إسطنبول | أعلن وزير الخارجية التركي أحمد داود أوغلو، أمس، أنه اتفق مع وزيرة العدل الاسرائيلية تسيبي ليفني على بدء مباحثات عاجلة بين الطرفين لحلّ موضوع التعويضات لعائلات الضحايا الأتراك الذين سقطوا شهداء بنيران جيش الاحتلال خلال كسر الحصار عن قطاع غزة عبر أسطول الحرية، والتي وعد رئيس الحكومة العبرية بنيامين نتنياهو بدفعها خلال اعتذاره لرئيس الوزراء رجب طيب أردوغان، في اتصال هاتفي جرى برعاية الرئيس الأميركي باراك أوباما، فيما يرتقب أن يعود سفيرا البلدين الى مزاولة عملهما الدبلوماسي.
وتوقع داوود أوغلو أن يحسم ملف التعويضات خلال فترة قصيرة. جاء إعلانه هذا ردّاً على هجوم المعارضة التي اتهمت رئيس الوزراء أردوغان بتجاهل حقوق المتضررين من العدوان على سفينة «مرمرة»، حيث لم تقرر إسرائيل بعد دفع التعويضات لهم.
كذلك اتفقت ليفني مع داوود أوغلو على تشكيل لجنة مشتركة وبمستوى كبير لمناقشة ترتيبات دفع التعويضات. ويقف على رأس اللجنة من الجانب التركي نائب وزير الخارجية، السفير التركي السابق في إسرائيل، فريدون سنيورلو، ومن الجانب الاسرائيلي رئيس هيئة الأمن القومي اللواء يعقوب عميدرور، ومبعوث نتنياهو لشؤون العلاقات مع تركيا المحامي يوسف تشاحنوبر.
بدورها، أشارت صحيفة «يديعوت أحرونوت» الى وجود خلافات بين تركيا وإسرائيل حول حجم التعويضات. وبحسب الصحيفة، يطالب الأتراك بدفع مبلغ مليون دولار لكل عائلة تركية، بينما وافقت إسرائيل على دفع 100 ألف دولار لكل عائلة، أي ما يشابه ما يدفعه الجيش التركي لعائلات جنود الشهداء، وتصل قيمته الى 125 ألف ليرة تركية وتعادل 70 ألف دولار.
في غضون ذلك، لا يزال النقاش والتكهنات محتدمة حول خلفيات الاتصال الهاتفي الذي جرى بين أردوغان ونتنياهو، وخصوصاً بعد تصريحات الأخير التي أكد فيها أن التطورات في سوريا هي التي دفعته إلى الاعتذار من تركيا، نظراً إلى أهمية الدور التركي في تطورات الوضع السوري والإقليمي.
بدوره، قال الرئيس الاسرائيلي شمعون بيريز لصحيفة «حرييات» التركية إن المصالحة التركية الإسرائيلية تعتبر تحولاً سياسياً مهماً سينعكس على مجمل تطورات المنطقة، وخصوصاً سوريا.
وفي السياق، توقعت مصادر دبلوماسية أن يتوجه السفير التركي الى إسرائيل خلال هذا الأسبوع، بعد أن يصل السفير الإسرائيلي الى أنقرة. وكان الأخير قد غادر أنقرة بناءً على قرار الحكومة التركية بعد العدوان الإسرائيلي على سفينة مرمرة في أواخر أيار 2010. وتوقعت المصادر نفسها أن تعود العلاقات العسكرية بين الدولتين إلى وضعها الطبيعي، بحيث تستأنف إسرائيل عملية إرسال طائرات التجسس بدون طيار، التي قررت بيعها لتركيا وأرسلت 6 منها عام 2009، فيما أشارت معلومات صحافية الى احتمال إرسال إسرائيل الأجهزة والمعدات الإلكترونية اللازمة لطائرات «الأواكس»، التي سبق لأنقرة أن أشترتها من أميركا.
وكتبت الصحف التركية تقول إن اسرائيل ستشارك في حزيران المقبل في المناورات الجوية التي تجري في الأجواء التركية بمشاركة أميركا وبعض الدول الأوروبية، وربما الأردن وقطر والإمارات. وأشارت مصادر عسكرية الى أن الحكومة التركية وافقت في نهاية العام الماضي على التعاون الأطلسي مع إسرائيل مقابل نشر صواريخ «باتريوت» الأطلسية على أراضيها قبالة الحدود السورية. وقالت إن الحكومة التركية ستُعيد النظر في العديد من مشاريع التعاون العسكري مع إسرائيل، بما فيها تحديث الدبابات التركية، وهو الموضوع الذي سبق أن جمدته حكومة أردوغان قبل 3 أعوام.
وكان التعاون الاقتصادي قد استمر بين الدولتين، ليصل حجم التبادل التجاري الى 3 مليارات دولار سنوياً، من دون أن يتأثر بتوتر العلاقات، خلافاً للسياحة التي تأثرت، حيث ألغت الشركات السياحية الإسرائيلية جميع عقودها مع الشركات السياحية التركية، فيما كانت تستقبل سنوياً حوالى 200 ألف سائح إسرائيلي.
من جهة ثانية، نقلت صحيفة «يديعوت أحرونوت» عن مصدر دبلوماسي تركي قوله إن أردوغان يتعرض لضغوط أميركية من أجل الامتناع عن زيارة قطاع غزة في الوقت الحالي وعشية بدء ترميم العلاقات بين تركيا وإسرائيل. لكن المصدر الدبلوماسي التركي أضاف أنه «يوجد تفكير في تركيا في إمكانية زيارة وفد رفيع المستوى برئاسة وزير الخارجية داوود أوغلو لإسرائيل قبل الزيارة لغزة والضفة الغربية، وهناك إمكانية لدعوة شخصية إسرائيلية رفيعة المستوى لزيارة تركيا في حال الاتفاق على دفع التعويضات لعائلات ضحايا اعتداء مرمرة من دون حدوث تعقيدات».
وبالرغم من مساعي إعادة ترتيب العلاقات بين البلدين، هاجم رئيس حزب «البيت اليهودي» ووزير الصناعة والتجارة في الحكومة الاسرائيلية، نفتالي بينيت، إدارة الحكومة التركية للأزمة مع إسرائيل، مؤكّداً أن أردوغان «منذ الاعتذار، يفعل كل شيء من أجل جعل إسرائيل تندم على ذلك»، وأنه «يدير حملة شخصية ولاذعة على حساب العلاقات الإسرائيلية التركية». وشدد على أن إسرائيل ستردّ بشدة لا تقل عمّا سبق في مواجهة الارهاب.