لليوم الثاني على التوالي، تحدثت الحكومة الأوكرانية ومعها كل من الولايات المتحدة وحلف شمال الأطلسي عن توغل عسكري روسي داخل الأراضي الأوكرانية، وهو ما نفته موسكو بشدة، حيث أعلن مسؤول عسكري كبير في «الأطلسي» أمس أن أكثر من ألف جندي روسي يقاتلون حالياً على الأراضي الأوكرانية، وخصوصاً في مدينة نوفوازوفسك، معتبراً أن وجودهم «مقلق جداً».
وقال المسؤول خلال مؤتمر صحافي في مركز قيادة القوات الحليفة في أوروبا، في غرب بلجيكا، إن «أكثر من ألف جندي روسي يقاتلون حالياً في أوكرانيا. إنهم يدعمون الانفصاليين ويقاتلون معهم» القوات المسلحة الأوكرانية، مؤكداً أنه يستند إلى «تقديرات حذرة جداً»، مضيفاً أن هؤلاء الجنود الذين لا يحملون أي شارة، يمكن التعرف إليهم «من خلال سلوكهم» الذي هو «تصرف جنود محترفين».
وقال «يستخدمون معدّات متطورة وينصحون الجنود الانفصاليين، ويتوغلون في عمق 40 وحتى 50 كلم داخل الاراضي الاوكرانية».
وأكدت كييف أمس أن «قوات روسية» سيطرت على مدينة نوفوازوفسك الحدودية، منددةً بـ«غزو مباشر».
وقال المسؤول العسكري «منذ الاثنين نرى عمليات توغل جديدة قرب نوفوازوفسك»، ما يفتح «جبهة جديدة أمام القوات الأوكرانية»، ويضعها «في وضع رهيب».
كذلك، اتهم السفير الأميركي في أوكرانيا جيفري بيات، أمس، روسيا بـ«التدخل مباشرةً» في الاشتباكات بين الانفصاليين والقوات الحكومية في شرق البلاد.
وكتب بيات على موقع «تويتر» ان «عدداً متزايداً من القوات الروسية يتدخل مباشرة في المعارك على الأراضي الأوكرانية»، مضيفاً أن موسكو «باتت ضالعة مباشرة في المواجهات»، وأرسلت «أحدث أنظمة دفاعاتها الجوية، ومنها نظام اس ايه 1» إلى شرق أوكرانيا.
من جهتها، نفت وزارة الدفاع الروسية أمس الاتهامات الأميركية والأوكرانية بإرسال قوات إلى شرق أوكرانيا.
وقال المتحدث باسم الوزارة الجنرال ايغور كوناشنكوف إن «هذه المعلومات لا صلة لها بالواقع»، وإن وحدات الجيش التي قالت واشنطن إنها عبرت الحدود إلى أوكرانيا تقوم «بتمارين تدريبية تكتيكية ضمن النطاق المحدد لها».
وإبان هذا التصعيد، كشف السفير الأوكراني لدى الاتحاد الأوروبي كونستيانتين ايليسييف أن أوكرانيا طلبت أمس من الاتحاد الأوروبي منحها «مساعدة عسكرية كبيرة» بعد «غزو روسي غير خفي».
وقال إيليسييف، حسبما ورد على صفحة السفارة الأوكرانية لدى الاتحاد الأوروبي على موقع «فايسبوك»: «ندعو إلى دورة استثنائية للمجلس الأوروبي في 30 آب حول أوكرانيا، والتضامن يجب أن يتجسد بعقوبات كبيرة ومساعدة عسكرية وتقنية واسعة».
في هذا الوقت، عبّر الرئيس الدوري للاتحاد الأوروبي رئيس الوزراء الإيطالي، ماتيو رينزي، للرئيس الروسي فيلاديمير بوتين أمس، عن «بالغ القلق» إزاء تصعيد الوضع في شرقي أوكرانيا، حسب التلفزيون الحكومي الإيطالي.
وقال التلفزيون إن رينزي أجرى بعد ظهر أمس مكالمة هاتفية مع بوتين، باسم الاتحاد الأوروبي الذي ترأسه إيطاليا دورياً حتى الحادي والثلاثين من كانون الأول 2014، حيث عبّر عن «بالغ القلق لتصعيد الوضع في أوكرانيا، والذي لا يمكن التسامح معه».
وحثّ رينزي بوتين على «العودة السريعة إلى طاولة المفاوضات»، لافتاً إلى أن «دخول القوات الروسية إلى أوكرانيا ستكون له عواقب خطيرة للغاية».
في السياق نفسه، أعلن الرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند أن باريس تقترح مواصلة المشاورات بشأن تسوية الأزمة في شرق أوكرانيا، في إطار الرباعية التي تضم زعماء أوكرانيا وروسيا وفرنسا وألمانيا.
وأكد هولاند، في كلمة ألقاها في اجتماع السفراء الفرنسيين في باريس أمس، أنه يمكن حل الأزمة الأوكرانية سياسياً فقط، وقال: «الأزمة الأوكرانية أخطر أزمة منذ الحرب العالمية الثانية. هناك حل سياسي ولا يوجد حل عسكري لها».
وعلى حدّ قول الرئيس الفرنسي، فإن زعيمي فرنسا وألمانيا واصلا جهودهما الرامية إلى إقامة الحوار، بعد اللقاء الأول لرئيسي أوكرانيا وروسيا في النورماندي، مؤكداً أن باريس وبرلين مستعدتان لمواصلة العمل في إطار «رباعية النورماندي».
ميدانياً، أفاد بيان صادر عن مقر عمليات مكافحة الإرهاب التي أطلقتها الحكومة الأوكرانية أن 225 انفصالياً قُتلوا في غارات جوية نفذتها القوات الجوية الأوكرانية على أطراف مدن غورلوفكا وإيلوفايسك في إقليم دونيتسك شرقي البلاد، مضيفاً أنه تم تدمير 3 دبابات وصاروخين من نوع «غراد» في الغارات.
(الأخبار، أ ف ب، رويترز)