بعد جولة المفاوضات المتعثرة في العاصمة العُمانية مسقط، يسابق كلٌ من مجموعة دول (5+1) وإيران، الوقت للاقتراب من تسوية طال انتظارها للملف النووي الإيراني، قبل المهلة القصوى للتوصل الى الاتفاق النهائي الشامل في 24 من الشهر الحالي. وفي وقت يتزايد فيه الضغط على طرفي المفاوضات، وخصوصاً في ظلّ وجود «مسائل مهمة» يجب تسويتها قبل التوصل إلى الاتفاق»، وفق ما أكد وزير الخارجية الفرنسي لوران فابيوس، أمس، أعلنت وزارة الخارجية الروسية أنه قد تكون هناك حاجة لمزيد من الوقت للتوصل إلى اتفاق بعد انقضاء المهلة المحددة.
في هذا الوقت، تطرّق الرئيس الايراني حسن روحاني، إلى قضية الحظر الغربي على بلاده، واصفاً العقوبات الأميركية والأوروبية بـ «السلاح الصدئ والعديم الفائدة». وأكد روحاني، خلال حديث له في العاصمة الآذرية باكو، أمس، أن إرادة الشعب الإيراني «قلّلت تداعيات الحظر إلى ما يقارب الصفر»، لافتاً إلى أن إيران أدركت من ضغوط الحظر أن الدول الغربية «غير جديرة بالثقة». وجدد الحديث عن ضرورة التفكير على قاعدة «ربح ـ ربح» في عالم السياسة، مشدداً على أن قاعدة «ربح ـ خسارة» لن تدوم أبداً. وقال الرئيس روحاني إن الشعب الإيراني تعلم الكثير من الدروس من ضغوط الحظر، مشيراً إلى أن الدرس الأول، قائم على تقليل الايرانيين من تداعيات العقوبات إلى ما يقارب الصفر، وتقوية برامجهم الاقتصادية في مثل هذه الظروف. وقال روحاني إن إرادة الايرانيين كانت «فوق الأدوات البالية والأحادية الجانب للقوى الكبرى في الأمس واليوم»، لافتاً إلى أن بإمكان أي شعب في ظلّ الوحدة الوقوف أمام القوى الكبرى والانتصار عليها.
وفي إطار الحظر الغربي أيضاً، وجه العضوان في مجلس الشيوخ الأميركي المسؤولان عن صياغة العقوبات الاقتصادية ضد طهران عام 2011، روبرت ميننديز ومارك كيرك، أول من أمس، تحذيراً جديداً بشأن الاتفاق النووي، في إشارة إلى أن تحالفاً نيابياً من الحزبين قد ينتفض على أي اتفاق يراه الكونغرس «غير مطابق للمعايير». وقال رئيس لجنة الشؤون الخارجية السيناتور الديموقراطي ميننديز وزميله الجمهوري كيرك، في بيان مشترك: «نرى أن اتفاقاً جيداً ينبغي أن يفكّك، لا أن يرسخ البرنامج النووي الإيراني غير المشروع، وأن يمنع إيران إلى الأبد من بلوغ عتبة دولة تملك السلاح النووي». وأوضحا أن شروطهما في هذا المجال، تكمن في «وضع قيود قاسية لأنشطة الابحاث والتطوير والامداد النووية، وقول الحقيقة بشأن كل الابعاد العسكرية الممكنة، ونظام صلب من التفتيش والتحقق لعقود مقبلة».
وفيما رفض المسؤولان أي تخفيف تدريجي للعقوبات ما لم تطبق إيران كل أوجه الاتفاق على نحو صارم، لوّحا بفرض عقوبات جديدة، بالقول «سنعمل مع زملائنا في الكونغرس للتحرك بطريقة حازمة كما فعلنا في الماضي» إذا لم يسمح الاتفاق الممكن ببلوغ هذه الأهداف.
من جهة أخرى، جدد رئيس الدائرة السياسية في «الحرس الثوري» الإيراني، العميد رسول سنائي راد، التأكيد على أن عملية التفاوض تحظى بقبول جميع أركان الدولة في البلاد، وأن المرشد الأعلى للجمهورية الاسلامية الإيرانية، علي خامنئي، بدوره يدعم الفريق المفاوض، إلا أن عدم الثقة بالطرف المقابل هي السمة الغالبة، موضحاً أنه «ثمة تحفظات على مبدأ التفاوض». ولفت سنائي راد إلى فتوى المرشد الأعلى للجمهورية الإسلامية الإيرانية، علي خامنئي، بشأن تحريم الأسلحة النووية، مبيناً أن التعاطي الإيراني مع مسألة البرنامج النووي، والرقابة التي تقوم بها «الوكالة الدولية للطاقة الذرية» على الأنشطة، «يؤكدان أنه لا وجود لأي احتمال لتصنيع أسلحة نووية في إيران».
على خطٍ موازٍ، أعلنت وزارة الخارجية الروسية، أمس، أنه «ربما تكون هناك حاجة إلى المزيد من الوقت للتوصل إلى اتفاق نووي مع إيران بعد انقضاء مهلة 24 تشرين الثاني»، ما يؤشر إلى احتمال تمديد المفاوضات للمرة الثالثة على التوالي خلال سنة واحدة.
إلى ذلك، أكد وزير الخارجية الفرنسي لوران فابيوس، أمس، أن هناك «مسائل مهمة» يجب تسويتها في المباحثات الجارية حول البرنامج النووي الإيراني. وأعرب فابيوس، عقب لقائه نظيره الإيطالي باولو جنتيلوني، عن أمله في «إيجاد حل، لكن هذا الحل لا يمكن التوصل اليه إلا في الإطار المحدد منذ البداية»، مضيفاً «لا أريد القيام بتكهنات في الوقت الراهن، لأننا سنقوّم الحصيلة فقط يوم 24 (تشرين الثاني الجاري)».

(فارس، أ ف ب، رويترز)