استمر حلف شماليّ الأطلسي في توجيه سهام النقد نحو موسكو، لليوم الثاني على التوالي، إلا أنه حرص على وضع سقف لتحركاته، مؤكداً على لسان أمينه العام أندرس فوغ راسموسن أمس، أن الحلف لا يبحث في أي رد عسكري على خطوات روسيا في أوكرانيا. وقال راسموسن إنه لن يتردد في التوصيف قائلاً: «إذا ما تدخلت روسيا في أوكرانيا أكثر، فإن ذلك سيكون خطأً تاريخياً».
جاء ذلك في مؤتمر صحافي عقده عقب اجتماع وزراء خارجية دول الحلف، مضيفاً أن «أي خطوة لروسيا في هذا الاتجاه ستزيد من عزلتها في المجتمع الدولي، وستكون له عواقب شاملة في علاقاتها مع دول الغرب»، وموضحاً أن ذلك «سيعد سوء تقدير وستكون له تأثيرات كبيرة».
وأكد الأمين العام أن الطرق الدبلوماسية والحلول السياسية هي الطريق الصحيح التي ينبغي أن تسلك في حل هذه الأزمة، مشدداً على أن الخيارات العسكرية لم تُبحَث في الاجتماع.
ودعا راسموسن روسيا إلى سحب قواتها، لتهدئة الأوضاع، والتزام تعهداتها الدولية، وإجراء حوار مباشر مع الحكومة الأوكرانية.
وقال الأمين العام: «هناك بعض المؤشرات تفيد بأن روسيا تعمل جاهدة لخلق منطقة نفوذ لها، تشمل مناطق الاتحاد السوفياتي السابق»، معرباً عن اعتقاده أن «كل ما جرى كان بهذا الشأن».
من جهته، قال وزير الخارجية الأميركي جون كيري، إن واشنطن ترحب بتصريحات موسكو حول نيتها سحب قواتها المنتشرة قرب الحدود مع أوكرانيا، مضيفاً: «السؤال هو ما إذا كان هناك استمرار للعملية، وما إذا كان سحب القوات يرمي إلى نزع فتيل التصعيد فعلاً».
في هذا الوقت، رأى القائد الأعلى للقوات المتحالفة في أوروبا، التابعة لحلف شمالي الأطلسي، فيليب بريدلوف، إنه في حال اتخاذ روسيا، التي تحشد قوات على الحدود الأوكرانية، قراراً باحتلال أوكرانيا، من الممكن أن تبلغ هدفها خلال 3-5 أيام، مشيراً إلى أن الوضع في المنطقة «مثير للقلق بنحو لا يصدق».
وكشف بريدلاف أن حلف شماليّ الأطلسي سيعد حتى 15 نيسان الجاري «مجموعة خطط» لتعزيز القدرات الدفاعية للدول الأعضاء في الناتو في شرق أوروبا، وفي مقدمتها بولندا ودول البلطيق، مشيراً إلى أن هذه الخطط تقتضي تعزيز «الوجود البحري والجوي والبري» لقوات الحلف على طول حدوده الشرقية. وذكر الجنرال الأميركي أن الحلف لم ير حتى الآن «بوادر لانسحاب القوات الروسية» من حدود أوكرانيا، إلا انسحاب «تشكيلة صغيرة جداً» منها.
ومن جانب آخر، عبّر وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف لوزير الخارجية الأميركي أمس، عن قلقه بشأن قرار حلف شمالي الأطلسي تعليق التعاون مع موسكو.
وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية ألكسندر لوكاشفيتش في بيان، إنّ «لغة البيانات تشبه التراشق اللفظي في حقبة الحرب الباردة»، مضيفاً أن في المرة الأخيرة التي اتخذ فيها الحلف هذا القرار بسبب حرب روسيا مع جورجيا التي استمرت خمسة أيام عام 2008، استأنف التعاون في ما بعد باختياره.
وتابع: «ليس صعباً تصور من سيكسب من تعليق التعاون بين روسيا وحلف شماليّ الاطلسي على صعيد مواجهة التهديدات الحديثة والتحديات للأمن الدولي والأوروبي، وخاصة في مجالات مثل مكافحة الإرهاب»، متابعاً: «في كل الأحوال، من المؤكد أنها لن تكون روسيا أو الدول أعضاء حلف شمالي الأطلسي».
كذلك أكد لوكاشيفيتش أن روسيا ستتخذ إجراءات ضد دبلوماسيين أميركيين، رداً على وقف مصرف جي بي مورغان الأميركي عملية تحويل لدبلوماسي روسي.
وقال في بيان نشر أول من أمس، إن روسيا ترى أن «قرار مصرف جي بي مورغان تشايس، وقف عملية تحويل السفير الروسي في آستانا لأموال إلى شركة سوغاز للتأمين، بحجة فرض عقوبات على روسيا غير مقبول وغير شرعي وغير منطقي».
إلى ذلك، خطت أوكرانيا أمس أولى خطواتها نحو نظام لامركزي يمنح المناطق صلاحيات أوسع لتحقق بذلك رغبة الدول الغربية، فيما تطالبها روسيا بنظام فيدرالي كامل.
وأعلنت الحكومة الأوكرانية الجديدة والموالية للغرب أنها ستعمل على إلغاء النظام الحالي الذي يمنح الرئيس صلاحية تعيين المحافظين المحليين لتتحول نحو نظام انتخابي.
(الأخبار، أ ف ب، الأناضول، رويترز)