بدت المعلومات متضاربة حول نتائج مفاوضات آلما أتا النووية بين إيران من جهة والدول الخمس الدائمة العضوية في مجلس الأمن وألمانيا من جهة أخرى. ففيما لم يتحقق اختراق بشأن برنامج طهران النووي، لكون مواقف الجانبين لا تزال «متباعدة جداً»، أكد وزير الخارجية الأميركي جون كيري، أمس، أن «5+1» ستواصل المحادثات مع طهران، لكنه شدّد على أن العملية لن تستمر الى الأبد.
وغداة انتهاء الجولة الاخيرة من المفاوضات في كازاخستان، قال كيري بعد أن وصل الى إسطنبول في المحطة الأولى من جولة يقوم بها في الشرق الأوسط وأوروبا وآسيا وتستمر عشرة أيام «إن الرئيس الأميركي باراك أوباما ملتزم بمواصلة العملية الدبلوماسية على الرغم مما وصفه بعامل الانتخابات الإيرانية (تجرى في حزيران) الذي يزيد الوضع تعقيداً. وأضاف أن «الدبلوماسية مهمة صعبة ومهمة من يتحلون بالصبر». وقال، في مؤتمر صحافي مشترك مع نظيره التركي أحمد داوود أوغلو، «إنها ليست عملية من دون نهاية... لا يمكن أن نتحاور فقط من أجل الحوار».
وعلق دبلوماسي أميركي أن «إيران تريد تقديم تنازلات محدودة جداً في ما يتصل ببرنامجها النووي وتتوقع في المقابل نتائج كبيرة»، مضيفاً أن «نوعية المناقشات (في آلما أتا) كانت مختلفة. لقد تحدثنا عن كل الموضوعات بطريقة من شأنها إعادة إرساء الثقة»، لكنه تدارك «إننا لم نبلغ بعد (مرحلة) المشاورات الأساسية».
بدورها، أكدت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الأميركية، فيكتوريا نولاند، على الجانب الإيجابي للمحادثات مع الإيرانيين. وقالت «لقد تطرقوا الى المشاكل الفعلية، وهذا لم يحصل على الدوام في السابق».
من ناحيتها، قالت وزيرة خارجية الاتحاد الأوروبي، كاثرين آشتون، التي تدير هذه المفاوضات ممثلة لمجموعة الست، إن «من الواضح أن مواقف الطرفين لا تزال متباعدة جداً». وأضافت، أمام الصحافيين في آلما أتا، أن الدول الأعضاء في مجموعة «5+1» وإيران لم تتوافق على موعد الاجتماع المقبل ومكانه.
وتابعت آشتون «توافقنا إذن على أن يعود جميع الاطراف الى عواصمهم لتقييم المرحلة التي بلغتها عملية» التفاوض، مضيفة: «سأظل على اتصال بـ(كبير المفاوضين الايرانيين سعيد) جليلي لتحديد مسار التحرك المقبل».
كذلك كان موقف نائب وزير الخارجية الروسي، سيرغي ريابكوف، الذي ركّز على صعوبة إحراز تقدم في المفاوضات، نافياً وجود «تفهّم متبادل» بين الجانبين.
في المقابل، دعا أمين المجلس الأعلى للامن القومي الايراني، سعيد جليلي، الدول الست الى «كسب ثقة الشعب الإيراني» لمواصلة التفاوض حول برنامج طهران النووي، قائلاً للصحافيين في آلما أتا، إن على الدول الكبرى أن «تظهر صدقها وتتبنى سلوكاً مناسباً في المستقبل»، لافتاً الى أن «هناك مسافة معينة بين مواقف كل من الجانبين». وقال جليلي أيضاً «نعتقد أن الشعب الايراني لن يتراجع عن الحق في تخصيب اليورانيوم، سواء بنسبة خمسة في المئة أو عشرين في المئة»، مضيفاً أن «هناك مسافة معينة بين مواقف كل من الجانبين».
ورأى خبراء أن من غير المرجح إحراز تقدم في هذه المحادثات قبل الانتخابات الرئاسية الايرانية المرتقبة في 14 حزيران، والتي لا يمكن للرئيس الايراني محمود أحمدي نجاد أن يترشح فيها بعدما شغل ولايتين متتاليتين.
في غضون ذلك، دعا وزير الشؤون الاستراتيجية والاستخبارات الاسرائيلي يوفال شتاينتز، أمس، المجتمع الدولي الى إعطاء إيران إنذاراً نهائياً من «بضعة أسابيع أو شهر» لوقف تخصيب اليورانيوم أو مواجهة ضربة عسكرية محتملة.
وقال شتاينتز، في حديث إلى إذاعة جيش الاحتلال الاسرائيلي، إن آخر جولة غير حاسمة من المحادثات النووية بين إيران والقوى الدولية تثبت أن الجمهورية الاسلامية تماطل. ورأى أن «الإيرانيين يلعبون ويضحكون في طريقهم (لتصنيع) الى القنبلة»، مضيفاً أنه «حان الوقت لتقديم التهديد العسكري أو نوع من الخطوط الحمر للإيرانيين، إنذاراً لا لبس فيه من كل أنحاء العالم (يجب أن تسلمه) الولايات المتحدة والغرب». وتابع «بينما تتقدم إيران في تخصيب اليورانيوم، فإن من المرجح أن تصبح دولة تجاوزت العتبة النووية ويجب وقفها الآن».
من جهة ثانية، نقلت وكالة الأنباء الطلابية الإيرانية (ايسنا) عن مسؤول أمس أن دبلوماسياً سعودياً منع من مغادرة إيران لاتهامه بالتسبب في قتل مواطن إيراني في حادث سير حين كان يقود سيارته «في حالة سكر». ووقع الحادث في 14 آذار، وكان موضع احتجاج وزارة الخارجية الإيرانية لدى السفارة السعودية، حيث تؤكد السلطات الإيرانية أنه كان «يقود وهو في حالة سكر».
وقال رئيس لجنة الشؤون الخارجية والأمنية في البرلمان الإيراني، علاء الدين بروجردي، للوكالة «عُثر على عدة زجاجات كحول في سيارة الدبلوماسي، وبحسب نتائج اختبار الكحول الذي أجرته الشرطة، فقد كان في حالة سكر». وأضاف المسؤول الإيراني «إلى حين توضيح وضع أسرة (الضحية) وحقوقها، فإن هذا الدبلوماسي ممنوع من مغادرة أراضي إيران». ولاحظ أنه «صحيح أن الدبلوماسيين يتمتعون بالحصانة، لكن عليهم أيضاً احترام قوانين البلد» الذي يعملون فيه.
(أ ف ب، رويترز)