برلين | ترك تنازل بابا الكنيسة الكاثوليكية بنديكتوس السادس عشر عن مركز البابوية ردود فعل قوية في الأوساط الأوروبية، وتحديداً الألمانية، لكونه أول بابا ألماني يتسلم هذا المركز. هذه الخطوة المفاجئة كانت الموضوع الرئيسي على شبكات التواصل الإلكتروني بين جميع المؤمنين الذين عاشوا حالة من شبه الضياع، وكانوا في حيرة من أمرهم يطرحون الأسئلة ويتبادلون التكهنات حول أسباب التنازل الفعلية عن مركز البابوية وعمّا هي الحال.

وفي دائرة التكهنات الأولية حول هذه الصدمة وتوابعها لدى الطائفة الكاثوليكية، توقفت وسائل الإعلام الألمانية عند سبعة أسئلة مركزية وحاولت البحث عن أجوبة لها:
أولاً: هل كان البابا فعلاً في حال المرض الذي يمنعه من الاستمرار في رسالته؟ تكهنات كثيرة حول صحة البابا كانت مدار حديث، إذ ليس من المستبعد أن تكون الأسباب صحية، وخاصة الذاكرة، سبباً رئيسياً وموضوعياً للتنازل عن الرسالة البابوية. وينقل موقع «فوكوس أونلاين» عن شقيق البابا غيورغ راتزنغر، البالغ من العمر 89 عاماً، تأكيده العامل الصحي كسبب للتنازل، قائلاً «منذ فترة توقف البابا عن السفر والانتقال البعيد».
ثانياً: هل هناك ما يعرف بـ«الاستقالة» أو التنازل عن مركز الرسالة البابوية؟ جرت العادة والعرف أن يبقى البابا في مركز البابوية حتى الوفاة. لكن القانون الكنسي يلحظ حال التنازل ولا يلحظ هذا القانون الكنسي ضرورة تبرير الأسباب. وجاء في القانون الكنسي الإصلاحي الذي وضعه البابا يوحنا بولس الثاني في عام 1996 (المادة 332 البند 2): أنه «في حال قرّر البابا التنازل عن مركزه، يجب أن يكون قراره حراً وتلقائياً، ويجب تحديد مهلة زمنية لقبول التنازل وليس المطلوب هيئة لقبول التنازل». ويرى بعض الخبراء في الشؤون القانونية الكنسية الداخلية أن تنازل البابا عن موقعه الرسولي يعني تنازله مباشرة عن جميع صلاحياته ومهماته الدينية والعودة إلى الحياة العادية.
ثالثاً: ما العمل بعد التنازل؟ يرى بعض رجال الدين الكاثوليك أن تنازل البابا كولستين الخامس يعود إلى أبعد من 1500 سنة، ولا توجد تفاصيل كافية حول كيفية التصرف القانوني، وخاصة في الحالة الحاضرة، لأن القانون الكنسي (عام 1996) لا يتطرق بشكل كاف إلى هذه الوضعية، بل يشير إلى إمكانية تعيينه «بابا فخرياً». وهنا توجد ثُغَر قانونية أو غموض، لأن التنازل عن الموقع الرسولي الأول يمنعه من القيام بمسؤوليات دينية، فكيف الحال بمنحه سلطة تعيين «الخلف الفخري»؟
رابعاً: ما العمل؟ وعلى أي قاعدة يجري اختيار البابا الخلف الجديد؟ تُرجّح أوساط كنسية أن اختيار البابا الجديد للمركز البابوي سيتم على قاعدة «حال وفاة البابا». وعليه، فإن صلاحيات البابا الكنسية تعود إلى «مجلس الكرادلة» لانتخاب بابا جديد. وهنا توجد مهلة زمنية محددة، يرى البعض أن أقصاها يكون الخامس من شهر آذار المقبل.
خامساً: من يكون البابا الجديد؟ يذهب بعض العارفين بشؤون الكنيسة الداخلية إلى القول إن انتخاب البابا الحالي في عام 2005 كان بمثابة «مرحلة انتقال» إلى وجوه من قارة جديدة، وأبرزهم حالياً الكاردينال بيتر توركسوناوس من غانا. وهو شاب لا يتجاوز 64 من العمر، والمُرجّح الثاني من أفريقيا أيضاً هو الكاردينال فرنسيس أرينزي (80 عاماً) من نيجيريا.
وإلى ذلك، تحوي اللائحة أسماءً أخرى، بينها الأرجنتيني ليوناردو ساندري (69 عاماً) وأوسكار مارادياغا (70 عاماً من الهندوراس).
سادساً: كيف الاحتفال بعيد الفصح المقبل؟ إنه من الأعياد المهمة الرئيسية عند الطائفة المسيحية، ويأتي موعده في 31 شهر آذار المقبل. في هذه المناسبة يتوجه عشرات الآلاف من أبناء الطائفة المسيحية إلى روما للحصول على بركة البابا. فهل هناك من يباركهم؟ يجيب المتحدث باسم المركز البابوي: «حتماً... هذه البركة يحملها إليهم بابا جديد».
سابعاً: هل توجد أسباب سياسية للتنازل؟ ماذا عن قضية ويكيليكس؟ هنا تذهب بعض وسائل الإعلام الألمانية إلى عدم استبعاد هذا الموضوع. في هذه القضية حديث عن تسريب وثائق فاتيكانية سرية ورسائل شخصية وخاصة جداً إلى بعض وسائل الإعلام عبر أحد المقربين من البابا المتنحّي وهو باولو كابريال، وقد جرى اعتقاله قبل وقت.