الانتخابات البرلمانية الفنزويلية: استفتاء على الهوية المعارضة المدعومة أميركياً تخيّر الناخبين بينها وبين الجوع

  • 0
  • ض
  • ض

يدلي الفنزويليون غداً بأصواتهم في الانتخابات البرلمانية التي حشد لها اليساريون والمعارضة كل طاقاتهم للفوز فيها. إنتخابات ستكون محطة مفصلية في تاريخ البلاد، وسترسم معالم المراحل المقبلة، في ظل تغير المشهد في الجارتين، البرازيل والأرجنتين. إستعادت العاصمة الفنزويلية، كاراكاس، هدوءها النسبي بعد أسابيع من المواجهات السياسية الحادة بين معارضة حالمة بالتقاط فرصة الإخفاقات الإقتصادية لحكومة الرئيس نيكولاس مادورو، والتيار البوليفاري الواسع الذي عبأ مناصريه لـ«ملحمة» الانتخابات البرلمانية غداً الأحد. معركة يصفها المراقبون بالضارية، وقد تكون الحاسمة في رسم الهوية الفنزويلية. إستعارت المعارضة العدة الإنتخابية لليمين الأرجنتيني، فأوقفت الحديث في السياسة وأوغلت في رفع شعارات الإنقاذ الإقتصادي. وتبدو هذه الشعارات مغرية جداً، في ظل ما تشهده فنزويلا من أزمة غذائية تحاول الحكومة السيطرة عليها، في وقت تسعى فيه «مافيا الإقتصاد» إلى تعميق الأزمة واستثمارها كرافعة إنتخابية للمعارضة، التي يخصص لها الخارج وامتداداته الداخلية كل إمكانات المواجهة. وأنشأت الولايات المتحدة الأميركية غرفة عمليات لمساندة المعارضة، فلا يكاد يمر يوم دون أن يدلي المتحدثون باسم الإدارة الأميركية بتصريحات تدين الحكومة الفنزويلية. ووصف الرئيس مادورو هذا الأمر بالإبتزاز العلني الذي يضع الشعب الفنزويلي بين خياري انتخاب المعارضة أو التجويع. وترافق هذا الضغط مع مساندة إقليمية، تمثلت بإعلان الرئيس الأرجنتيني المنتخب، ماوريسيو ماكري، نيته العمل على طرد فنزويلا «الإشتراكية» من منظمة «مركوسور» (تكتل إقتصادي يضم دولاً عدة في أميركا اللاتينية). وبعد أيام من هذا الإعلان، وفي توقيت حرج ومشبوه جدا، قرر رئيس البرلمان البرازيلي الموافقة على طلب المعارضة تحويل ملف إقالة الرئيسة، ديلما روسيف، إلى أروقة المجلس التشريعي البرازيلي. أما الحزب الإشتراكي الموحد الحاكم، بقيادة مادورو، فينظر إلى المشهد بواقعية حذرة. فهو يعلم أن جبهة المعارضة باتت تستند إلى الكثير من أوراق الضغط، ولكن ثمة رصيد في جعبة اليساريين يمكّنهم من الوقوف بقوة أمام الزحف «الإمبريالي»، بحسب وصفهم. فالمشهد الداخلي يستند إلى ثورة آمن بها شعب فنزويلا، وبات قائدها الراحل، هوغو شافيز، «أيقونة» ما زالت تعيش في وجدانهم. «لن أستسلم تحت أي ظرف، وأعرف أننا سننتصر»، قال مادورو، معلناً أنه في حال هزيمته الانتخابية، «سأذهب إلى الشوارع للنضال مع شعبي، كما فعلت دائماً، وسننتقل إلى مرحلة جديدة من الثورة»، إذ لا يرغب الفقراء في العودة إلى ما قبل عهد تشافيز، حيث كانوا مهمشين يسكنون العشوائيات، وكانت محرّمة عليهم إدارات الدولة. هنا الناس يقفون في طوابير التموين وهم يتحدثون عن مساندة قائدهم وثورتهم، التي أغدقت عليهم البرامج الإجتماعية، وأسكنتهم في شقق وسط المدن؛ وهم لا يصدقون أن الثورة التي حدّت من فقرهم، وجعلت نسبته الأدنى في أميركا الجنوبية، هي المسؤولة عن تجويعهم اليوم . كباش ثقيل بين أبناء الثورة ومعارضة تتخاصم على كل شيء، وتتوحد على مقارعة إرث الزعيم تشافيز. وعليه، فإن النتيجة الإنتخابية مساء السادس من كانون الأول ستكون مصيرية بالنسبة إلى فنزويلا وحلفائها. ففنزويلا كانت فاتحة عهد اليسار في أميركا اللاتينية، ومخزون الثورة ضد التبعية والهيمنة الإقتصادية للولايات المتحدة؛ وهنا يكمن سر التحشيد الداخلي والخارجي. بالتأكيد، لن تكون النتيجة الإنتخابية كاسحة لأي من الطرفين، لكنها ستكون حاسمة في رسم الهوية اللاتينية لعقود مقبلة.

0 تعليق

التعليقات