معلومات كثيرة تسربت أمس عن عمل جار على إنضاج تسوية بين الروس والأميركيين والأوروبيين، للخروج من المأزق الأوكراني، بما يراعي توازن مصالح الأطراف الثلاثة. تسوية تقضي، وفق المعلومات نفسها، بأن يجري الاستفتاء على مستقبل القرم من دون انضمامها لاحقاً إلى روسيا، وبالتالي سيبقى في أوكرانيا، ولكن بصلاحيات واسعة مع مراعاة مصالح موسكو فيه، وخاصة ما يتعلق بمرابطة أسطول البحر الأسود.
وأضافت المعلومات، التي تناقلتها بعض وسائل الإعلام، «أن روسيا ستحصل على تعهدات بعدم انضمام أوكرانيا إلى الناتو في المستقبل القريب، على أن تقرر هذه المسألة لاحقاً في استفتاء شعبي عام يضمن لروسيا ايضاً استبعاد المتطرفين «النازيين» عن الواجهة السياسية في أوكرانيا، وتشكيل حكومة انتقالية توافقية وإرجاء موعد الانتخابات الرئاسية لغاية نهاية العام، لحين استقرار الأمور في البلاد وبما يتيح الفرصة لكي تتنافس القوى كافة».
لكن يبدو أن شيطان التفاصيل لا يزال يحول دون وصل تلك التسوية إلى خواتيمها.
هذا ما رشح عن الكواليس. لكن التصريحات العلنية جاءت مناقضة لما سلف. وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف، أعلن في مؤتمر صحافي عقده إثر لقاء دام بضع ساعات مع نظيره الأميركي جون كيري أمس في لندن، أنه «لا توجد رؤية مشتركة» بين بلاده والولايات المتحدة حول الوضع في أوكرانيا، مضيفاً أن موسكو «ستحترم رغبة سكان القرم» خلال الاستفتاء المقرر يوم غد في هذه المنطقة. ومع ذلك أكد لافروف أن «الحوار كان بالفعل بنّاءً». كذلك أكد لافروف «أن ليس لدى روسيا مخطط ولا يمكن أن يكون لديها مخطط لاجتياح جنوب شرق أوكرانيا، بحجة حماية حقوق الروس والمجريين والبلغار والأوكرانيين»، مخففاً من وطأة تهديدات ضمنية بالتدخل أعلنتها وزارة الخارجية الروسية في موسكو إثر وقوع حوادث عنف في دونتسك. ونفى أيضاً أن يكون قد تلقى أي تهديد من قبل كيري.
من جهته، كرر كيري قوله إن بلاده لن تعترف بنتائج الاستفتاء المزمع إجراؤه في جمهورية القرم.
في هذا الوقت، أكد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في اتصال هاتفي مع الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون أمس، أن إجراء الاستفتاء في القرم يتناسب تماماً مع ميثاق الأمم المتحدة والقانون الدولي. وأفاد المكتب الصحافي للرئيس الروسي بأن الطرفين اتفقا على إجراء المزيد من الاتصالات حول الوضع في أوكرانيا.
كذلك أعلن الرئيس الأميركي باراك أوباما، أمام الصحافيين لدى استقباله في المكتب البيضاوي رئيس الوزراء الإيرلندي اندا كيني أمس، أنه لا يزال يأمل التوصل إلى حل سياسي لملف القرم، محذراً في الوقت نفسه من «تداعيات» على روسيا إذا ما فشل الحل الدبلوماسي، مضيفاً: «لكن الولايات المتحدة وأوروبا لم تتخذا موقفاً موحداً من سيادة أوكرانيا فحسب، بل تعلنان أيضاً أنه ستحصل تداعيات إذا ما استمر انتهاك هذه السيادة».
وكان وزير الخارجية البريطاني وليام هيغ، قد اعتبر، في بيان عقب اجتماع مع لافروف، أن الولايات المتحدة وروسيا ستجدان صعوبة بالغة في إحراز تقدم بشأن أوكرانيا في محادثات في لندن.
