نواكشوط | وسط درجات حرارة منخفضة في مناطق صحراوية لا يعتاد سكانها البرد القارس، سُجّلت أمس عشرات حالات الإغماء في صفوف النازحين الى موريتانيا من شمال مالي، حيث يسيطر متشددون إسلاميون.
وقال شهود عيان لـ «الأخبار» إن حالات الإغماء كانت حادة لدى سبع عشرة سيدة وشيخين بسبب التدافع، وجرى نقلهم الى مشافٍ موريتانية في وضع حرج. وأرجع مهتّمون السبب الى التباطؤ في عمليات توزيع الأغذية التي ظلت متوقفة خلال الأيام الثلاثة الماضية بسبب أعياد رأس السنة. وقال آخرون إن غياب المسؤولين الأمميين هو السبب في الفوضى التي تشهدها عمليات التوزيع.
واتهم محمد آغ سيدي، من وجهاء المنطقة، في اتصال مع «الأخبار»، هيئة الأمم المتحدة بتهميش اللاجئين، قائلاً «لو كنا نحن غربيين فستُقام لنا الدنيا وتُوظَّف لنا كل الإمكانيات، لكن مشكلتنا أننا أفارقة والأمم المتحدة يسيطر عليها الغربيون. إن الغربيين المسؤولين عنا يقيمون في فنادق راقية في عواصم الجوار، ويتركوننا وشأننا، وهناك متطوعون من أبناء جلدتنا يُقدّمون المساعدات وهم ليسوا مؤهلين، ويعملون بدلاً من الغربيين العاملين في هيئات الأمم المتحدة، وهو ما يتسبب في هذه
الفوضى».
ويواجه نحو مئتي ألف من اللاجئين الماليين في الأراضي الموريتانية، الجوع والبرد بسبب ضعف الرعاية وقلة الموارد، ويغيب عمال هيئات الأمم المتحدة، الذين أوكلوا المهمة إلى أفارقة، فيما باتوا مرتاحين في فنادق في عواصم دول الجوار.
وفي مخيم أمبرة، وهو أكبر المخيمات على الأراضي الموريتانية، ويقيم فيه نازحون أزواديون (من أزواد حيث أعلنت منظمة أنصار الدين حكم الشريعة)، تتعالى الأصوات لمطالبة السلطات الموريتانية بالتدخل للمساعدة على تنظيم وضبط عملية توزيع المؤن والمساعدات على اللاجئين، الذين هم في تزايد مستمر بسبب حدة المعارك الضارية بين الجماعات المسلحة.
وقالت فاطمة بنت أحمد، وهي متحدثة باسم نساء المخيم، في اتصال مع إحدى المحطات الإذاعية الموريتانية، «إنهن يطالبن بإعادة رؤساء لجان التوزيع الذين سبق اعتمادهم، بدلاً من الفوضى التي تشهدها العملية منذ فترة». وأشارت بنت أحمد الى أن الطوابير غير المُنتظِمة والتسيّب المُلاحَظ، أديّا إلى حصول حالات الإغماء المُسجّلة أمس، مؤكدة انه لولا العناية الإلهية لكانت عمليات التدافع كفيلة بوضع حد لحياة العديد من النسوة.
وتعمل هيئات أممية على استيعاب أعداد متزايدة من النازحين فاقت المئتي الف لاجئ مالي في الأراضي الموريتانية، وسط استعدادات لحرب محتملة في المنطقة.
وكان متطوعون في مخيم أمبرة، الذي شهد أمس حالات الإغماء، قد حذّروا خلال الأيام الماضية من تدهور أوضاع اللاجئين لبطء عملية الإغاثة الجارية.
من جهته، قال محمد عالي اغ المبارك، وهو أحد وجهاء المنطقة، «نحن نعيش ظروفاً صعبة منذ أربعة شهور، حيث يُفرض على المواطنين، وبينهم أطفال وعجزة، الدخول في طوابير طويلة لتسلّم كميات محدودة من المؤن، فيما قد يموت بعضهم في طابور الانتظار من دون أن يتمكن من الوصول الى الأمر بالتسليم».
ودقّ موريتانيون وماليون قبل ايام ناقوس الخطر من جراء ضعف مسجل في عمليات الإغاثة في مخيمات النازحين الماليين في شرق موريتانيا.
وأبلغت مصادر في شرق موريتانيا «الأخبار» خطورة الأوضاع بسبب ضعف أداء العاملين في مجال الإغاثة وتزايد أعداد النازحين وتزايد الحاجة إليها مع دخول فصل الشتاء القارس لهذا الموسم.
وتتوزع اهتمامات النازحين بين عيون موصدة الى بطونهم الجائعة، وأخرى إلى ما ستُؤدي إليه الحرب، التي يقول بعضهم إن الغربيين سيجرّبون خلالها بعض الأسلحة الفتاكة، مؤكدين خطورة انعكاسات سلبية مُحتملة حيال التدخل العسكري وانتشار الميليشيات وهدم البنية التحتية وتقلص الخدمات وتذبذب الأسعار.