ارتفعت حدّة التوتّر، أمس، بين روسيا والدول الغربية في ما يتعلق بالأزمة الأوكرانية، جراء فرض عقوبات جديدة، ولا سيما أميركية، على كبرى الشركات الروسية، فيما اتهمت كييف الطائرات الروسية بإسقاط طائرة أخرى من طائراتها العسكرية. وأضافت واشنطن على لائحتها السوداء المجموعة النفطية الروسية العملاقة «روسنفت» التي جمّدت ودائعها في الولايات المتحدة، بينما لن يسمح للشركات الأميركية بعد الآن بعقد صفقات معها. ومن بين الشركات الروسية التي استهدفتها العقوبات الأميركية مصرف «غازبروم» الغازي العملاق «غازبرومبنك» والبنك الروسي العام «فيب».

واتخذ الأوروبيون، من جهتهم، عقوبات أقل حجماً، فجمّدوا برامج يقوم بها «البنك الأوروبي للاستثمار» و«البنك الأوروبي لإعادة الإعمار والتنمية» في روسيا. ودعا البرلمان الأوروبي إلى فرض حظر على مبيعات الأسلحة إلى روسيا، معلناً أنه سيبقى ساري المفعول «حتى يعود الوضع في شرق أوكرانيا إلى طبيعته».
إضافة إلى ذلك، قرّر الاتحاد الأوروبي استهداف «كيانات»، بما فيها الروسية، وهي متهمة بأنها تقدم دعماً «مادياً ومالياً» للتحركات التي تهدّد أو تنسف سيادة أوكرانيا، لكن لائحته المحددة لن تكتمل قبل نهاية تموز، وفق ما ذكر مصدر ديبلوماسي. وعلى إثر ذلك، شهد مؤشر بورصة موسكو تراجعاً بعيد فتح الجلسة، صباح أمس.
وردّت موسكو على هذه العقوبات بتأكيدها أن البلدان الغربية ستصاب بـ«خيبة أمل كبيرة»، وهدّدتها «بردّ مؤلم».
وسارع نائب وزير الخارجية الروسي، سيرغي ريابكوف، إلى وصف هذه الدفعة الجديدة من العقوبات بأنها تشكل «فضيحة» و«غير مقبولة على الإطلاق»، متوعّداً بردّ «ستتلقاه واشنطن بطريقة مؤلمة».

هددت موسكو الدول الغربية برد مؤلم رداً على العقوبات الجديدة

وأتبع هذا الرد برد فعل روسي آخر من قبل الرئيس فلاديمير بوتين الذي تحدث عن «مأزق» وعن «أضرار خطرة» على العلاقات الروسية ــ الأميركية.
وحذّر بوتين في حديث إلى الصحافيين، خلال زيارة للبرازيل، من أن العقوبات الأميركية ستأخذ العلاقات مع روسيا إلى «طريق مسدود»، وتضرّ بالمصالح التجارية الأميركية في البلاد، مشيراً في هذا الإطار إلى أن «العقوبات ستضر شركة إكسون موبيل التي تعمل في روسيا».
وبعد ذلك، أعلن المتحدث باسم البيت الأبيض أن الرئيسين الأميركي باراك أوباما والروسي فلاديمير بوتين ناقشا العقوبات الأميركية الجديدة على روسيا. وقال ارنست إن المحادثة الهاتفية جرت من دون تفاصيل حول مضمونها.
أما رئيس الوزراء الروسي ديمتري ميدفيديف فقد أشار إلى أن «التاريخ أثبت أن مثل هذه العقوبات لم تؤدّ الى تركيع أحد».
من جهتها، رأت وزارة الخارجية الروسية، في بيان، أنه «إذا كانت واشنطن تنوي تدمير العلاقات الروسية ــ الأميركية، فلتتحمل هي مسؤولية ذلك». وأضافت أن «لغة العقوبات، أياً يكن حجمها، غير مجدية مع روسيا»، معتبرة هذا الموقف «ابتزازاً» و«انتقاماً» تمارسهما الولايات المتحدة. وأضافت الوزارة: «نشعر بالأسف لانسياق الاتحاد الأوروبي وراء ابتزاز الإدارة الأميركية خلافاً لمصالحه».
في مقابل ذلك، رحّب الرئيس الأوكراني بترو بوروشينكو بالعقوبات الجديدة، معتبراً أنها «خطوة مهمة في دعم سيادة ووحدة أراضي أوكرانيا واستقلالها». لكن بوروشينكو لم يعلّق على العقوبات الأميركية التي تبدو أقسى من التدابير الأوروبية.
في موازاة ذلك، اتهمت أوكرانيا، أمس، الطائرات الروسية بإسقاط مقاتلة أوكرانية، الأربعاء، «أثناء مهمة فوق الأراضي الأوكرانية»، وفقاً لمجلس الأمن القومي والدفاع. وأوضح المجلس في بيان مقتضب أنه «تم إسقاط طائرتنا وتمكن الطيار من القفز منها».
وردّ السفير الروسي لدى الأمم المتحدة فيتالي تشوركين على هذه الاتهامات، مؤكداً أن روسيا لم تسقط طائرة مقاتلة.
وفي سياق متصل، قال مصدر ملاحي إن طائرة ركاب ماليزية لم تدخل المجال الجوي الروسي في موعدها، أمس، عثر عليها تحترق على أرض في شرق أوكرانيا. وتحمل الطائرة على متنها 280 راكباً، إضافة إلى طاقمها المكوّن من 15 شخصاً.
وأكد مسؤول في وزارة الداخلية الأوكرانية مقتل جميع ركاب الطائرة وأفراد طاقمها.
وفيما أعلن الرئيس الأوكراني بترو بوروشينكو أنه «لا يستبعد» أن تكون الطائرة الماليزية «أسقطت» في شرق البلاد، حمّل الزعيم الانفصالي الأوكراني ألكسندر بوروداي القوات الحكومية مسؤولية إسقاط الطائرة.
وقال بوروشينكو، في بيان رئاسي، إن «هذه هي الحالة المأسوية الثالثة في الأيام الأخيرة بعد إسقاط طائرة أنطونوف ــ 26 وطائرة سوخوي ــ 25 الأوكرانيتين من داخل الأراضي الروسية».
وتابع البيان «لا نستبعد أن تكون الطائرة (الماليزية) أسقطت، ونؤكد أن القوات المسلحة الأوكرانية لم تطلق النيران باتجاه أي أهداف في الجو».
من جهته، قال الزعيم الانفصالي الأوكراني ألكسندر بوروداي لتلفزيون «روسيا 24»، الحكومي الروسي، «يبدو أنها طائرة ركاب بالفعل، أسقطتها القوات الجوية الأوكرانية في حقيقة الأمر».
(أ ف ب، رويترز، الأخبار)