بحزم ردّ الرئيس الروسي فلاديمير بوتين على التهديدات الغربية بفرض عقوبات على روسيا. «لكل شيء حدود»، «تصرف عدواني ستردّ عليه روسيا»، «نعيش تحت سلسلة من القيود على أي حال، إذ لا تزال سياسة حشر روسيا في الزاوية مستمرة إلى اليوم بسبب نهجها السياسي»، رسائل واضحة بعث بها بوتين إلى كل من الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة رداً على العقوبات التي فرضاها على مسؤولين روس أول من أمس.
وزارة الخارجية بدورها حذت حذو الرئيس الروسي، مشددةً على أن «محاولات مخاطبة روسيا باستخدام لغة القوة وتهديد المواطنين الروس بعقوبات لن تؤدي إلى شيء».
وأضافت في بيان لها أن «اتخاذ إجراءات مقيدة ليس خيارنا، ولكن من الواضح أن فرض عقوبات علينا لن يمر دون رد مناسب من الجانب الروسي».
وباستثناء اللهجة الحازمة من الكرملن ووزارة الخارجية، فإن «السخرية» و«الاستهزاء» كانا السمة العامة للسياسيين الروس رداً على العقوبات، وتحديداً الأميركية.
«لقد ضقنا ذرعاً بهذه العقوبات. إنها لا تثير سوى مشاعر السخرية والتهكم»، بهذا التعليق ردّ كبير مستشاري الرئيس الروسي فلاديمير بوتين للسياسة الخارجية، يوري أوشاكوف، على العقوبات.
وكان الرئيس الأميركي باراك أوباما قد وقّع أول من أمس قراراً بفرض عقوبات استهدفت 11 شخصاً في خطوة غير مسبوقة في تاريخ العلاقات الأميركية الروسية. وشملت العقوبات، إضافة إلى نائب رئيس الوزراء ديمتري روغوزين ورئيسة المجلس الاتحادي فالنتينا ماتفيينكو ومستشارين مقربين من بوتين هما فلاديسلاف سوركوف وسيرغي غلازييف ونائبين في مجلس الدوما، كلاً من الرئيس الأوكراني المخلوع فيكتور يانوكوفيتش وأحد مستشاريه وقياديين انفصاليين في القرم هما سيرغي اكيسونوف وفولوديمير قسطنطينوف.
نائب رئيس الوزراء الروسي ديميتري روغوزين، المدرج اسمه على «القائمة السوداء» الأميركية، هزئ من قرار الرئيس الأميركي واكتفى بجملتين ساخرتين كتبهما على صفحته على موقع «تويتر»، «وماذا عمّن لا حسابات له أو ممتلكات في الخارج، يا رفيق أوباما؟ أم أنك لم تفكر في الموضوع؟».
أما رئيسة مجلس الاتحاد الروسي فالنتينا ماتفيينكو فانتقدت بشدة قرار واشنطن، ولفتت إلى أنه قرار غير مسبوق لم تشهده حتى حقبة «الحرب الباردة». وفيما اعتبرت ماتفيينكو القرار «ابتزازاً سياسياً» لإرغامها على تغيير موقفها المبدئي، أكدت أنها لا تنوي أن تبرر موقفها أمام أحد. وقالت «إنني سأدافع عن المصالح القومية الروسية لا عن مصالح الغرب الجيوسياسية، ولن يستطيع أحد تخويفنا بتهديداته».
من جهته، عبّر رئيس الكتلة البرلمانية لحزب روسيا العادلة سيرغي ميرونوف عن فخره بأن يجد اسمه في «القائمة السوداء» التي نشرها الاتحاد الأوروبي، موضحاً أنه يعتبر ذلك دليلاً على أن موقفه من مسألة القرم لقي صدى في بروكسل.
من جانبها، أعربت رئيسة لجنة الشؤون الأسرية في مجلس الدوما يلينا ميزولينا عن دهشتها لإدراج اسمها على القائمة الأميركية، وذلك لمحدودية انخراطها في الأحداث المتعلقة بالاستفتاء في القرم.
ورداً على العقوبات الأميركية، صوّت مجلس النواب الروسي (الدوما) أمس بإجماع أعضائه لمصلحة تقديم طلب لتطبيق الحظر المفروض على عدد من المواطنين الروس على جميع أعضاء المجلس النيابي الروسي إلى الرئيس الأميركي باراك أوباما وقادة الاتحاد الأوروبي.
وقال النائب ميخائيل ماركيلوف في كلمته أمام أعضاء المجلس النيابي الروسي: «بذل أوباما والاتحاد الأوروبي في 17 مارس محاولة سخيفة لتخويف القنفذ»! واستطرد: «ندعو الأميركيين اليوم إلى فرض عقوباتهم على جميع نواب الدوما الـ436 الذين صوّتوا لمصلحة إقرار القانون الذي يحمي أطفالنا من الدعاية للمثلية الجنسية والذي اقترحته النائبة ميزولينا، وهي من المواطنين الروس الذين فرض الأميركيون عقوباتهم عليهم».
الخطوة الأميركية والأوروبية التي أراد من خلالها الطرفان استفزاز روسيا ستبقى مجرد كلام لحفظ ماء الوجه. فكما هو معروف، فإن البرلمان الروسي صادق في شباط 2013 على قانون قدمه الرئيس فلاديمير بوتين يحظر على المسؤولين الحكوميين ونواب البرلمان فتح حسابات وامتلاك أرصدة مصرفية في الخارج، وشمل هذا القانون أيضاً أفراد عائلاتهم، وهو ما شدد عليه المسؤولون المشمولون باللائحة «السوداء» الأميركية الذين أكدوا أنهم لا يملكون أي حسابات في الخارج.