نواكشوط | تنذر الأعداد الكبيرة من النازحين من جحيم الحرب في مالي إلى موريتانيا بوقوع كارثة إذا لم يُقدَّم العون لنواكشوط لمساعدة النازحين؛ فالأرقام الكبيرة للنازحين الذين دخلوا موريتانيا في الأيام الخمسة فرضت على الدولة الموريتانية، التي تعاني جفافاً متواصلاً للعام الرابع على التوالي، تحدياً يتطلب تدخلاً سريعاً من الدول القادرة على تقديم العون.
وكانت الحدود الموريتانية قد شهدت في الأيام الخمسة الأخيرة وصول أعداد كبيرة من الهاربين من جحيم الحرب، في وقت أجمع فيه النازحون على أن الصواريخ الفرنسية دفعتهم إلى النزوح وأن القاعدة كانت ارحم. وتزايدت وتيرة تدفق النازحين إلى الاراضي الموريتانية خلال اليومين الماضيين لينضموا إلى اكثر من مئة الف آخرين يقيمون في مخيات ايواء في الأراضي الموريتانية منذ بدء أزمة بلادهم في الربيع الماضي.
واصبح التوافد إلى الأراضي الموريتانية الشغل الشاغل لسكان الشمال المالي، بحسب تعبير احد النازحين الذي يبلغ السبعين عاماً، مؤكداً أن السلطات استقبلتهم في مركز فصاله الإداري في انتظار نقلهم إلى مخيمات اللاجئين في مدينة باسكنو.
وأبلغ مصدر أمني موريتاني «الأخبار» أن معبر فصاله الحدودي بين موريتانيا ومالي استقبل في الساعات الأولى من فجر الاثنين موجة نزوح كبيرة هرباً من الحرب. ورأى المصدر الأمني أن الأعداد الكبيرة للنازحين وأوضاعهم السيئة باتت مؤثرة وتدعو للقلق.
وعلى صعيد متصل، قال أحد موظفي المفوضية العليا لغوث اللاجئين التابعة للأمم المتحدة في فصاله، موسى ولد احمد، إن أكثر من ستمئة عائلة سُجِّلت اول من أمس الأحد في سجل المفوضية الخاص باللاجئين الأزواديين في موريتانيا. وأضاف ولد أحمد أن ممثلية المفوضية العليا في باسكنو «تتوقع ارتفاع وتيرة النزوح مع استمرار المواجهات بين الطرفين». وأكد أن النازحين يُخيَّرون بين التوجه إلى مخيم امبره للاجئين قرب باسكنو، أو البقاء في فصاله، حيث تتكفل منظمات الإغاثة الدولية بتوفير حاجاتهم الضرورية.
وفي السياق، ابدى حقوقيون موريتانيون مخاوفهم من تردي الاوضاع الانسانية التي هي رديئة قبل هذه التطورات، ورأوا أن مواصلة فرنسا للقصف الجوي سيزيد الطين بله. وكانت الهيئات الأممية، ومن ابرزها منظمة «أطباء بلا حدود»، قد دقت ناقوس الخطر خلال الاسابيع الماضية بسبب اوضاع اولئك الذين نزحوا قبل اشهر.
وبحسب «أطباء بلا حدود»، فإن نحو خُمس الأطفال في هذه المخيمات يتعرضون للمجاعة لافتقادهم للنظام الغذائي الذي كان متوافراً لهم في بلادهم، حيث كانوا من أكثر السكان الماليين توافراً على التغذية الصحية بسبب ثراء نظامهم الغذائي بين المنتجات الزراعية واللحوم والألبان الغنية بالبروتين.
ورغم الجهود المضنية التي تقوم بها المنظمة، إلا أنها لم تستطع تلقيح كل أطفال اللاجئين ضد الأمراض المحدقة كالحصباء، ما جعل نسب الموت بين الاطفال تتزايد خصوصاً مع بُعد المراكز الصحية عن مخيمات اللاجئين.
واوضحت منظمة «اطباء بلا حدود» أنها تريد أن تقدم خدمات الزيارة والفحص للوحدات السكنية الخاصة باللاجئين قبيل اندلاع الحرب في شمال مالي من جديد.
إلى ذلك (أ ف ب)، أعلنت الامم المتحدة ان عشرات الآلاف من المدنيين نزحوا عن ديارهم عقب اندلاع أحدث موجة من القتال في مالي. وقال ادواردو ديل بوي، المتحدث باسم الامم المتحدة، للصحافيين: «نزح ما يقدر بنحو 30 ألفاً من ديارهم في نتيجة مباشرة للقتال في وسط مالي وشمالها». وأضاف: «يخشى ان يكون عدد من اضيروا أكبر من ذلك، اذ افادت انباء بأن بعض الجماعات الاسلامية حالت دون اتجاههم جنوباً».
وقال بوي إن وزارة الداخلية في موريتانيا المجاورة أكدت ان آلاف اللاجئين في طريقهم من مالي الى منطقة الحدود الموريتانية. واضاف انه لم يُرصَد وصول اعداد كبيرة الى بوركينا فاسو والنيجر. ومضى يقول: «منذ آذار 2012 نزح نحو 230 الفاً جراء القتال وانعدام الامن في مالي».