في خضمّ الدور المحوري الذي تؤديه تركيا في الأحداث الإقليمية، لا تزال حكومة «العدالة والتنمية» مستمرة في تعزيز سطوتها الداخلية، على مؤسسات الدولة.فقد فاز مرشحو الحزب الحاكم باكتساح الانتخابات التي شارك فيها، أول من أمس، آلاف القضاة والمدّعين في كل أرجاء البلاد، لتجديد ولاية أعضاء في المجلس الأعلى للقضاء، ما يعزز سيطرة الحكومة على القضاء.

وذكرت صحيفة «حرييت» التركية أن المرشحين الفائزين الآخرين هما من المقربين من جماعة فتح الله غولن.
ويشرف المجلس الأعلى على استقلالية القضاء عن السلطة السياسية، عبر تعيين وعزل كبار القضاة في البلد، إضافةً إلى اتخاذ إجراءات عقابية بحقّهم.
وبحسب النتائج غير النهائية التي نشرتها وسائل الإعلام، حصل مرشحو لائحة «الوحدة القضائية» القريبة من «العدالة والتنمية»، على 8 مقاعد من أصل 10، فيما ذكرت صحيفة «حرييت» التركية أن المرشحين الفائزين الآخرين هما من المقربين من جماعة غولن.
ورأى وزير العدل التركي بكير بوزداغ، الذي شارك في حملة مفتوحة لمرشحي لائحة «الوحدة»، أن «التصويت الذي جرى كان ديموقراطياً، وقد أتاح تشكيل هيكلية تعددية». وأضاف: «إنه انتصار للقضاة والمدعين العامين والقضاء ودولة القانون والمفهوم المستقل والموضوعي للعدالة»، قائلاً: «رفض قضاتنا ومدّعونا العامون مقاربة أيديولوجية».
وبات المجلس الأعلى للقضاء محطّ أنظار حكومة أنقرة، منذ طاولت فضيحة الفساد رئيس الوزراء آنذاك رجب طيب أردوغان، وبعضاً من وزرائه في كانون الأول الفائت. حينها اتهم أردوغان حلفاءه السابقين في حركة الداعية فتح الله غولن بالوقوف خلف تحقيقات قضائية تستهدفه في إطار «مؤامرة» ترمي إلى إطاحته.
ومنذ ذلك الوقت، يحاول أردوغان السيطرة على القضاء خشية إعادة فتح قضية الفساد. لذلك، يُعدّ فوز «العدالة والتنمية» في أعلى هيئة قضائية في البلاد، انتصاراً لأردوغان في معركته مع غولن، خصوصاً بعد تعهد الرئيس «تطهير» القضاء من نفوذ غولن الذي يتهم حركته (الكيان الموازي) بالتغلغل في أجهزة الأمن والقضاء للسيطرة على مفاصل الدولة.
وعلّق الرئيس أردوغان على نتائج الانتخابات، في خطابٍ ألقاه في جامعة مرمرة، قائلاً: «الفائز في هذه الانتخابات هم شعبنا وبلدنا والعدالة»، مضيفاً أن المجلس الأعلى، بتكوينه المستقل، سيسير بتشكيل يحل مشاكل القضاء».
من جهته، أكد رئيس الوزراء أحمد داوود أوغلو، أن القضاء المستقل غير المرتهن لأي مجموعة، هو أحد الأعمدة الأساسية في جهود تركيا من أجل التنمية الاقتصادية والتحول الديموقراطي».
وبالنسبة إلى الاضطرابات الأمنية الأخيرة، قال داوود أوغلو: «سنلجأ إلى البناء في مواجهة المخربين، ولدينا رؤية جديدة في مواجهة مثيري الأزمات»، مؤكداً في المقابل «التمسك بعملية السلام (مع الأكراد) في مواجهة من يسعون إلى تخريبها، ومصممون على حمايتها، لأنها أساس مشروع الوحدة الوطنية»
وشدّد أيضاً على أن النظام العام «لن يتزعزع مهما فعلوا» في إشارةٍ إلى المتظاهرين الأكراد، مشيراً إلى أن الدولة «مصممة على اتخاذ كل التدابير من أجل الحفاظ على النظام، ولن يكون أي إهمال أو تراخٍ في هذا الخصوص».

(الأناضول، أ ف ب)