وقّع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين واثنان من زعماء القرم أمس، معاهدة لضم شبه الجزيرة المطلة على البحر الأسود إلى روسيا. ويأتي توقيع المعاهدة في الكرملين، بعد يومين من تصويت سكان القرم لمصلحة الانفصال عن أوكرانيا والانضمام إلى روسيا، في استفتاء أدانته الحكومة الأوكرانية والولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي بوصفه غير شرعي.
ووسط تصفيق حاد ودموع بعض النساء، دافع بوتين بضراوة عن موقف روسيا خلال الأزمة الأوكرانية التي دفعت العلاقات بين بلاده والغرب إلى مستويات الحرب الباردة المتدنية.
وقال بوتين، في خطابه أمام الجلسة المشتركة لمجلسي البرلمان التي عقدت في الكرملين، وأمام أعضاء حكومته ورجال الأعمال وزعماء القرم، إن «قضية القرم قضية ذات أهمية حيوية أهمية تاريخية بالنسبة إلينا كلنا».
وقال، في خطابه الذي استغرق 47 دقيقة: «أعلنت القرم استقلالها بما يناسب شروط الأمم المتحدة، وأوكرانيا استخدمت ذات الحق معلنةً استقلالها من اتحاد الجمهوريات الاشتراكية السوفياتية، والآن لماذا لا يريدون من القرم أن تقوم بالشيء ذاته». كذلك تحدث عن شبه جزيرة القرم كمكان مقدس بالنسبة إلى روسيا، مؤكداً أن «الغربيين تجاوزوا الخط الأحمر وتصرفوا تصرفاً غير مسؤول». في الوقت نفسه، رفض بوتين ما تردد من مخاوف من أن روسيا ستحاول السيطرة على مناطق أخرى من أوكرانيا، قائلاً: «لا تصدقوا من يحاول إخافتكم من روسيا، ويصرخون بأن مناطق أخرى ستعقب بعد القرم. نحن لا نريد تقسيم أوكرانيا. لا نحتاج إلى ذلك»، ما أدى إلى ارتفاع الأسهم الروسية وسمح للروبل بتعويض الخسائر التي لحقت به في المعاملات الصباحية.
وهاجم الرئيس الروسي الغرب، مؤكداً أن محاولاته إخافة روسيا بفرض عقوبات بسبب سيطرتها على منطقة القرم، سيعتبر تصرفاً عدوانياً وإن موسكو سترد، ومشيراً إلى أن «حكم السلاح» هو الذي يوجه السياسة الخارجية للولايات المتحدة، لا القانون الدولي. وأضاف: «يفضل شركاؤنا الغربيون، وعلى رأسهم الولايات المتحدة، أن لا يملي القانون الدولي سياساتهم العملية، بل يمليها حكم السلاح». واتهمهم بأنهم «يعتقدون أنهم يتمتعون بمكانة استثنائية ويشعرون بأنهم المختارون وبإمكانهم تقرير مصائر العالم وأنهم فقط من هم على حق».
ثم عاد بوتين ليؤكد أن استفتاء القرم أجري بنحو يتماشى تماماً مع الإجراءات الديموقراطية والقانون الدولي. وشن هجوماً حاداً على الزعماء الجدد في كييف، الذين أطاحوا الرئيس الأوكراني فيكتور يانوكوفيتش في 21 شباط، قائلاً إنهم فتحوا الباب «للنازيين الجدد»، وأضاف: «ما تُسمى السلطات الأوكرانية سنّت قانوناً مخزياً يغيّر سياسة اللغة ويمثل انتهاكاً مباشراً لحقوق الأقليات الوطنية».
ويذكر أن الحضور قاطع الرئيس الروسي بالتصفيق 30 مرة على الأقل.
في السياق نفسه، نقلت وكالة الإعلام الروسية عن مسؤول كبير بحكومة منطقة القرم قوله، إن الإقليم سيستخدم الروبل الروسي كعملة رسمية ويوقف التعامل بالهريفنيا الأوكرانية من نيسان المقبل. وكانت سلطات القرم قد قالت في وقت سابق إن الهريفنيا ستظل عملة رسمية حتى عام 2016. ونقلت وكالة الأنباء التي تديرها الدولة عن نائب رئيس وزراء القرم رستم تيمور جالييف قوله: «للأسف، أجد لزاماً علي أن أقول إن تداول الروبل بالتوازي مع الهريفنيا لن ينجح. سنتحول إلى الروبل».
إلى ذلك، قال متحدث عسكري أمس، إن مسلحين هاجموا قاعدة عسكرية أوكرانية في شبه جزيرة القرم، وأطلقوا طلقات في الهواء واصطحبوا قائد القاعدة بعيداً. وقع الحادث في ساعة متأخرة من مساء أول من أمس، في مطار بيلبيك خارج ميناء سيفاستوبول، بعد يوم من تصويت الناخبين في القرم بجنوب أوكرانيا في استفتاء للانضمام إلى روسيا.
(الأخبار، أ ف ب، الأناضول، رويترز)