عادت الأزمة الأوكرانية إلى واجهة التصريحات الغربية من باب التهديد والتحذير من عودة الأوضاع في هذه البلاد إلى ما كانت عليه قبل توقيع اتفاق مينسك في الخامس من أيلول الماضي بين الانفصاليين وكييف، خصوصاً في ظل الحديث عن احتدام المعارك في شرقي أوكرانيا، بالتزامن مع الاتهامات لموسكو بإرسال تعزيزات إلى هذه المنطقة.
وفيما تتصاعد حدّة التهديدات الغربية لموسكو، التقى الرئيس الأميركي باراك أوباما نظيره الروسي فلاديمير بوتين، أمس، في بكين، على هامش قمة آسيا ــ المحيط الهادئ (ابيك)، بحسب ما أعلن مسؤول أميركي كبير.
إلا أن المسؤول الأميركي قال إن الرئيسين اللذين تسود علاقاتهما التوتر بسبب الأزمة الأوكرانية «عقدا لقاءً قصيراً لم يتسنّ لهما خلاله التطرق إلى المشاكل»، في حين أوضح المتحدث باسم الرئاسة الروسية ديميتري بيسكوف أنه «لم تكن هناك أية محادثة، الحقيقة أنهما تبادلا التحية، وكان ذلك هو الاتصال الوجيز بينهما على هامش القمة». وأشار بيسكوف إلى أن الرئيسين ينطلقان من أن الفرصة ستسنح لهما لتبادل أطراف الحديث في الأيام القريبة المقبلة، على هامش اللقاء نفسه.
ويأتي هذا اللقاء بعدما كان البيت الأبيض قد أعرب، الأحد، عن قلقه إزاء احتدام المعارك في مناطق الانفصاليين في شرقي أوكرانيا، مذكّراً بأن أي محاولة من قبل الانفصاليين للاستيلاء على مزيد من الأراضي ستشكل «خرقاً فاضحاً» لاتفاقات وقف إطلاق النار.
وقالت المتحدثة باسم مجلس الأمن القومي، برناديت ميهان، في بيان: «نحن قلقون جداً إزاء احتدام المعارك في شرقي أوكرانيا وإزاء المعلومات الواردة، خصوصاً من منظمة الأمن والتعاون في أوروبا، التي تشير إلى استقدام الانفصاليين، مدعومين من الروس، لقوافل كبيرة من الأسلحة الثقيلة والدبابات»، إلى مناطق المتمردين.
وفي الإطار ذاته، صرّح وزير الخارجية الألماني فرانك فالتر شتاينماير، أمس، بأن الوضع في المناطق التي يسيطر عليها الانفصاليون في شرقي أوكرانيا أصبح خطيراً من جديد، داعياً جميع أطراف النزاع إلى احترام اتفاق وقف إطلاق النار.
وقال شتاينماير في مؤتمر صحافي خلال زيارته كازاخستان: «للأسف الوضع أصبح خطيراً من جديد. أعتقد أنه ينبغي علينا حالياً أن ندعو جميع أطراف النزاع فضلاً عن الجانب الروسي إلى العودة من جديد إلى تطبيق بنود بروتوكول مينسك».
وذكرت وكالة «فرانس برس» أن تعزيزات كبيرة بالأسلحة الثقيلة كانت تتجه، صباح أمس، إلى دونيتسك. وأفادت الوكالة عن مشاهدة ست دبابات ومدرعتين على مقربة من شاختارسك على الطريق المؤدية إلى دونيتسك، إضافة إلى رتل من 15 شاحنة لا تحمل ألواح تسجيل كانت في ماكييفكا متجهة إلى دونيتسك، بينها 14 شاحنة تحمل مدافع من عيار 122 ملم. وأوضحت أن الشاحنات كانت مغطاة بشوادر، باستثناء واحدة تبيّن أنها تحمل صناديق مرصوفة من الذخائر. وفي موازاة ذلك، سمع في دونيتسك إطلاق قذائف مدفعية، خلال الليل، بعدما كانت قد اندلعت معارك عنيفة، ليل السبت الأحد.
وكانت أوكرانيا قد اتهمت، الأحد، روسيا بإرسال المزيد من القوات والأسلحة الثقيلة عبر الحدود إلى منطقة الصراع التي يسيطر عليها الانفصاليون شرقي أوكرانيا، وحذرت من أن موسكو تسعى لإيجاد ذريعة لنشر قوات حفظ سلام في المنطقة. كذلك أفاد مراقبو منظمة الأمن والتعاون في أوروبا بأنهم رصدوا قافلة تضم أكثر من 40 شاحنة ودبابة لا تحمل علامات مميزة أو لوحات أرقام، تتحرك غرباً على طريق رئيسي شرقي مدينة دونيتسك.
وفي هذا الوقت، فتحت السلطات الأوكرانية تحقيقاً بتهمة «الإرهاب» بعد اعتداء بقنبلة أدى إلى إصابة 11 شخصاً بجروح، واستهدف حانة في خاركيف شرقي أوكرانيا كانت تجمع الأموال للجنود الأوكرانيين.
وهو أحد أول الاعتداءات العنيفة التي تتعرض لها خاركيف، شرقي أوكرانيا، التي بقيت في منأى عن المعارك خلافاً لدونيتسك ولوغانسك، والتي يتعايش فيها أنصار كييف والانفصاليون الموالون للروس في أجواء شديدة التوتر.
وعلى خط منفصل، اتهم الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، أمس، القوات الأوكرانية بالقيام بقصف مدفعي «متواصل» على المنطقة التي تحطمت فيها الطائرة الماليزية التي كانت تقوم بالرحلة رقم «ام اتش 17» فوق أوكرانيا في تموز، وتمنع بذلك تحقيقاً موضوعياً.
ونقلت وكالة «ريا نوفوستي» عن بوتين قوله، أثناء لقاء مع رئيس الوزراء الماليزي نجيب رزاق، تأكيده أن الانفصاليين الموالين للروس لم يقصفوا الطائرة، بل «الطرف المضاد الذي يقصف باستمرار تلك المنطقة ويمنعون بذلك (الخبراء الدوليين) من العمل بشكل كامل على موقع الكارثة الجوية».

(الأخبار، رويترز، أ ف ب)