ضرب «زلزال» سياسي اسبانيا بعد الفضيحة التي نشرتها صحيفة «الباييس» أول من امس وتتعلق بوثائق خاصة بميزانية الحزب الشعبي الحاكم، والتي تظهر اختلاسات وتقاضي رئيس الحكومة ماريانو راخوي وعدد من الوزراء وقادة الحزب عمولات بطريقة سرية لم يعلنوا عنها لمصلحة المالية والضرائب. كما يقترب التحقيق من اتهام الأميرة كريستينا، ابنة الملك خوان كارلوس، بالفساد والتهرب الضريبي. وسيطرت الأخبار المتعلقة بالفساد السياسي واختلاس أموال المؤسسات العمومية على المشهد السياسي في البلاد، حيث اعتقل رؤساء بلديات على ذمة التحقيق، فيما امتد التحقيق إلى إنياكي أوندرنغرين صهر الملك خوان كارلوس بتهمة الاختلاس.
«القنبلة الإعلامية» التي فجرتها الصحيفة هي وثائق بخط يد أمين المال السابق لويس بارسيناس ما بين 1990 الى 2009 والذي رصد القضاء أرصدة باسمه بقيمة 22 مليون يورو في حسابات بنكية في سويسرا. ومنذ أسبوع، والحديث يجري في اسبانيا عن حسابات سرية للحزب الحاكم، وبأن قادة الحزب يتقاضون مرتبات سرية غير تلك العلنية ولم يعلنوا عنها لمصلحة الضرائب، وتبين أن مصدر هذه الأموال هو عمولات من شركات العقار وشركات أخرى تنشط في قطاعات مختلفة، وتغطي الحسابات السرية ما بين سنتي 1998 و2008.
ورغم نفي الحزب الشعبي لهذه الوثائق، إلا أن أعضاء بارزين من الحزب اكدوا صحتها، كما أن التحاليل التي جرت على الوثائق المكتوبة بخط اليد تؤكد أنها تعود إلى امين المال بارسيناس. ورأى المحللون، وكذلك افتتاحيات الصحف الكبرى مثل «الباييس» و«الموندو» و«لفنغورديا»، أن الأمر لم يعد يقتصر على توضيحات من الحزب الشعبي بقدر ما يتطلب الأمر تدخل القضاء للتحقيق في هذه الفضيحة. وصرح المدعي العام في اسبانيا، إدواردو توريس دولسي، بأنه «توجد مؤشرات على ضرورة فتح تحقيق في تلقي أعضاء الحزب الشعبي عمولات سرية وغير قانونية». وهذا التصريح يقود مباشرة إلى الاحتمال القوي للتحقيق مع رئيس الحكومة راخوي، وهو ما سيشكل سابقة في تاريخ البلاد، ما قد يترتب عليه سقوط قيادة الحزب الشعبي والدعوة إلى انتخابات سابقة. وفي ظرف اقل من 24 ساعة، وقع 340 ألف شخص على عريضة رقمية في موقع تشانج أورغ تطالب باستقالة رئيس الحكومة. وفيما سارعت المعارضة إلى مطالبة الحزب الحاكم بتوضيحات عن الوثائق المسربة، اكد زعماء الحزب الشعبي أن ما يجري هو مؤامرة تستهدف الحكومة وتهدف إلى تنفيذ ما يشبه الانقلاب. وطالب زعيم الحزب الاشتراكي المتزعم للمعارضة ألفريدو روبالكابا من رئيس الحكومة راخوي بالإسراع في تقديم توضيحات للرأي العام. أما حزب اليسار الموحد فقد طالب باستقالة رئيس الحكومة والدعوة إلى انتخابات مبكرة.
وفي سابقة أخرى شدت انتباه الرأي العام الإسباني، أفادت صحيفة «الموندو» في عددها الصادر أمس أن النيابة العامة قد تستدعي الأميرة كريستينا للتحقيق معها في ملفات فساد مالي ولا تستبعد توجيه اتهام لها، الأمر الذي سيشكل سابقة حقيقية في اسبانيا. وقد يأتي اتهام الأميرة على خلفية عضويتها في معهد «نوس»، الذي كان يديره زوجها إنياكي أوندرغرين برفقة صديق له اسمه توريس وتورط المعهد في صفقات مالية ضخمة وتهرب ضريبي. ويحقق القضاء مع زوج الأميرة وقد تطالب النيابة العامة بالحكم عليه بـ 26 سنة سجن،
وإذا حصل التحقيق مع الأميرة، فستتعرض المؤسسة الملكية لضربة قوية في وقت ترتفع الأصوات بتنحي الملك خوان كارلوس وتولي الأمير فيليب العرش وأصوات أخرى تنادي بنهاية الملكية.
(الأخبار)