جهزت المدخنة في الفاتيكان. منذ اليوم ستكون العيون شاخصةً إليها لرؤية دخانها الابيض ايذاناً بانتخاب البابا الجديد. الشهر التاريخي الذي عاشته الكنيسة الكاثوليكية ينتهي اليوم مع دخول الكرادلة الـ 115 عزلتهم عن العالم، في مجمعهم المغلق، بعد أسبوع على بدء اجتماعاتهم التي تشاوروا فيها حول الانتخابات.ووفقاً للمادة 43 من الدستور الرسولي (شعب الرب بأكمله) سيخضع الكرادلة للمراقبة والحماية أثناء تنقلهم صباح اليوم من محلات إقامتهم، في دار ضيافة سانتا مارتا، إلى الكنيسة السيستينية التي سيجري فيها الانتخاب.
وبعد انتقال الكرادلة إلى الكنيسة السيستينية، سيقيمون القداس من أجل انتخاب البابا في كنيسة القديس بطرس. وبعد الظهر، يتوجهون إلى كنيسة السيستين مع نشيد «هيا أروح الخالق». ثم يقرأ الكاردينال سودانو نص اليمين بصوت عال، ويعيد ذلك كل كادرينال بمفرده، واضعاً يده على الانجيل. ثم يوزع رؤساء التشريفات على الكرادلة ورقتين أو ثلاث أوراق للتصويت، وهي أوراق مربعة الشكل ومكتوب فيها «أصوت لمهمة البابا ....... (الاسم)» ثم يتلو رجل دين على الكرادلة تأملاً بسيطاً حول خطورة الخطوة التي سيقومون بها، وبعد ذلك يترك الكرادلة وحدهم في الكنيسة.
وتنص قواعد الانتخاب على أن يحصل البابا الجديد على أغلبية ثلثي المجمع، وفي حالة هذه الانتخابات يعني 77 صوتاً من اصل 115. وللحصول على نتائج واضحة تجري مراحل مختلفة خلال عملية التصويت. يستمر التصويت بوتيرة جلستين صباحاً وجلستين مساءً، إلى حين الوصول إلى عدد الأصوات المطلوب. وفي نهاية كل جلستين، تقوم لجنة الفرز بحرق الأوراق أمام الجميع، في مدفأة موضوعة في الكنيسة، وبحرق أي ملاحظات كتبها الكرادلة أثناء الجلسة. وإن لم يتم انتخاب البابا، توضع مع الأوراق مادة كيماوية تُخرج دخاناً أسود، ليفهم من هم في الخارج أن الانتخاب لم يتم بعد.
وإن مرّت ثلاثة أيام تصويت (أي بعد 10 جلسات) دون الوصول إلى نتيجة، يمضي الكرادلة يوماً كاملاً دون تصويت، يصلّون فيه بصمت ويتشاورون ويستمعون من أحدهم إلى عظة صغيرة. ثم يعودون إلى التصويت لسبع جلسات، ثم يتوقفون يوماً كاملاً، ثم يعودون وهكذا دواليك.
وبعد الحصول على الغالبية اللازمة، وحتى قبل خروج الدخان من مدخنة كنيسة السيستين وانطلاق العنان لأجراس كاتدرائية القديس بطرس، سيكون الكاردينال الايطالي، جيوفاني باتيستا ري، أول الكرادلة الأساقفة، قد طرح على البابا المنتخب السؤال الآتي «هل تقبل بانتخابك القانوني حبراً أعظم؟». وسيجيب: نعم، ويختار اسمه الجديد الذي قد يكون بولس، يوحنا، يوحنا بولس وبيوس وبنديكتوس...
وبعد ثمان وأربعين دقيقة، وهي الفترة التي يقسم خلالها الكرادلة يمين الولاء ويرتدي الحبر الجديد ثيابه الجديدة، يقوم الكاردينال الفرنسي جان ــ لوي توران بالإعلان باللغة اللاتينية، أمام الجموع المحتشدة في ساحة القديس بطرس، «هابيموس بابام» (لدينا بابا)، ويكشف عن اسمه. ثم يكشف البابا الجديد الذي يضع نجمة حمراء على كتفيه، وجهه للعالم أجمع.
وفي خضم السرية التي تحيط بعملية الانتخاب، فإن التنافس سينحصر بين اسمين فقط بحسب تكهنات المختصين في شؤون الفاتيكان وهما الايطالي انجيلو سكولا بـ 23 % من الأصوات والبرازيلي أوديليو شيرر بـ 22% ثم الإيطالي بيرتوني، تكهنات قد لا تكون صائبة بحسب الكثيرين.
وفي هذا الاطار، كشفت صحيفة «نيويورك تايمز» أن الإصلاحيين ــ بقيادة الأميركيين وبعض الأوروبيين المؤثرين ــ متحدون من أجل دعم الكاردينال الإيطالي أنجيلو سكولا رئيس أساقفة ميلان. وأشارت الصحيفة إلى أن هناك كتلاً متنافسة ما بين الرومانيين والإصلاحيين.
وأوضحت أن الكرادلة الـ115 سيدخلون قاعة الكنيسة صفاً واحداً، ولكنهم يخفون تحت العرض المنظم تشكيلات وكتلاً متنافسة، وأشارت الصحيفة إلى أن التنافس الأشد سيكون بين الكرادلة الذين يعملون في الفاتيكان (أو الكرادلة الرومانيين) والكرادلة الإصلاحيين الذين يريدون من البابا الجديد معالجة مشاكل الفاتيكان، أو ما يعتبرونه شكلاً من أشكال عدم الكفاءة والفساد، وعدم الرغبة في تقاسم السلطة والمعلومات مع الأساقفة الآخرين في مختلف أنحاء العالم. وأوضحت أن الكتل المتنافسة ضمن اجتماع الكرادلة السري ربما لا تكون تشكلت على أساس جغرافي، مضيفة أنه يبدو أن الرومانيين سيختارون بابا برازيلياً، وأن الإصلاحيين يدفعون في تجاه اختيار بابا إيطالي.
(الأخبار)