بعد ليلة دامية عاشها شرق أوكرانيا شهدت معارك قتل على إثرها 6 جنود أوكرانيين، خرج وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف أمس ليقول إن هذا البلد بات «أقرب إلى حرب أهلية من أي وقت مضى»، مشيراً إلى أجواء غير ملائمة لتنظيم انتخابات «حرة ومنصفة».وقال لافروف، في مقابلة مع تلفزيون بلومبرغ، «عندما يقتل أوكرانيون أوكرانيين، أعتقد أننا نكون أقرب إلى حرب أهلية من أي وقت مضى»، مضيفاً «في شرق أوكرانيا وجنوبها تدور حرب بالفعل، حرب حقيقية». وتابع «إذا كان بالإمكان إجراء انتخابات حرة ونزيهة في هذه الأجواء، فأنا لا أعرف إذن ما هي الانتخابات الحرة والنزيهة».
وأوضح «نعتقد أنه لكي ينجح الحوار الوطني، فإن من الضروري تماماً ضمان المشاركة المتساوية لجميع المناطق في أوكرانيا».
وأكد لافروف أن ذلك يجب ألا يقتصر على الانفصاليين في الشرق والجنوب «بل كذلك في المناطق الغربية التي نهتم جميعاً ببعض القضايا هناك المتعلقة بتقرير مصير بعض الأقليات».

كذلك شدد على أن روسيا ليس لديها «أي نية» في إرسال قوات إلى شرق أوكرانيا، مشيراً إلى أنه يشتبه «بقوة» في وجود مرتزقة غربيين، وخصوصاً أميركيين في أوكرانيا. وقال «اليوم تعاود هذه الشائعات الظهور ونرغب في معرفة مدى صحتها».
وشدد لافروف على أن روسيا تعارض بشكل قاطع انضمام أوكرانيا إلى حلف شمالي الأطلسي، معتبراً أن محاولات جرّ أوكرانيا إلى «الأطلسي» قد تؤثر سلباً في منظومة الأمن الأوروبي برمتها. وأشار الوزير إلى أن هذه المسألة لن تمس الأوكرانيين و«الأطلسي» فحسب، بل روسيا أيضاً.
ورداً على سؤال بشأن التنفيذ الجيد من قبل فرنسا لعقد بناء بارجتين من نوع ميسترال لروسيا، قال لافروف إن باريس «حالياً أكثر جدية بشأن تنفيذ تعهداتها من الحكومة الأوكرانية». وحين سئل هل يعني الغاز، اكتفى بالإيماء بالرأس أقرب إلى نعم. وقال إن «الكثير من الدول الأوروبية، إن لم يكن معظمها، لا ترغب في مواجهة مع روسيا، خصوصاً في المستوى الاقتصادي. ونحن لن نخل بأي التزام تعاقدنا بشأنه، سواء في أوروبا أو غيرها. أعتقد أن هذه هي الطريقة التي يتصرف بها كل رجل أعمال وسياسي جدي».
من جانبه، قال نائب مندوب روسيا الدائم لدى الاتحاد الأوروبي، ألكسندر كريستيانوف، إن المسؤولين الأوروبيين يجب أن يوجهوا مطالبهم بتخفيف التوتر في أوكرانيا إلى كييف وليس إلى موسكو. وقال، في خطاب ألقاه أمس في مؤتمر «الحوار بين روسيا والاتحاد الأوروبي في مجال الطاقة»، إن «الأزمة الداخلية في أوكرانيا، والتي عمل الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة على تأجيجها، توصف بأنها مؤامرة روسية. وهي تجد نفسها مطالبة بتخفيف حدة التوتر. غير أن من الضروري توجيه هذه المطالب إلى كييف التي تقحم الجيش والمعدات العسكرية الثقيلة لقمع الاحتجاجات الشعبية».
في هذا الوقت، قال رئيس أوكرانيا المؤقت أولكسندر تورتشينوف أمس، لدى افتتاحه لقاءً يهدف إلى خفض تصعيد الأزمة في بلاده، إن كييف «مستعدة للاستماع» إلى الناطقين بالروسية في الشرق، لكنها لن تخضع لـ«ابتزاز» المتمردين المسلحين الذين «يملون إرادة» روسيا.
وقال «نحن على استعداد للاستماع إلى أهل الشرق، لكن يجب عدم إطلاق النار والنهب واحتلال المباني الإدارية»، مضيفاً «إن من يحملون السلاح ويخوضون حرباً على بلادهم ويملون علينا إرادة بلد مجاور، سيحاسبون أمام القانون. نحن لن نخضع للابتزاز».
كذلك كشف عن أن الخسارة التي تكبدتها بلاده بسبب انضمام جمهورية القرم إلى روسيا كلّف كييف مئة مليار دولار.
وقال «إن احتلال القرم تسبّب بخسائر فاقت مئة مليار دولار»، مشيراً إلى «دمار البنى التحتية واحتلال شركات».
وبدأ سياسيون أوكرانيون ومنظمات مدنية أمس محادثات لبحث كيفية قمع التمرد الموالي لروسيا في شرق البلاد، لكن رفض كييف السماح للانفصاليين بالمشاركة يثير الشكوك في إمكانية أن يؤدي الاجتماع إلى نزع فتيل الأزمة.
وشارك في محادثات أمس وزراء وزعماء أحزاب سياسية ومرشحون إلى الانتخابات الرئاسية المقررة في 25 أيار وممثلون عن قطاع الأعمال ومسؤولون في الحكومة المحلية.
ومن المتوقع أن يحاول المشاركون في المحادثات استكشاف سبل نقل السلطة للسماح بحكم ذاتي أوسع نطاقاً تأمل كييف أن يبدد حالة السخط في شرق أوكرانيا.
إلى ذلك، طالبت ألمانيا وفرنسا أمس بإجراء الانتخابات الرئاسية المبكرة في أوكرانيا في 25 أيار، وأكدتا أنها أساسية لضمان «تطور أكثر ديموقراطية» في هذا البلد.
وحضر وزير الخارجية الألماني فرانك فالتر شتاينماير اجتماع مجلس الوزراء الفرنسي برئاسة الرئيس فرنسوا هولاند أمس، في سابقة لوزير خارجية أجنبي.
وقال شتاينماير، عند مغادرته الإليزيه مع نظيره الفرنسي لوران فابيوس، «قررنا خلال اجتماع مجلس الوزراء الفرنسي أن انتخابات 25 أيار هي الممر الضيق الذي يجب أن نجتازه بأي ثمن إذا أردنا تطوير شرعية جديدة وتشجيع تطور أكثر ديموقراطية للوضع السياسي» في أوكرانيا.
(الأخبار، أ ف ب ، رويترز)