إسطنبول | فاز رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان في الاستحقاق الرئاسي أمس، متخطياً معارضيه من الدورة الأولى، ليرث عبدالله غول لمدة سبعة أعوام. وفي أنقرة، من على شرفة حزبه «العدالة والتنمية»، قال أردوغان أمام مناصريه إن «اليوم هو يوم تاريخي للديموقراطية التركية»، مضيفاً في كلمته أن «اليوم انتصر من صوّت ومن لم يصوّت لنا. ليس تركيا فحسب بل إسلام آباد وكابول وحلب وحماة وحمص ودمشق وغزة ورام الله والقدس انتصرت اليوم».

وتابع «اليوم هو فاتحة لمرحلة جديدة في تركيا... اليوم يوم احتضان الدولة للشعب وزوال بقايا النظرة المتعالية. يوم انتهاء الوصاية على قصر تشانكايا الجمهوري».
وقال رئيس «العدالة والتنمية»، الذي سبق أن أوصل سلفه إلى الرئاسة، «خضنا حتى اليوم تسعة انتخابات وفزنا فيها جميعاً مع زيادة طردية في نسبة أصواتنا»، مشيراً إلى أن «نظام الوصاية هو أكبر الخاسرين في هذه الانتخابات... والسياسة الرخيصة الانتهازية تلقت اليوم درساً قاسياً». ورأى في إشارة مبكرة إلى استحقاق التعديل الدستوري أن «المعارضة لم تتعاون مع الحكومة من أجل صياغة دستور جديد، رغم الاتفاق على عشرات البنود».
وأشار رئيس تركيا المقبل إلى سياسة حزبه خلال الأعوام الـ12 الماضية فقال: «لم نتدخل في حياة أحد أبداً، والذين يتهموننا بالديكتاتورية فلينظروا إلى أنفسهم وليحاسبوها»، مضيفاً «قد نختلف في نمط الحياة والمعتقد، ولكننا جميعاً أبناء هذه الأمة، نعيش في ظل علم واحد، جميعنا أصحاب هذا الوطن بصرف النظر عن انتماءاتنا». وأضاف في سياق آخر «حققنا إنجازات اقتصادية كبيرة. فقد كنا مدينين لصندوق النقد الدولي بـ23 مليار دولار، قمنا بأدائها كلها، وها نحن الآن نعتزم إقراض هذا الصندوق 5 مليارات دولار».
ولم ينس أردوغان الالتفات إلى حلفائه السابقين من بوتقة الإسلاميين، إذ قال «أعلم أن هناك أصحاب نيات حسنة بين أتباع الكيان الموازي (جماعة فتح الله غولن)، لذا أدعوهم إلى مراجعة ما يفرضه الكيان عليهم، وأنا على ثقة من أنهم سينظرون معنا في النهاية نحو مستقبل واحد»، خاتماً أن «اليوم هو يوم ميلاد تركيا الجديدة، وسأكون رئيساً لـ77 مليون مواطن تركي».
وحصل أردوغان، وفق الأرقام غير النهائية، على نسبة 51.8 في المئة من الأصوات، في مقابل 38.5 في المئة لمنافسه أكمل الدين إحسان أوغلو و9.8 في المئة لمصلحة صلاح الدين ديمرتاش، وذلك بعد فرز نحو 99 في المئة من الأصوات، بحسب اللجنة العليا للانتخابات التي صرّحت بأن النتائج النهائية الرسمية ستصدر اليوم. وفي إسطنبول، فاز أردوغان بأصوات 49.9% من أصوات الناخبين، تلاه أوغلو بـ41% ثم ديمرتاش بـ9.2%. وتكررت هذه النتيجة في أنقرة أيضاً، حيث فاز أردوغان بأصوات 51.3% من الناخبين تلاه أوغلو بـ45.2% ثم ديمرتاش بـ3.5%.
ورأى البروفسور محمد ألتان، في لقاء مع «قناة ستار» التركية، أن فوز أردوغان من الدورة الأولى للانتخابات، رغم تحالف المعارضة على مرشح واحد، وبنسبة أعلى من نسبة فوز حزبه في الانتخابات المحلية الأخيرة، أثبت أنه صاحب القوة المطلقة والكلمة الأولى في تركيا، معتبراً أن استمراره في السلطة لسنوات عدة، تقلد خلالها العديد من المناصب، يدل على حنكته السياسية.
أفوك سويليماز، وفي لقاء مع «قناة أولوصال» المعارضة، رأى أن الانتخابات لم تكن عادلة، لأن أردوغان استغل كل إمكانيات الدولة لدعم حملته الانتخابية، وهو الدعم الذي لم يتمتع به منافسوه، كذلك رأى أن توقيت الانتخابات المتزامن مع فترة الإجازات حرم الكثير من مؤيدي المعارضة من التصويت بسبب وجودهم بعيداً عن مراكزهم الانتخابية.
المرشح المعارض أكمل الدين إحسان أوغلو، وفي التصريح الأول له، هنّأ أردوغان وتمنى أن تصب نتيجة الانتخابات في مصلحة الدولة التركية. وقال «حصلنا على نسبة 39%، وهو رقم مهم جداً في ظل الاتهامات التي وجهت لي حول عدم خبرتي في الحياة السياسة، وهو ما أراه الرد المناسب على هؤلاء».
المتحدث الرسمي باسم «حزب الشعب الجمهوري» قال إن أوغلو وديمرتاش لم يخسرا الانتخابات، بل إن المواطنين الذين يريدون الديموقراطية هم الخاسرون، متهماً أردوغان بالتمييز بين الديانات والمذاهب، في مقابل وقوف «حزب الشعب الجمهوري» على مسافة واحدة من جميع الأتراك. وأضاف أن الأيام المقبلة «ستضعنا وجهاً لوجه أمام إدارة متسلطة استخدمت كل امكانيات الدولة لدعم مرشح واحد، ما يجعل الانتخابات غير عادلة»، مضيفاً أن أردوغان لن يكون رئيساً لكل الأتراك.
وفي حوارعلى «قناة دال» التركية، رأى الكاتب في جريدة «حرييت» طه أيكول أن فوز أردوغان ليس نجاحاً، في ظل تراجع نسبة المشاركة في الانتخابات مقارنة بنسبة المشاركة في الانتخابات المحلية التي جرت في 30 آذار الماضي، والتي وصلت إلى 89.4%، في حين أن نسبة المشاركة في الانتخابات الرئاسية كانت 74.3%، وأن تبادل الأدوار في «حزب العدالة والتنمية» وعدم ظهور أسماء جديدة وتعديل صلاحيات الرئيس ستجعل أردوغان «حاكماً مطلقاً لأكثر من 10 سنوات»، معتبراً أنه «يقود البلاد إلى مشروع متطرف يقودها إلى الهلاك».
عدد من وجوه المثقفين الأتراك، وعبر مواقع التواصل الاجتماعي، أبدوا غضبهم ممّا سمّوه «السلطة الديكتاتورية»، معتبرين أن تركيا أصبحت دولة الرجل الواحد.
وبعد فوز أردوغان بمنصب الرئاسة، يبقى السؤال الأبرز بشأن هوية كل من رئيس الحكومة الجديدة ورئيس «حزب العدالة والتنمية». ويذكر أن الدستور التركي يمنع أن يكون رئيس الجمهورية رئيساً لأي
حزب