات المأتم والتي ستكلّف نحو 10 ملايين جنيه. هيغ أشار الى أن «عائلة ثاتشر ستتكفل بجزء من تلك المصاريف، وأن دافعي الضرائب البريطانيين يمكنهم أن يتحملوا جيداً دفع الباقي».
الثلاثاء المقبل، ستبدأ مراسم دفن جثمان ثاتشر خلال مراسم تقليدية تمرّ بقصر ويستمينستر حيث تحطّ في كنيسة سانت ماري أندركروفت. وفي اليوم التالي (أي في 17 نيسان) ستقفل شوارع لندن ليمرّ النعش بين حشود الراغبين في إلقاء التحية الاخيرة وسط تدابير أمنية مشددة. المحطة الأخيرة في قداس في كاتدرائية سانت بول ثم مراسم حرق الجثة في جلسة خاصة ومغلقة.
(الأخبار)