«حان وقت اعتماد الاستراتيجية بدل التكتيك تجاه إيران»، هكذا يقول عنوان التقرير الصادر أخيراً عن «مركز التفكير» الأميركي «ذي أتلانتيك كاونسل» الذي يرأسه وزير الدفاع الحالي تشاك هاغيل، ما يجعله أحد مراكز الأبحاث المؤثرة في صناعة القرار في الإدارة الأميركية الحالية. خلاصة البحث تقول إن على واشنطن تغيير نمط تعاملها مع طهران بغية التوصل الى مرحلة تتخلى فيها إيران عن مشروع امتلاك السلاح النووي بالكامل. كيف؟ يطرح «ذي أتلانتيك كاونسل» أربعة سبل، هي: أولاً، المفاوضات التي تتضمن محادثات ثنائية مباشرة. ثانياً، تفعيل العلاقات مع الشعب الإيراني ودعم التحول نحو الديموقراطية وتسهيل تجارة المأكولات والأدوية والتجهيزات الطبية. ثالثاً، الحدّ من قدرة إيران على أذية مصالح الولايات المتحدة وحلفائها في المنطقة. رابعاً، إشراك الشعب الإيراني أكثر والتواصل معه من خلال التبادل الإعلامي والتكنولوجي والأكاديمي والثقافي والرياضي، اضافة الى القنوات الدبلوماسية المباشرة.
تحت عنوان «التأثير على الإيرانيين العاديين»، يخصص التقرير جزءاً كبيراً لكيفية اختراق المجتمع الإيراني ووجوب دخول الولايات المتحدة من خلال مؤسسات إنسانية ومنظمات غير حكومية للعمل من الداخل الإيراني. التقرير يقول صراحة إن أحد أهداف تلك القنوات «الدبلوماسية» هو «دعم التغيير السياسي تدريجاً داخل إيران». معدّو التقرير يصنفون أيضاً إعادة إحياء عملية السلام بين الدول العربية وإسرائيل، وبرعاية أميركية، كوسيلة من وسائل إضعاف إيران والحفاظ على السيطرة الأميركية في المنطقة. هم يرون أيضاً «تراجعاً لقوة إيران في المنطقة مع انهيار نظام بشار الأسد في سوريا واهتزاز تأييد حماس وحزب الله لها». ورغم رسالة التقرير «السلمية»، لا يتردد معدّوه في تقديم نصيحة لأوباما حول ضرورة التدخل عسكرياً في إيران في حال فشل المساعي الأخرى.

