تناقلت وسائل الإعلام الصينية أمس خبر الإعلان عن «الوثائق المهمة» التي اعتمدتها اللجنة المركزية للحزب الشيوعي، وتشمل «تقريراً عن عمل اللجنة، وجدول أعمال للجلسة الأولى للمجلس الوطني الـ13 لنواب الشعب، وقائمة بأسماء أعضاء اللجنة التنفيذية الدائمة والأمين العام، وقائمة بأسماء المندوبين ممن لا يحق لهم التصويت في الجلسة المقبلة».
ومن المرتقب أن يُبحث في «الجلسة الكاملة الثالثة للجنة المركزية الـ19 للحزب الشيوعي في الفترة من 26 شباط (اليوم) حتى 28 منه (بعد الأربعاء)» هذه الوثائق، قبل رفعها إلى المجلس الوطني لنواب الشعب، المقرر انعقاده في الخامس من الشهر المقبل.
وبينما لم يذكر موقع الوكالة الصينية «شينخوا»، الناطق بالعربية، تفاصيل تتعلق مباشرة بمقترحات المادة الخاصة بمدة ولاية الرئيس، فإنّ موقعيها باللغتين الانكليزية والفرنسية قالا إنّ اللجنة المركزية للحزب الشيوعي اقترحت عدم تقييد الرئيس ونائبه بولايتين. وقالت «شينخوا»: «في الوقت الذي أقرّ فيه القادة بإسهامات البناء الحالي للحزب ومؤسسات الدولة، فإنهم قالوا إنها ليست جيّدة بما يكفي للوفاء بمتطلبات المهام المتنوعة في العصر الجديد»، مضيفة أنّ «القادة أوضحوا أنّه يتعين على الحزب اتخاذ القرار الحازم في التعامل مع العقبات المؤسساتية للاستفادة الكاملة من النظام الاشتراكي الصيني».

يُنظر في الصين إلى
المقترحات على أنّها تندرج ضمن «استكمال التطوير الذاتي»


وذكرت «شينخوا»، أيضاً، أنّ اللجنة اقترحت النقاط الآتية: إدراج فكر شي جين بينغ حول الاشتراكية ذات الخصائص الصينية في العصر الجديد في دستور البلاد؛ إدراج لجنة رقابية كجهاز جديد بالدولة في الدستور؛ كتابة صيغة قسم الولاء للدستور في القانون الأساسي، بحيث ينبغي إضافة جملة تنص على أنه يتعين على كافة موظفي الدولة أداء قسم الولاء للدستور فور توليهم مناصبهم؛ كتابة «العمل من أجل بناء مجتمع ذي مصير مشترك للبشرية» في دستور البلاد، وإضافة بند ينص على «الالتزام بطريق التنمية السلمية واستراتيجية متبادلة النفع، ومنفتحة»؛ إضافة القيم الاشتراكية الجوهرية في دستور البلاد؛ إضافة جملة تشدد على قيادة الحزب في الدستور، والقول إنّ «قيادة الحزب الشيوعي الصيني سمة بارزة لتعريف الاشتراكية ذات الخصائص الصينية»، علماً بأنّ الدستور الصيني ينص في مقدمته (أو في مبادئه العامة)، على أنّ «الحزب الشيوعي الصيني هو طليعة... الشعب الصيني والأمة الصينية، والنواة القيادية لقضية الاشتراكية ذات الخصائص الصينية».
وكانت «جمهورية الصين الشعبية» قد اعتمدت دستورها الأول عام 1954، بينما تمّ اعتماد الدستور الحالي عام 1982، وقد أُدخلت عليه أربعة تعديلات في أعوام 1983، 1993، 1999، و2004. ووفقاً للدستور المعتمد، تتشكل «أجهرة الدولة المركزية» من ست مؤسسات، هي: المجلس الوطني لنواب الشعب (أعلى جهاز)، رئيس الجمهورية، مجلس الدولة، اللجنة العسكرية المركزية، المحكمة الشعبية العليا والنيابة العامة الشعبية العليا، ويُضاف إلى ذلك «المؤتمر الاستشاري السياسي للشعب» الذي يمارس دوراً استشارياً، بينما يلعب المكتب السياسي للحزب الشيوعي ولجنته المركزية دوراً حاسماً في تقديم «الاستشارات» لأجهزة الحكم والتنسيق بينها.
