نجحت قبرص في إقناع الجهات الدائنة الدولية بتوقيع اتفاق يجنّبها الافلاس والخروج من منطقة اليورو، لقاء خسائر فادحة لمودعي أكبر مصارف الجزيرة وتصفية ثاني أكبر مصارفها. وقال المتحدث باسم الحكومة خريستوس ستيليانيديس، أول من أمس، «أخيراً قبرص خرجت من فترة الشكوك وعدم الاستقرار الاقتصادي، وتم تفادي الافلاس، ما كان سيعني الخروج من منطقة اليورو بعواقب كارثية». وبحسب الاتفاق الموقّع، ستحصل قبرص على مساعدة بقيمة 10 مليارات يورو لقاء تحجيم قطاعها المصرفي من خلال إغلاق مصرف لايكي، ثاني أكبر مصارفها. وسيطاول هذا الاجراء أصحاب الاسهم والسندات والودائع ما فوق مئة ألف يورو، ما يوازي 4,2 مليارات يورو بصورة إجمالية.
وفي المقابل، تستثنى من الخطة بالكامل جميع الودائع الصغيرة التي ستنقل إلى «مصرف صالح» يتم إنشاؤه لاستيعابها، فيما تحوّل الاموال الاخرى إلى «مصرف سيّئ» مكلف باستيعاب الاصول التي أطلقت عليها تسمية «المسمومة».
بدوره، أقرّ وزير المال القبرصي، مايكل ساريس، بأن اقتطاعات «كبيرة» ستطال أصحاب الودائع التي تتجاوز 100 ألف يورو في أكبر مصرفين في قبرص. ورداً على سؤال عن إمكانية اقتطاع 40%، رأى أن «ذلك يمكن أن يكون على هذا المستوى»، لكنه لم يشأ أن يطرح رقماً دقيقاً في هذه المرحلة.
وإضافة إلى إعادة هيكلة القطاع المصرفي، ستوقّع السلطات القبرصية في الأسابيع المقبلة مع الترويكا (الاتحاد الاوروبي والبنك المركزي الاوروبي وصندوق النقد الدولي) بروتوكول اتفاق لإجراء إصلاحات بنيوية وعمليات خصخصة مع رفع الضريبة على الشركات من عشرة إلى 12,5 في المئة. كذلك، على قبرص أن تعمل على مكافحة تبييض الاموال بحسب نتائج عملية تدقيق وشيكة.
وفي أول تعليق له على الاتفاق، أقرّ الرئيس القبرصي نيكوس اناستاسيادس، مساء الاثنين، بأن الاتفاق «مؤلم»، لكنه رأى في خطاب تلفزيوني أن الجزيرة المتوسطية ستنهض من الازمة. وشدد على أن «الاتفاق الذي أبرمناه مؤلم لكنه، نظراً إلى الظروف، كان أفضل ما يمكننا الحصول عليه. تجاوزنا خطر إفلاس قبرص والعواقب المأسوية على الاقتصاد والمجتمع».
وقال الرئيس اليميني إنه اتخذ «قرارات مؤلمة لإنقاذ البلاد من الإفلاس»، واعداً بأن «تنهض (قبرص) مجدداً» من عثرتها.
وأضاف أن مهمته مع الجهات الدولية المانحة كانت «مهمة بالغة الصعوبة هدفها الوحيد: التوصل إلى إنقاذ البلاد عبر تقوية نظامنا المصرفي وترشيده».
وسجل أمس سقوط أول ضحية للاتفاق، مع إعلان رئيس مجلس إدارة «بنك قبرص»، اندرياس ارتيمس، استقالته من منصبه على خلفية خطة الإنقاذ المالي، بحسب ما أعلنت وكالة «الانباء» القبرصية. وكشف الموقع الإخباري المحلي «ستوكواتش» أن ارتيمس استقال بسبب شرط في خطة الإنقاذ البالغة قيمتها 10 مليارات يورو، ينص على أن يستوعب بنك «قبرص» ديون بنك «لايكي». وأورد «ستوكواتش» أسباباً تتعلق بتكليف مسؤول إدارة عملية إعادة هيكلة بنك قبرص من دون إبلاغ إدارة مجموعة البنك مسبقاً، وبيع فروع البنك في اليونان.
وكان المصرف المركزي القبرصي أعلن في وقت سابق أمس تكليف دينوس كريستوفيدس بإدارة عمليات «تطبيق إعادة هيكلة بنك قبرص».
وفي إطار متصل، أكد وزير المال القبرصي مايكل ساريس، في تصريح إلى هيئة الاذاعة البريطانية (بي. بي. سي.) أمس، أن المصارف في الجزيرة ستستأنف العمل غداً الخميس. وأضاف ساريس «إننا نتعامل مع حالة طارئة. إننا نواجه فعلاً تجربة غير مسبوقة». وأكد «أننا نحتاج إلى بضعة أسابيع» قبل رفع القيود الاستثنائية المفروضة على القطاع المصرفي القبرصي. إلى ذلك، خفضت وكالة التصنيف الائتماني «فيتش» أمس تصنيف «بنك قبرص» و«بنك لايكي» في قبرص إلى فئة العجز عن السداد، ووضعت ثالث أكبر البنوك على لائحة المراقبة السلبية.
(أ ف ب، رويترز)