لا تزال زوبعة تعيين الرئيس الأميركي باراك أوباما، تشاك هاغل وزيراً للدفاع خلفاً لليون بانيتا، مستعرة، على خلفية تصريحات ومواقف سابقة تجاه قضايا تتعلق بإسرائيل وإيران والملف الفلسطيني. وبعدما أعلن عدد من السيناتورات الجمهوريين معارضتهم لترشيح هاغل، طالب عدد من النواب الديموقراطيين بتوضيح موقفه من إيران وإسرائيل، فردّ عليهم بإعلان دعمه المطلق لإسرائيل، لكن من دون أن ينفي مواقفه السابقة.وإذا قرر مجلس الشيوخ، الذي يسيطر عليه الديموقراطيون، رفض تعيين هاغل، فسيكون ذلك ضربة موجعة للرئيس أوباما في بداية ولايته الثانية، ولا سيما وسط المفاوضات المصيرية مع المعسكر الجمهوري حول الميزانية. ورغم التوقعات بتصويت مضاد خلال جلسة مجلس الشيوخ (فجر اليوم)، لكن لم يعلن أي سيناتور صراحة أنه سيصوّت ضد التعيين. وقال مساعدون لرجال الكونغرس الجمهوريين والديموقراطيين إن البيت الأبيض لم يكن ليُقدم على الترشيح لو لم يكن واثقاً من التصويت له». ويملك الديموقراطيون غالبية 55 في المئة في مجلس الشيوخ مقابل 45% للجمهوريين.
لكن في المقابل، وفي مؤشر حاسم لرفع حظوظ هاغل، تلقى الأخير مديحاً من قبل زعيم الغالبية في مجلس الشيوخ، الديموقراطي هاري ريد، ومن رئيس لجنة القوات المسلحة كارل ليفن، والسيناتور ديان فينستاين الذي يرأس القناة الاستخبارية. ووصف ليفن هاغل بأنه «مؤهل جيداً» للمنصب، فيما اعتبره فينستاين «صوت عليم ومستقل يملك فهماً عميقاً للقضايا الأمنية الدولية الضاغطة التي تواجه بلادنا». أما ريد فقال فيه «قلة من المرشحين الذين يملكون ذلك الخليط من المعرفة الشخصية والاستراتيجية لحاجاتنا الدفاعية الوطنية».
وما ان أعلن أوباما اختياره لهاغل «القائد الذي تستحقه قواتنا»، حتى سارع السيناتورات الجمهوريون الى إبداء معارضتهم. وقال السيناتور دافيد فيتر «انطلاقاً من تصريحات وأفعال تشاك هاغل حول الملف النووي الإيراني وحماس وحزب الله، فإنني أعتقد أن تعيينه سوف يعطي رسالة خاطئة الى حلفائنا وأعدائنا على حد سواء». وأضاف «إسرائيل هي أقوى حلفائنا في المنطقة، وتواجه الكثير من التهديدات حالياً؛ وهاغل سوف يجعل الوضع متأزماً أكثر».
وكان السيناتور السابق عن ولاية نبراسكا من الموقّعين عام 2009 على بيان دعا الإدارة الأميركية إلى تشجيع تشكيل حكومة فلسطينية بين حركتي «فتح» و«حماس»، بل إنه وقّع في حينه على رسالة للرئيس أوباما حثّته على إجراء محادثات مباشرة مع «حماس»، فضلاً عن تأييده إقامة دولة فلسطينية ودعوته أوباما للشروع في مفاوضات مع حماس وحزب الله.
وقبل ذلك بسنوات، كان هاغل أحد ثلاثة من أصل مئة سيناتور رفضوا التوقيع على عريضة تعلن تأييد إسرائيل عام 2006 قامت بتوزيعها منظمة «إيباك»، واقترن رفضه بتصريح بارز قال فيه «إن الواقع السياسي يظهر أن اللوبي اليهودي يقلق الكثير من الناس في أميركا»، وقوله «أنا دائماً أعارض بعض المواقف الغبية التي لا علاقة لها بإسرائيل».
وكان هذا الموقف تكراراً لموقف سابق اتخذه هاغل في ذروة الانتفاضة الثانية عام 2002، حين رفض التوقيع على بيان تأييد لإسرائيل إلى جانب ثلاثة سيناتورات آخرين. وتبرز أيضاً مواقف هاغل المعارضة للاستيطان اليهودي في الضفة الغربية، إذ يرى أنه «لا يمكن أن نتوقع من الفلسطينيين إجراء إصلاحات ديموقراطية ما دام هناك جيش إسرائيلي محتل وما دام هناك بناء استيطاني.
وخلال حرب تموز عام 2006، دعا هاغل الرئيس جورج بوش في حينه إلى العمل على وقف إطلاق نار فوري في لبنان «من أجل وقف الجنون»، متهماً إسرائيل بالعمل على تدمير دولة لبنان وشعبه.
في الملفات الإقليمية، كان هاغل من أبرز المصوّتين في مجلس الشيوخ ضد الحرب على العراق، كما أنه رفض استخدام القوة في حال رفضت إيران التنازل عن المشروع النووي. وصوّت في مجلس الشيوخ ضد قانون العقوبات الأميركي على ليبيا وإيران، وفي عام 2008 عاد وصوّت ضد فرض رزمة جديدة من العقوبات على إيران.
وكان هاغل قد ردّ في الماضي على المواقف التي تتهمه بمعاداة إسرائيل بالقول «أنا سيناتور أميركي ولست سيناتوراً إسرائيلياً. أنا أؤيّد إسرائيل، إلا أن المصالح الرئيسية بالنسبة إليّ هي أميركا. عندما أؤدّي القسم، أؤدّيه للدستور، لا للرئيس ولا الحزب ولا إسرائيل».
وبعد إعلان ترشيحه، حاول هاغل الردّ على منتقديه بتأكيد دعمه الكامل لإسرائيل، وقال لصحيفة محلية في «نبراسكا» «ليس هناك أي دليل على أنني مناهض لإسرائيل». وأكد أنه لم يصوّت مع بعض القرارات التي تدعمها منظمات مؤيّدة لإسرائيل لأنها كانت ستأتي «بنتائج معاكسة». وتساءل «كيف كان سيساعد هذا الأمر في تقدم عملية السلام في الشرق الأوسط؟ ما يصبّ في مصلحة إسرائيل هو أن تتم مساعدة إسرائيل والفلسطينيين في إيجاد طريقة سلمية للعيش معاً».
وبالنسبة إلى موقفه من الملف الإيراني، أوضح هاغل للصحيفة أنه اعترض على عقوبات تتبنّاها الولايات المتحدة دون سواها، مشدداً على تأييده لعقوبات تصدر من الامم المتحدة.
من جهتها، عبّرت وزارة الخارجية الايرانية عن أملها بأن يحدث تعيين هاغل وزيراً للدفاع تغييراً عملياً في سياسة واشنطن الخارجية. وقال المتحدث رامين مهمان برست «نأمل أن تحدث تغيرات عملية في السياسة الخارجية الأميركية، وأن تصبح واشنطن أكثر احتراماً لحقوق الأمم».
(أ ب، الأخبار)