نيويورك | بدأت الدول الأعضاء في الأمم المتحدة، أول من أمس، جولة أخيرة من المفاوضات لاعتماد معاهدة تنظم تجارة الأسلحة التقليدية. وأمام الدول مسوّدة لا تتطرق للاستخدام الداخلي للسلاح أو تجارته. وهي نقطة مهمة ترمي إلى مخاطبة تحفظات الجماعات المؤيدة لاقتناء الأسلحة الفردية في الولايات المتحدة، التي عدّت المعاهدة تهديداً لحرية يضمنها الدستور الأميركي، رغم أن الولايات المتحدة هي إحدى أكثر الدول معاناة من جرائم متصلة باقتناء السلاح الفردي. لكن المسوّدة تمنع الدول الموقعة للمعاهدة ـ بعد أسبوعين إذا نجح المؤتمر ـ من تصدير السلاح التقليدي إلى دولة تخرق حظراً، أو ترتكب عمليات إبادة جماعية أو جرائم ضد الإنسانية أو جرائم حرب. المسوّدة تذكر أن على كل دولة تقويم ما إذا كانت الأسلحة ستستخدم في انتهاك حقوق الإنسان والقوانين الإنسانية أو سيستخدمها «إرهابيون» أو عصابات إجرامية منظمة، أو أطراف فاسدة. مع العلم أنه ليس لدى الأمم المتحدة تعريف يميز بين الإرهاب ومقاومة الاحتلال، كذلك تبقى النواحي الأخرى ضبابية، كتقويم الفساد مثلاً.
وإذا كانت بعض الدول تُخضع تجارة السلاح لضوابط ناظمة، على غرار منع تصدير السلاح الأميركي إذا كان يتعارض مع مصالح إسرائيل الأمنية، فإن هناك تجارة بقيمة 60 مليار دولار لا تخضع لأيّ نوع من التنظيم. أمر أثار الجماعات الحقوقية والإنسانية التي طالبت على مدى عقود بمنع وصول الأسلحة لأيادي إجرامية ولتنظيمات تنعت بالإرهابية، ولأنظمة تعدّ «مارقة».
هذه الجولة الجديدة تأتي بعد فشل جولة سابقة عقدت في تموز الماضي، عندما رفضت الولايات المتحدة توقيع المعاهدة، طالبة المزيد من الوقت، وأيدتها في ذلك كل من روسيا والصين.
الولايات المتحدة قالت إنها تركز في هذه الجولة على «المساعدة على اجتثاث تجارة السلاح السرية»، كما قال وزير خارجيتها جون كيري الجمعة الماضي. لكنه طمأن لوبي السلاح الداخلي إلى أن بلاده لن تدعم أي معاهدة لا تراعي الدستور الأميركي لجهة حماية اقتناء السلاح. موقف قد يراه البعض مناقضاً لتنامي القوى المعارضة في الولايات المتحدة لحرية الاقتناء بعد سلسلة الجرائم الجماعية التي جرت في مدارس أميركية على أيدي إرهابيين ومجرمين ومختلين عقلياً. وقال كيري إنّ «الولايات المتحدة ستنضم إلى المعاهدة فقط إذا كانت ستعالج النقل السرّي للسلاح وحسب».
الأمين العام للأمم المتحدة، بان كي مون، قال إنه بعد رحلة طويلة هناك أمل في الأفق. وناشد الدول تجاوز الخلافات ومعالجة مشكلة تفشي السلاح في أيدي مسلحين غير منضبطين يقتلون ويعبثون بالأرواح خارج أي إطار من الشرعية.
مندوب سوريا بشار الجعفري، تحدث عن الدور الخطير الذي تؤديه إسرائيل في سوق السلاح السرية. وقال إنها «اعتمدت ما تسميه دبلوماسية السلاح. وهي مشتركة بنحو مثبت في هذه التجارة غير المشروعة، بما يشجع ظاهرة الإرهاب الدولية ويحمي عصابات المخدرات والحركات الانفصالية في العالم. كذلك فإنها ضالعة بنحو مكشوف في تجارة الماس حيث يشكل ضباط الاحتياط في الجيش الإسرائيلي معظم التجار، ويستغلون عمليات الاتجار في الماس في أفريقيا وغيرها لعقد صفقات تخريبية وبيع الأسلحة وفبركة القلاقل الداخلية في بعض الدول وتمويل الأطفال وتجنيدهم في النزاعات المسلحة وتجارة أعضاء الجسد، الأمر الذي يؤدي إلى تأجيج النزاعات المسلحة ويزعزع الاستقرار في أفريقيا».
وتساءل الجعفري عن حقوق الدول المستوردة في المعاهدة الجديدة، وعن كيفية التعاطي مع الإنتاج والتخزين في الدول الكبرى، وكيف ستتعاطى المعاهدة مع الأحلاف العسكرية القائمة، وعن الضمانات بالتزام الدول المنتجة التطبيق. وأكد أن هذه الدول هي التي ترسل السلاح سراً وعلناً إلى الإرهابيين في بلاده.
إيران عبّرت عن تحفظها على محاولات تسييس التجارة وإدخال مبادرات مغرضة معقدة قابلة للتأويل، ما يتيح المجال لحرف المعاهدة عن مسارها خدمة لدول معينة. وأشار نائب المندوب الإيراني، إسحق الحبيب، في كلمته خلال الجلسة الافتتاحية، إلى ضرورة ألّا تتعارض المعاهدة مع المعاهدات القائمة التي وقّعتها الحكومات. وطالب بأن تشمل المعاهدة بنداً يسمح بتقديم المساعدة للدول النامية من أجل بناء صناعتها وتدريب كوادرها بدلاً من الاعتماد على الخارج.