وبينما يُنظر في الصين إلى التعديلات المقترحة على أنّها تندرج في سياق «استكمال التطوير الذاتي للنظام الاشتراكي»، فإنّ الحدث لاقى أصداءً واسعة في الغرب، عكس وجهتها بشكل واضح رأي المختص في الشأن الصيني جان بيار كابيستان، حين قال إنه من خلال سعي شي جين بينغ «للبقاء في السلطة قدر ما يشاء، فإنّه يحذو حذو الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، لكن بطريقة أقل ديموقراطية»، وفق ما نقلت عنه وكالة «فرانس برس».
الوكالة نفسها، نقلت عن الباحث في «جامعة هونغ كونغ»، ويلي لام، اعتقاده بأنّ الرئيس الصيني «سيصبح إمبراطوراً مدى الحياة، وماو تسي تونغ القرن الـ21»، في إشارة إلى مؤسّس الجمهورية الصينية الحالية. وأضاف لام «نقلاً عن مصادر قريبة من السلطة في بكين»، أنّه «إذا كانت حالة شي الصحية جيّدة، فإنه يرغب في البقاء في السلطة 20 عاماً، أي حتى عام 2032 كأمين عام الحزب، و2033 كرئيس للبلاد».
ضمن أُطر القراءة نفسها، نقلت «فايننشل تايمز» عن الباحثة جود لانشيت قولها إنّ «الشائعات التي كانت تفيد بأنّ شي جين بينغ سوف ينتهج مسار بوتين نحو رئاسة أبدية، لم تعد مجرد أحاديث». كذلك، رأى المؤرخ والمُعلّق السياسي تشانغ ليفان أنّ «هذا التحرك ليس مفاجئاً، وإن كان من الصعب التنبّؤ على وجه التحديد بالمدة التي قد يبقى فيها شي في السلطة»، مشيراً في سياق حديثه إلى «رويترز»، إلى رئيس زيمبابوي السابق، روبرت موغابي، الذي انتهى حكمه في تشرين الثاني الماضي بعد أربعة عقود، وقال: «من الناحية النظرية، يمكنه أن يبقى فترة أطول من موغابي، ولكن في الواقع لا أحد يستطيع التأكد ممّا سيحدث».
بدورها، عنونت «نيويورك تايمز» بأنّ الصين «تتجّه نحو السماح للرئيس شي بالبقاء في السلطة». ونقلت الصحيفة الأميركية عن الباحث المختص هو كيانغ أنّه لا يرى «أي تحدٍّ يواجه شي... إذ إنّه أزاح أي منافس سياسي محتمل عن الواجهة».
وبينما هيمنت تغطية الحدث الصيني على الصفحات الأولى للمواقع الإخبارية الغربية، وللصحف، قالت صحيفة «غلوبال تايمز» الصينية، من جهتها، إنّ ما هو مقترح «لا يعني أنّ الرئيس الصيني سوف يحظى بحكم لمدى الحياة»، موضحة أنّه «كان هناك إجماع واضح ضمن الحزب الشيوعي، وخارجه، منذ بداية الانفتاح، حول واقع أنّ الصين نجحت وستواصل النجاح في إيجاد الحلول لتحولات نفوذ الحزب الشيوعي... مع احترام القانون والنظام». وأشارت في الوقت نفسه إلى أنّ التغطيات الإعلامية الموجّهة «بصورة خاطئة، وتدخّل القوى الخارجية، سوف يؤثّر على الرأي العام في الصين».
(الأخبار)