برغم السعي الأميركي إلى احتواء الجدل الذي أثير حول «الرسالة السرية»، التي بعث بها الرئيس باراك أوباما، إلى المرشد الأعلى للجمهورية الإيرانية علي خامنئي، لم يكن ذلك كافياً لوضع حدّ للتأويلات الدائرة حولها، ولكن تأكيد وجود هذه الرسالة ومحتواها الذي ارتبط، وفق صحيفة «وول ستريت جورنال»، ببحث تعاون محتمل في المعركة ضد «الجهاديين»، إذا جرى التوصل إلى اتفاق حول النووي، أتى، أمس، على لسان مصادر إيرانية رفيعة المستوى، أوضحت لـ«الأخبار» أن طهران ردت على الرسالة، في ما يشبه رمي الكرة في الملعب الأميركي.
ووفق المصادر الإيرانية، فقد بعث أوباما، بالرسالة إلى خامنئي، بهدف تهنئته بسلامته بعد خروجه من المستشفى، طارحاً في الوقت ذاته موضوع التعاون المتعلّق بمحاربة «داعش». وأضافت المصادر أن طهران ردّت على الرسالة، انطلاقا من محورين.
وأوضحت المصادر أنه في ما يتعلق بالتكفيريين، حمّلت الرسالة الجوابية الولايات المتحدة، مسؤولية توسّع تهديد تنظيم «الدولة الإسلامية»، بإشارتها إلى أن وقف الدعم الأميركي لهذا التنظيم كفيل بوضع حدّ له وتسريع القضاء عليه، مشيرةً إلى أن هذا الملف أصلاً عند واشنطن وحلفائها في المنطقة.
أما في ما يتعلق بالملف النووي الإيراني، فقد أكد الرد الإيراني أن «الأولوية قبل أي شيء هي لرفع العقوبات عن إيران، وبعدها لكل حادث حديث».
في هذه الأثناء استُكملت، أمس، جلسات المباحثات في مسقط بين إيران ومجموعة «5+1» على مستوى مساعدي الخارجية والخبراء، لتسوية العراقيل الباقية للتوصل إلى اتفاق نووي شامل، وعرض ما جرى التوصل إليه في المحادثات الثلاثية التي جرت، على مدى يومين في مسقط، بين وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف، وممثلة الاتحاد الأوروبي كاثرين آشتون، ووزير الخارجية الأميركي جون كيري، الذي غادر مسقط أول من أمس إلى الصين، للمشاركة في اجتماعات «آيباك»، على أن يعود اليوم أو غداً إلى السلطنة، حيث من المتوقع أن يجري تمديد جولة المفاوضات، كما ألغى ظريف، زيارة تشاورية إلى طهران، فيما بقيت آشتون، في مسقط.
وتقول مصادر إيرانية مطلعة إن المحادثات تبدو «متعثرة» على الرغم من التصريحات المتفائلة التي تصدر، معلنة امكانية التوصل إلى نوع من الاتفاق على الخطوط الرئيسية قبل 24 الشهر الجاري. وتضيف المصادر نفسها، لـ«الأخبار»، إن تمديد المفاوضات مؤشر على أن سلطان عمان، قابوس بن سعيد، سيتدخل بنفسه في مجرياتها، آخذا بالاعتبار ما تربطه من علاقات بين الطرفين تساعده على تذليل الصعوبات. وكشفت هذه المصادرعن أن خمس جولات تفاوض سريّة عقدت في مسقط بين واشنطن وطهران، أربع منها في عهد حسن روحاني، لكن الأولى منها كانت في عهد الرئيس محمود أحمدي نجاد في العام الأخير من ولايته الثانية. وقتها، أدى وزير الخارجية آنذاك علي أكبر صالحي دوراً في اقناع القيادة بضرورة اختبار النيات الأميركية. قبلت القيادة ولكن بشروط، أولها أن يكون التمثيل على مستوى معاون وزير الخارجية لا أكثر، وأن تنحصر المحادثات بالملف النووي، وأن تكون بمثابة «اتمام حجة» من دون تقديم أي نوع من التنازلات. في تلك الجولة كان حاضراً عن الجانب الإيراني السيد حاجي، فيما حضر ستة مسؤولين عن الجانب الأميركي أهمهم وليام بيرنز وكبير مساعدي جو بايدن، جاك سولفيان.
إلى ذلك، وقعت إيران وروسيا، أمس، اتفاقية لإنشاء محطتين نوويتين لتوليد الطاقة الكهربائية بجوار محطة بوشهر. ووقع الاتفاق عن الجانب الإيراني رئيس منظمة الطاقة الذرية، علي أكبر صالحي، وعن الجانب الروسي رئيس شركة «روس اتوم» الحكومية سيرغي كرينكو.