4 وسائل قاضية

أما وسائل إنهاء برنامج إيران النووي والتخلص من المشروع المعادي لأميركا في المنطقة، ففصّلها التقرير في صفحاته كما يأتي:
ــ في الوسيلة الأولى، يقترح التقرير على إدارة باراك أوباما أن تعتمد خريطة طريق تقلّص فيها العقوبات النفطية والمالية على إيران، تمهيداً لإلغائها، في مقابل تخلّي طهران عن تخصيب اليورانيوم واحتفاظها بمستويات تخصيب منخفضة للاستخدام السلمي. لكن التقرير يشير الى أنه في حال رفض إيران هذا العرض فإن ذلك سيتطلب زيادة العقوبات عليها من قبل الولايات المتحدة والأمم المتحدة وإبقاء «العمل السرّي». التقرير يتابع أن الخيار العسكري هو آخر الخيارات المطروحة، لكن على أوباما أن يكون جدياً بخصوصه إذا لم يبق في الافق أي حل آخر لتدمير البرنامج النووي الإيراني.
ــ في الوسيلة الثانية، تركيز على العلاقات مع المواطنين الإيرانيين وعلى تفعيل التجارة مع البلد. وهنا يقترح التقرير أن يتم ذلك عبر عدد محدود من مؤسسات مالية أميركية وإيرانية خاصة، أو من خلال مصارف في دولة ثالثة تشكّل قنوات للتحويلات المالية الخاصة بالمساعدات الإنسانية والنشاطات الثقافية والرياضية ومصاريف الدبلوماسية العامة. يشرح التقرير أن تسهيل العلاقات التجارية بين الشعوب سيصعّب على النظام الإيراني الاستمرار في استخدام الحصار الاقتصادي كشمّاعة يبرر فيها عجزه عن تلبية احتياجات شعبه. وبالإضافة الى ذلك، تكون الولايات المتحدة قد حسّنت صورتها تجاه الرأي العالم الدولي في ما يتعلق بفرض العقوبات وتأثيراتها السلبية على الشعب الإيراني.
ــ الوسيلة الثالثة، هي في أن تتصدى واشنطن لإيران وتحمي المصالح الأميركية ومصالح حلفائها في المنطقة. كيف؟ من خلال تشكيل ودعم معارضة سورية قادرة على الحلول مكان نظام بشار الأسد، ومن خلال إعادة إحياء محادثات السلام بين العرب وإسرائيل، وتفعيل العلاقات الأميركية مع كل من مصر وتركيا ودول مجلس التعاون الخليجي. كما يقترح التقرير إشراك إيران بفعالية في المرحلة الانتقالية في أفغانستان وفي إيجاد بعض الحلول للأوضاع هناك.
ــ في الوسيلة الرابعة والأخيرة، يعود التقرير ليركّز على الشعب الإيراني وكيفية التواصل معه. وهذا يقوم، حسب التقرير، على تبادل دقيق بين الولايات المتحدة والإيرانيين. ومن بين طرق التواصل المباشر، يقترح معدو التقرير إنشاء قسم افتراضي تابع لوزارة الخارجية الأميركية مخصص لإيران، يسهّل منح التأشيرات للراغبين ويفتح قنوات عمل ميداني مثل «منظمات غير حكومية» على الأراضي الإيرانية ومجموعات كالمجموعات الإيرانية داخل الولايات المتحدة. لكن التقرير يشدد هنا على ضرورة أن يكون للخارجية الأميركية قنوات على الأراضي الإيرانية لرصد التطورات الإيرانية من الداخل ودعم التغيير السياسي والترويج لمبادئ حقوق الإنسان، إضافة الى دعم مشاريع التبادل الأكاديمي والتواصل بين الجامعات الإيرانية والأميركية. التقرير لا يغفل التطرّق صراحة الى سيناريوهات زعزعة النظام الإيراني من الداخل، ويضع ذلك في المقطع المخصص للانتخابات الرئاسية الإيرانية المقبلة. فيقول مثلاً إن أي تظاهرة في الموسم الانتخابي قد تتحول الى تظاهرة ضد الحكومة الإيرانية. كما يشير الى التظاهرات التي قد تخرج اعتراضاً على تدهور الوضع الاقتصادي. موت المرشد علي خامنئي (٧٣ عاماً) قد يشعل أزمة سياسية وأزمة خلافة، يذكر التقرير. ويشرح أن انهيار نظام بشار الأسد في سوريا سيؤثر سلباً على إيران وسيدفع الإيرانيين الى التساؤل عن حكمة مسؤوليهم في صرف أموال طائلة لدعم هكذا نظام وتسليحه.
وفي السياق، يرى معدّو التقرير أن مرشد الجمهورية الإسلامية، علي خامنئي، سيحرص على اختيار رئيس «وفيّ وبصلاحيات محدودة». ويورد التقرير بعض أسماء المرشحين الأكثر ترجيحاً للرئاسة وهم: علي أكبر ولايتي، علي لاريجاني، علي صالحي، سعيد جليلي وغلام علي حداد عادل، وهو الرئيس السابق للمجلس النيابي، وابنته متزوجة بابن خامنئي، مجتبى.



نجاد: أصبحنا دولة نوویة ولن يوقفنا أحد

شدد الرئیس الإیراني، محمود أحمدي نجاد، أمس، علی ضرورة إسراع وتیرة النشاطات النوویة الإیرانیة السلمیة، مؤكداً أنه لن یكون هناك توقف في البرنامج النووي لبلاده. وقال، خلال إحياء الیوم الوطني للتقنیة النوویة، «لقد أصبحت إیران دولة نوویة ولیس بمقدور أحد أن یحرم البلاد من هذه التقنیة»، منتقداً بشدة كیفیة إدارة العالم من قبل بعض «الدول السلطویة».
وفي إشارة الى تدشين منجمي يورانيوم ومعمل لإنتاج الكعكة الصفراء في إيران أمس، قال نجاد «كان مقرراً أن یتم تدشین 5 محطات للطاقة الذرية شبیهة بمفاعل طهران النووي، ویجب علی المسؤولین في المنظمة الإيرانية للطاقة النووية الإسراع في تنفیذ هذه المشاریع».
بدوره، قال رئيس المنظمة الإيرانية للطاقة الذرية، فريدون عباسي دواني، «لن نوقف تخصيب اليورانيوم بنسبة 20 في المئة... الذي يستخدم وقوداً لمفاعل البحث في طهران»، حسبما ذكرت وكالة ايسنا للأنباء. وأكد، على هامش الاحتفالات باليوم العالمي للتكنولوجيا النووية، «لا نزال بحاجة الى إنتاج الوقود... لن نرسل بالتالي مخزوناتنا الى الخارج ولن نخففها».
(إرنا، أ ف ب)