وقال هيغ: «حقيقة أن روسيا لم تتخذ حتى الآن أي إجراء فعلي لخفض التوترات، تزيد من صعوبة هذه المهمة بدرجة كبيرة»، محذراً من أن فرض المزيد من العقوبات على روسيا سيكون وشيكاً إذا لم يجرِ التوصل إلى حل دبلوماسي في لندن. وأضاف: «سيجتمع وزراء خارجية الاتحاد الأوروبي يوم الاثنين في بروكسل لبحث الخطوة التالية، لكن في ما يتعلق بالساعات المقبلة هنا في لندن سنبذل كل ما في وسعنا من أجل التوصل إلى سبيل دبلوماسي لإحراز تقدم لتخفيف التوترات التي تتصاعد منذ فترة طويلة». وقال: «هذه الإجراءات في المرحلة الثانية من رد الاتحاد الأوروبي قد تشمل حظراً على سفر أفراد وتجميدا لأصولهم. والأعمال التحضيرية لذلك جارية منذ أيام. والروس على علم تام بذلك».
وفي السياق، أكد نائب وزير الخارجية الروسي غينادي غاتيلوف أن المشروع الأميركي لقرار مجلس الأمن الدولي بشأن أوكرانيا، الذي يدعو إلى عدم الاعتراف بنتائج الاستفتاء المرتقب في القرم، غير مقبول. ونقلت وكالة «إنترفاكس» للأنباء عنه قوله: «هذا المشروع قدمه الأميركيون، وموقفنا منه سلبي للغاية. لن نؤيد هذا المشروع».
من جهته، أعلن متحدث باسم وزارة الخارجية الألمانية مارتن شيفر أمس، أن نتائج الاستفتاء الذي سينظم يوم غد في القرم لن تكون لها قيمة.
وانتقد شيفر تنظيم الاستفتاء نفسه خلال مهلة قصيرة جداً، وصياغة السؤال المطروح على سكان القرم، مؤكداً أن النتائج لن تؤثر بأي حال على مجرى الأحداث من وجهة نظر الأوروبيين. ورأى أن الاستفتاء بحد ذاته «هو تسريع للتصعيد في الوضع»، منتقداً «عدم إعطاء المستطلعين إمكانية التعبير عن ارتياحهم للوضع الراهن».
في السياق، أكد رئيس وزراء أوكرانيا، أرسني ياتسينيوك، أن حلّ الأزمة مع روسيا ما زال ممكناً، وذلك في الجلسة المفتوحة التي عقدها مجلس الأمن الدولي، برئاسة وزير خارجية لوكسمبورغ جيان أسيلبورن.
ووجه ياتسينوك دعوة إلى روسيا، لإجراء محادثات حقيقية قائلاً: «نحن نريد السلام ولا نريد الحرب، والقرم جزء لا يتجزأ من أوكرانيا، ومن أجل هذا نحن لا نقبل الاستفتاء».
إلى ذلك، كشفت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية أن الحكومة الانتقالية في أوكرانيا توجهت إلى البنتاغون بطلب تقديم مساعدات عسكرية لجيشها، تتضمن كميات كبيرة من الأسلحة والذخائر، بالإضافة إلى الدعم الاستخباراتي، إلا أن الإدارة الأميركية رفضت الطلب واكتفت بتزويد الجيش الأوكراني بالحصص الغذائية.
(الأخبار، أ ف ب، الأناضول، رويترز)




مناورات روسية فوق المتوسط

نقلت وكالة «إنترفاكس» الروسية للأنباء أمس، عن متحدث باسم البحرية الروسية، قوله إن طائرات روسية مقاتلة وطائرات هليكوبتر بدأت تدريبات جوية فوق البحر المتوسط.
وقال المتحدث فاديم سيرجا للوكالة، إن حاملة الطائرات أدميرال كوزنيتسوف التابعة للأسطول الشمالي، تشارك في التدريبات، وإن التدريبات تتضمن تكتيكات التعامل مع أهداف جوية وتكتيكات قتالية أخرى.
ولم يشر المتحدث إلى المواجهة الجارية بين روسيا وأوكرانيا حول شبه جزيرة القرم المطلة على البحر الأسود التي سيطرت عليها القوات الروسية.
ويذكر أن البحرية الأميركية أرسلت مدمّرة إلى البحر الأسود، في ما وصفته بزيارة روتينية مقررة قبل الأزمة الأوكرانية.
(أ ف ب)