نواكشوط | تسارعت التطورات في مالي حتى فرضت الحرب نفسها أمراً حتمياً، خلافاً لرغبات الدول الغربية التي قررت سابقاً تأجيلها حتى نهاية العام الحالي. وفيما كان قائد الانقلابيين، النقيب امادو سونوغو ورفاقه، ينتظرون شحنات من الاسلحة يواجهون بها الاسلحة الليبية المتطورة التي تتقوى بها عليهم الجماعات المسلحة، باغتهم انصار الدين واحتلوا احدى مدن الجنوب.
وبعد أقل من 24 ساعة على احتلال المسلحين الاسلاميين لبلدة كونان القريبة من مدينة موبتي الاستراتيجية، شن الجيش المالي أمس هجوماً مضاداً على الاسلاميين بمشاركة طائرات من «دول صديقة» لاستعادة المدينة.
وفي سياق متصل، كشف متحدث باسم وزارة الدفاع، رئيس العمليات في الوزارة، عمر داو أمس أن فرنسا ونيجيريا والسنغال تقدم المساعدات لقوات حكومة مالي على الارض في مواجهة المتمردين الاسلاميين.
وقال داو، في مؤتمر صحافي، «اليوم (أمس) لدينا شركاء من نيجيريا والسنغال وفرنسا والمزيد على الارض يقدمون لنا الدعم»، مضيفاً «فريق عملياتنا سيحدد نوع المساعدة التي سيقدمونها».
بدوره، اعلن الرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند أن القوات المسلحة الفرنسية بدأت عملية عسكرية في مالي بعد ظهر أمس لمساعدة الحكومة هناك على وقف زحف المتمردين الإسلاميين جنوباً. وأبلغ هولاند صحافيين في باريس «القوات الفرنسية قدمت دعمها بعد ظهر أمس لوحدات جيش مالي لقتال عناصر ارهابية، هذه العملية ستستمر ما تطلب الأمر ذلك». وقال إن قرارات مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة تعني أن فرنسا تعمل بموجب القوانين الدولية.
وكان الرئيس المالي بالوكالة ديونكوندا تراوريه، الذي سيلتقي هولاند الاربعاء المقبل، قد طلب مساعدة الامم المتحدة وفرنسا لصد هجوم لمجموعات مسلحة اسلامية.
وفيما اعترفت حركة أنصار الدين بمقتل ثلاثة من مقاتليها مؤكدة احتلالها لبعض المناطق القريبة من مدينة موبتي المالية، قلل مسؤولون حكوميون من تقدم انصار الدين نحو مدن الجنوب. ورأى ضباط في الجيش أن الاشتباكات لا تزال متواصلة لكنهم اعترفوا باحتلال الجماعات المسلحة لبعض المناطق.
وفي العاصمة المالية باماكو يعيش الشعب غلياناً ويبدي الماليون اشمئزازهم من الغرب الذي يتفرج على ازمتهم. واستغل الانقلابيون المشهد داعين لمسيرات عارمة تنادي بالاسراع في الحرب. المسيرات كانت مناسبة للنيل من انصار باريس وخصوصاً الرئيس الانتقالي ديونكوندا تراوري الذي طالبه المتظاهرون بالتنحي معتبرين أنه «عاجز عن تحرير شمال مالي وعليه أن يرحل».
ووسط هذه التطورات عرض تنظيم القاعدة في بلاد المغرب قوات قتالية في صحراء أزواد من خلال شريط سموه « وأعدوا لهم ما استطعتم»، وسط مشاركة واسعة من عناصر الحركة واستعمال مكثف لمختلف الأسلحة الموجودة لديها.
وختم الشريط بكلمة لزعيم التنظيم أبو مصعب عبد الودود حذر فيها الدول الإفريقية والأوروبية التي قررت المشاركة في الحرب الحالية شمال مالي.
من جهة اخرى، اعتبرت وزيرة خارجية الاتحاد الاوروبي كاترين آشتون أمس أن تجدد المواجهات في مالي يتطلب تسريع التحرك الدولي لاستعادة وحدة وسلامة اراضي هذا البلد وفقاً لقرار الامم المتحدة. وأوضحت آشتون خلال اجتماع لسفراء دول الاتحاد الاوروبي حول مالي في بروكسل أن الاتحاد الاوروبي «سيسرع الاستعدادات لنشر البعثة العسكرية» لتدريب واعطاء المشورة للجيش المالي. واستناداً إلى مصدر دبلوماسي فإن الهدف هو أن تكون طلائع بعثة التدريب الاوروبية هذه جاهزة للعمل «في نهاية شباط او مطلع اذار المقبلين».
ودعت آشتون سلطات مالي إلى «الانتهاء سريعاً من وضع خارطة طريق المرحلة الانتقالية» واكدت من جديد امكانية فرض عقوبات اوروبية على المجموعات المرتبطة بالارهاب.
وكان مجلس الامن قد دعا اول من أمس إلى «نشر سريع» للقوة الدولية في مالي امام «التدهور الخطير للوضع» على الارض.