يطغى النقاش حول من سيتولى رئاسة حزب «العدالة والتنمية» على كل نقاش آخر. بعد قطع الرئيس المنتخب رجب طيب أردوغان الطريق على الرئيس الحالي عبدالله غول، يُطرح اسم أحمد داوود أوغلو، بقوة، مرشحاً لهذا المنصب، وبالتالي رئيساً للحكومة، على رغم أخطائه في السياسة الخارجية. غير أن القضية ليست قضية أسماء، إذ بات واضحاً أن الحزب الحاكم يمرّ بأزمة هوية. فحتى الماضي القريب، ظلّ أردوغان يمثّل وحدةً متكاملة مع «العدالة والتنمية». إلا أنه، من الآن فصاعداً، لن تكون هناك وحدة حال بين الحزب ورئيسه، حيث سيكون الحزب والشعب خاضعين لسطوة أردوغان. وتطرح الدعوة إلى اجتماع مجلس القيادة في حزب «العدالة والتنمية»، في 27 آب الجاري، أي قبل يوم واحد من انتهاء ولاية غول في رئاسة الجمهورية، تساؤلات عن إعادة رسم خريطة الحزب واختيار قيادة جديدة له، وكذلك البحث عن رئيس للوزراء. إذ يطمح أردوغان إلى «تطعيم» القيادة بعناصر من الجيل الجديد تحلّ تدريجياً محل الجيل المؤسس، لكونها أكثر إخلاصاً وتأثراً بشخصه.

وفيما أعلن غول نيّته العودة إلى الحزب، بعد يوم واحد من إعلان نتائج الانتخابات الرئاسية، جاء تحديد 27 آب موعداً لانعقاد المؤتمر الاستثنائي ليقطع الطريق على غول في تولي هذا المنصب، لكون الدستور التركي يمنع رئيس الجمهورية من الانخراط في أي حزب خلال فترة ولايته. إلا أنّ حدثاً واحداً قد يغيّر هذا المسار، هو استقالة غول من الرئاسة قبل 28 الجاري، ما يتيح له العودة إلى الحزب وربما تولي رئاسته.
ويسعى أردوغان إلى إعادة تشكيل الساحة السياسية انطلاقاً من حزب «العدالة والتنمية». لا يحتاج الرئيس المنتخب إلى حليف، بل إلى من ينفذ تعليماته. وهذه المواصفات لا تنطبق على غول الذي لا يمكنه أن يكون صدى لأردوغان، وخصوصاً أن الأخير يعرف هذا الأمر. لكنّه يتصرف وكأنه يمتلك الحزب الحاكم، ولا سيما عندما رحّب بعودة غول إلى الحزب، «ولكن بعد تعيين رئيسي الحزب والوزراء».

يرى أكثر من 70%
من مؤيدي الحزب أن غول مناسبٌ لرئاسة
الحكومة

تلقّى نواب «العدالة والتنمية» الذين لا يحقّ لهم الترشح لدورة ثالثة ولن يُعاد انتخابهم، رسالة أردوغان عن نيته تحييد «الحرس القديم» وإتاحة الفرصة للجيل الجديد الأقرب إلى أفكاره وطروحاته ونهجه الاقتصادي واتجاهاته الدينية بكثير من الامتعاض، وخصوصاً أن تصرفاته حيالهم تدلّ على أنه «استغلّهم» ليضمن استمراره في السياسة وتنفيذ طموحاته، والآن ها هو يحاول إقصاء بعضهم.
يبقى السؤال الأهم، وهو عن مدى تمكّن حزب «العدالة والتنمية» من الفوز في الانتخابات البرلمانية عام 2015، بهدف تعديل الدستور وتغيير النظام إلى رئاسي. من هنا، يعتقد البعض أن عليه اختيار رئيس وزراء قوياً، لا «دمية» تمتثل لأوامره، ولا يغطي الأخطاء الجسيمة، كتلك التي ارتكبها أردوغان إبان توليه رئاسة الوزراء. لهذه الأسباب، لا يناسب أردوغان وجود غول إلى جانبه. وفي هذا الإطار، تبدو خطته واضحة، وهي إبعاد رئيس الجمهورية الذي تشارف ولايته على الانتهاء عن الحكم.
مجموعة أردوغان داخل الحزب أعلنت أنها «لا تبحث عن قائد بل عن رئيس وزراء يساعد في تمكين أردوغان وتثبيت سلطته»، مؤكدةً أن قائدها ورئيس حركتها السياسية هو أردوغان.
وأشارت إلى أنها «ستقف في وجه كل من يقف في وجهه»، في إشارةٍ إلى رغبة غول في تولّي رئاسة الحزب، وذلك رغم أن أكثر من 70% من مؤيدي «العدالة والتنمية»، بحسب استطلاعات الرأي، يرون أن غول مناسب لرئاسة الحكومة، فيما يرى بعض الوزراء أن وجوده في هذا المنصب سيمكّن الحزب من الفوز في الانتخابات البرلمانية 2015. وحتّى رجال الأعمال الذين يدورون في فلك «العدالة والتنمية»، يفضّلون شخصية تساعد أردوغان على الفوز في الانتخابات البرلمانية.