نواكشوط | فيما يعيش الشارع الموريتاني امتعاضاً شديداً بسبب الضربات الفرنسية التي يتعرض لها الابرياء في الشمال المالي، سارعت السفارة الفرنسية في نواكشوط إلى دعوة رعاياها إلى الحيطة والحذر، وسط اجراءات امنية مشددة في جميع الطرق المؤدية للسفارة الفرنسية واغلاق تام لشوارعها في الليل. الموريتانيون اجمعوا على أن الحرب في مالي تأتي في سياق الرغبات الاستعمارية لفرنسا. موقف اكد عليه علماء موريتانيا. وافتى تسعة وثلاثون من علماء وأئمة موريتانيا بحرمة المشاركة في الحرب، مطالبين الحكومة والشعب برفض التعامل مع الدول الغازية. وأكد العلماء أن الفرنسيين يسعون لاحتلال الشمال المالي ولا تجوز مساعدتهم على ذلك بأي حال من الاحوال. وأضاف العلماء أن هذه الحرب «ليست سوى امتداد لمسلسل الحملات الاستعمارية التي طالت الكثير من بلاد المسلمين، من فلسطين إلى أفغانستان والعراق والسودان والصومال، وجعلت من بلاد المسلمين روافد للدموع ومنابت للأحزان».
وذهبت الأحزاب السياسية الموريتانية إلى التوافق مع موقف العلماء، واستنكر القيادي في الحزب الحاكم وعضو البرلمان الموريتاني سيدي محمد ولد محم الحرب التي تشنها فرنسا على مالي. وقال ولد محم إنه كان من الأجدر بالفرنسيين «جمع الماليين على طاولة الحوار»، مؤكداً أنه «بالحوار وحده يمكن تجنيب المنطقة ومالي مخاطر الحرب».
بدورهم، رفض قادة المعارضة الحرب الفرنسية على مالي، واكد زعيم المعارضة احمد ولد داداه أن المعارضة ترفض المشاركة في الحرب على مالي ولما وصفه بتعريض الجيش لمخاطر لا تعرف عقباها. وقال ولد داداه إن مالي وموريتانيا تربطهما علاقات التاريخ والدين والمصالح المشتركة، مؤكداً أن النظام الموريتاني «فرط فيها وعلى الموريتانيين الا يقبلوا بذلك».
بدوره، دعا رئيس اتحاد قوى التقدم القيادي اليساري محمد ولد مولود إلى رفض الحرب على مالي، مشيراً إلى أنها «تعرض موريتانيا للخطر، خاصة الولايات الشرقية والجنوبية».
من جهته، حذر حزب الاتحاد والتغيير الموريتاني من مغبة المشاركة في الحرب التى أشعلتها فرنسا في مالي.
واعتبر الحزب أن الاستعمار الفرنسي بالذات هو الذي ترك بؤراً قابلة للتأجيج حيثما أراد ذلك، وها هو اليوم يشعل نار حرب لا يمكن التنبؤ بحدودها أو تداعياتها.
كذلك، أدان الحزب الوحدوي الديموقراطي الاشتراكي وحزب الجبهة الشعبية التدخل الفرنسي في مالي واصفين الاشتراكيين الفرنسيين بأنهم صهيونيو الطبع. ودعا الحزبان جميع الأحزاب الموريتانية المقربة من الاشتراكيين الفرنسيين إلى تقديم استقالاتهم من الدولية الصهيونية، استجابة لتطلعات الشعب الموريتاني المعادي للصهيونية، وحمل الحزبان بشدة على سياسات فرنسا، واكدا أن الاشتراكية الدولية أظهرت طبعها الصهيوني ولم يدخر الاشتراكيون الفرنسيون أي جهد لتجسيد هذه الصورة.
واتهم الحزبان فرنسا «بممارسة الدعارة السياسية من خلال تدمير ليبيا ودعم الإرهابيين الإسلاميين في سوريا ضد نظام علماني لخدمة الكيان الصهيوني وتحطيم محور المقاومة». وقالا «إن تدمير سوريا بمساعدة القاعدة في الإبادة الجماعية للسكان لا تبدو متناقضة عند هولاند مع الغارات في مالي. وتوصيل الإسلاميين للسلطة في المغرب وتونس وليبيا ومصر والتحالف مع إقطاعية العصور الوسطى في الخليج لإقامة ديموقراطية في سوريا لا تدغدغ أبدا وعي القادة الفرنسيين لأن هذا الكيد يخدم قضية الإمبريالية الصهيونية».