برلين | هي أخبار مؤكدة وغير سارة بالنسبة إلى الألمان، خلاصتها أن المواطن الألماني تقع على كاهله وحده تقريباً ضريبة إنعاش الصندوق الأوروبي في السنوات السبع المقبلة، بينما توصلت اللجنة الأوروبية المنعقدة في بروكسل منذ يوم أمس، وبعد نقاشات طويلة، إلى تحديد الموازنة الأوروبية بقيمة ألف مليار يورو.
ففيما يعقد القادة الأوروبيون «القمة المالية» التي قد تعطي الاتحاد الاوروبي وسائل كافية تسمح بتمويل استثمارات من شأنها تأمين وظائف حتى عام 2020، تبقى حجة الحكومة الألمانية في مواجهة حملة الاحتجاج الداخلي أن «من يدفع الكثير يقبض الكثير». وتشير الحكومة الألمانية بذلك إلى حجم ما تتقاضاه ألمانيا من الصندوق الأوروبي لإعادة بناء وتأهيل الولايات الألمانية الجديدة (الشرقية سابقاً).
وتؤكد المالية الألمانية أن حكومات 27 دولة أوروبية لا تلتقي اليوم في بروكسل لتبحث ما يجب على كل دولة أوروبية أن تدفعه للصندوق الأوروبي، بل أيضاً، ما يجب على الصندوق الأوروبي أن يدفعه لاستنهاض المناطق والدول الأوروبية الفقيرة، التي تبحث عن أرضية تمكنها من النهوض للوصول إلى مساواة الآخرين.
وتوصلت اللجنة الأوروبية بعد نقاشات طويلة إلى تحديد الموازنة الأوروبية بقيمة ألف مليار يورو، والنقاشات التي تدور بين لجان الاختصاص في القمة تتعلق بكيفية صرف هذه الموازنة بطريقة عادلة ومدروسة حتى عام 2020، أي في السنوات السبع المقبلة.
وفي رأي خبراء المال أن القمة الأوروبية هذه لن تصل إلى نتيجة عبر «سياسة الشيكات المالية» وتقديم المساعدات والعون إلى الدول الفقيرة الممتدة على الساحل الأوروبي، من البرتغال إلى اليونان، بل المطلوب إعادة البحث في الهيكلية السياسية بكاملها، وخاصة، لدى الدول الأعضاء التي ترفض أن تعيل سواها من دون أفق زمني ثابت ومدروس يبشّر بعملة واحدة على أرض واحدة. وتبدو بريطانيا حالياً في طليعة البحث «الأفضل لها».
المندوب الألماني لدى القمة الأوروبية قال «نحن نلتقي في بروكسل ونعلم تماماً أن ألمانيا ستدفع أكثر من سواها، لكن ما نريد هو معرفة إمكانية بقية الدول الأوروبية الأعضاء على المساومة للوصول إلى قرار نهائي.. نحن نريد الوصول إلى توزيع عادل للمدفوعات بين الدول الأوروبية الغنية».
وفي رأي رئيس اللجنة الأوروبية المالية السابق جان ـــ كلود جونكر، أن «القمة المجتمعة في بروكسل بإمكانها الوصول إلى حلول مرضية للجميع.. إن أوروبا الواحدة بإمكانها اليوم تنفيذ ما تتخذه من قرارات وليس فقط تأجيلها»، معلقاً على أعمال القمة في الإذاعة الألمانية بالقول «على المجتمعين في قمة بروكسل التعامل مع الواقع الأوروبي بإيجابية خاصة في المواضيع المالية، لكونها مواضيع ترتكز على الثقة.. إن ما يزيد أواصر الاتحاد الأوروبي هو الثقة بأن ما يوازن قيمة الأوراق والنقود المعدنية التي بين يديه هو ثقته بالوحدة.. أقول: الويل عند اليأس، ها هي ألمانيا بدأت تستعيد أطنانها الذهبية من الخارج كي تربح ثقة المواطن الألماني بماله، فما الذي تحمله القمة الأوروبية إلى مواطنيها اليوم؟ إن من يملك مال أوروبا، يملك قراره».
وسادت مناخات التشاؤم حول إمكان توصل المجتمعين الى اتفاق من خلال تصريحات قادة الدول الأكثر تأثيراً في الاتحاد لدى وصولهم الى بروكسل أمس، ففيما قالت المستشارة الألمانية انغيلا ميركل، «لا يمكننا القول حالياً انه سيكون هناك اتفاق. المواقف من هنا وهناك لا تزال متباعدة جداً»، أعلن رئيس الوزراء البريطاني دايفد كاميرون، أنه«في تشرين الثاني، كانت الأرقام المطروحة مرتفعة جداً بالفعل. ينبغي ان تنخفض. واذا لم يحصل ذلك، فلن يجري التوصل الى اتفاق».
بدوره، حذر الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند، من انه اذا كانت تسوية موازنة الاتحاد الأوروبي للفترة 2014-2020 «ستتجاهل الزراعة والنمو»، فانه «لن يوافق» عليها. وقال «جئت الى هنا سعيا لاتفاق. اذا كان هناك من لا يتحلى بالعقلانية، فسأعمل على جعله يتحلى بها، لكن الى حد ما».
في المقابل، أعرب رئيس الوزراء التشيكي بيتر نيكاس، عن استعداده لاستخدام حق الفيتو ضد الموازنة الأوروبية، قائلاً «نريد موازنة اوروبية تتضمن خفضا اكبر للنفقات، واكثر حداثة، موازنة تنصف الجمهورية التشيكية».
وكان رئيس الوزراء البلجيكي اليو دي روبو، قد قال ان «المطروح على الطاولة مخيب يفتقر الى رؤية للسياسات الصناعية». الا ان رئيس الوزراء الايطالي ماريو مونتي هدد علناً برفض «اتفاق سيّئ».