من المتوقع أن تشهد المرحلة الأميركية المقبلة عناوين عريضة مختلفة، قد يتفاعل معظمها بين عنوانين أساسيين يختصران العد العكسي الذي يسبق الانتخابات الرئاسية التي ستجرى في عام 2016، وهما «المشاكسة أو الوئام» بين الرئيس باراك أوباما والكونغرس الذي سيطر عليه أخيراً الجمهوريون.
حتى ذلك الحين، أقلام كثيرة ستكتب وتحلل العلاقة بين المؤسستين، ولكن ما نضح، خلال اليومين الأخيرين، كان كافياً لإطلاع المهتمين بالشق الخارجي من السياسة الأميركية، على ما يمكن أن تحمله الحقبة المقبلة، من تغييرات سيكون لها تأثيرها المباشر وغير المباشر على المنطقة.
الموجة الجمهورية التي اجتاحت مجلسي الكونغرس (مجلس النواب ومجلس الشيوخ)، ستظهر مفاعيلها بأصوات عدد من المشرّعين وأعضاء مجلس الشيوخ، التي ستكون مسموعة بقوة في نقاش القضايا المتعلقة بالسياسة الخارجية والأمن القومي. ووفق مجلة «فورين بوليسي»، فإن الرئيس الأميركي، باراك أوباما، سيضطر إلى التعامل مع ألد معارضيه في هذا الشأن، وهو السيناتور الجمهوري جون ماكين. لكن المجلة لفتت إلى أن التوترات بين هاتين الشخصيتين ستزداد، خلال الفترة المقبلة، وخصوصاً أن ماكين، سيتولى رئاسة لجنة القوات المسلّحة في الكونغرس، «ما سيمنحه فرصة إجراء جلسات استماع حول صعود الدولة الإسلامية والحرب في سوريا». إضافة إلى ذلك، رأى كاتب التقرير، جون هادسون، أن ماكين «الذي طالما دافع عن ضرورة نشر قوات برية في سوريا والعراق، سيدفع الإدارة الأميركية إلى تكريس المزيد من الدماء والمال في الشرق الأوسط».
وأيضاً من الوجوه التي ستطغى على جبهة السياسة الخارجية في الكونغرس، زعيم الغالبية الجمهورية، ميتش ماكونيل، الذي تطرّق، منذ يومين، إلى الاستراتيجية الأميركية لمحاربة «الدولة الإسلامية»، مؤثِراً عدم الحديث عن أمر أساسي آخر، وهو تصرف الكونغرس المرتقب حيال البرنامج النووي الإيراني، ما يترك الباب مفتوحاً أمام المزيد من التأويلات الدائرة حول هذا الملف.
هناك طرف
سيحاول التأثير على السياسة الأميركية هو بنيامين نتنياهو

وإضافة إلى هذين الاثنين، سيكون على أوباما التعامل مع السيناتور الجمهوري، بوب كروكر، الذي من المتوقع أن يتسلم رئاسة لجنة العلاقات الخارجية في الكونغرس، وكان من الداعمين لفرض عقوبات جديدة على إيران. مع ذلك، رأت «فورين بوليسي» أنه «في عهد كروكر لن يتغيّر الأمر كثيراً، لأن اللجنة اتسمت بالعدائية منذ عهد سلفه الديموقراطي بوب مينديز».
بناء على ذلك، ورغم أن مدة النصر الجمهوري لم تتخط اليومين بعد، فإن جناح الصقور في الحزب بدأ في خططه الطموحة لإعادة تنظيم السياسة الخارجية الأميركية: من تسليح الجيش الأوكراني، إلى مراجعة الحرب على «الدولة الإسلامية»، والتحقيق في دور أجهزة الاستخبارات الأميركية في تحسين العلاقة مع إيران. فـ«هؤلاء الصقور الذين كانوا موجودين منذ سنوات، باتوا اليوم يمسكون بمفاصل لجان مهمة في مجلس الشيوخ، تقوم بمراقبة الشق التنفيذي في السياسة الخارجية والحروب»، وفق موقع «ديلي بيست»، الذي نقل أيضاً عن رئيس لجنة الاستخبارات في مجلس النواب، ديفين نونز، قوله إنه «سيبدأ بالتدقيق في المحادثات بين الإدارة الأميركية وإيران، وخصوصاً الدور الذي لعبته لجنة الاستخبارات في هذا الإطار».
عدا عن الجمهوريين، هناك طرف آخر سيحاول التأثير على صناعة السياسة الخارجية الأميركية، هو رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، الذي سيعطيه فوز الجمهوريين أملاً جديداً بأن يعمل بدهاء من أجل تغيير طريقة تعاطي الإدارة الأميركية مع الملف الإيراني. فوفق مجلة «فورين أفيرز»، من المتوقع أن يستخدم هذا الأخير الكونغرس من أجل عرقلة المفاوضات مع الجمهورية الإيرانية بشأن برنامجها النووي، «ما قد يُسقط الإجماع الدولي الذي سعت إدارة أوباما إلى بنائه بعناء ضد إيران، ويحوّله إلى إجماع ضد الولايات المتحدة».
وطبقا لكاتب التقرير، تريتا بارسي، «لا تكمن المشكلة في البرنامج النووي... لكن في شهية إسرائيل والكونغرس الأميركي على القتال».