في خطوة تصعيدية، اعتقلت الشرطة المالديفية فجر أمس رئيس المحكمة العليا، عبد الله سعيد والقاضي علي حميد، بناءً على «شبهات فساد تحوم حولهما»، وذلك بعد ساعات من فرض الرئيس المالديفي، عبد الله يمين، حالة طوارئ في البلاد لمدة 15 يوماً، ما فاقم الأزمة السياسية الناجمة عن الصراع بين المحكمة العليا والحكومة في البلاد، الذي بدأ منذ نحو أسبوع، على خلفية نقض المحكمة أحكاماً بتهم «الإرهاب والفساد واستيلاء على أموال» صدرت عام 2015 بحق تسعة معارضين، بينهم الرئيس السابق محمد نشيد الذي يعيش في المنفى في لندن، فيما رفضت الحكومة هذا القرار.
وتأتي حالة الطوارئ التي أعلنها نائب الرئيس، عظيم شوكور، لتعزز سلطات واسعة جداً لقوات الأمن في توقيف واحتجاز مشتبه فيهم. وتلا شوكور إعلان «الطوارئ» بعدما أرسل الرئيس ثلاث رسائل إلى القضاة يطلب فيها منهم التراجع عن قرارهم، مضيفاً أن «سبب هذا الإعلان أن قرار المحكمة العليا يعرقل عمل الحكومة».

جاء اعتقال رئيس المحكمة العليا بعد ساعات على إعلان «الطوارئ»

وكانت «العليا» قد أمرت الخميس الماضي بعودة 12 نائباً أقيلوا من مهماتهم بداعي الانشقاق عن «حزب يمين»، ما يسمح نظرياً للمعارضة بأن تستعيد الغالبية المطلقة في البرلمان الذي يضم 85 عضواً، وهو ما يمنحها سلطة إقالة الحكومة والرئيس. وشكّل هذا القرار تخوفاً ليمين، إذ فتح المجال لعودة خصمه نشيد إلى البلاد ولترشحه للانتخابات الرئاسية المقبلة، بعد أن كان يمين قد فاز في انتخابات 2013 التي أثارت جدلاً كبيراً.
نتيجة التصعيد، دعا نشيد أمس الحكومات الأجنبية، خصوصاً الهند والولايات المتحدة، إلى مساعدته على «إقصاء» يمين. وأضاف في بيانٍ نشره حزبه في ماليه، أن «الرئيس يمين فرض حالة الطوارئ بطريقة غير مشروعة، واستولى على الدولة... علينا إقصاؤه من السلطة... شعب المالديف لديه طلب مشروع من حكومات العالم، وخصوصاً الهند والولايات المتحدة». كذلك طلب الرئيس السابق من نيودلهي أن ترسل «موفداً مدعوماً من جيشها لإطلاق سراح القضاة والمعتقلين السياسيين»، داعياً إلى «وجود فعلي». وأوضح أنه يريد من الهند «إرسال جنود إلى المالديف»، فيما قال مصدر مقرب من نيودلهي إن «الأرخبيل الاستراتيجي أصبح أكثر قرباً إلى الصين خلال حكم يمين».
كذلك، رأت النائبة المعارضة، إيفا عبد الله، أن إعلان «الطوارئ» يظهر أن «النظام واقع تحت ضغط»، قائلة في تغريدة على موقع «توتير»، إنه «عمل يائس، ويظهر أنه (عبد الله يمين) خسر كل شيء من ثقة الشعب والبرلمان، إلى باقي المؤسسات وهيئات القضاء».
وأثارت الأحداث في الجزر السياحية الواقعة في المحيط الهندي تعليقات دولية، إذ دعت الولايات المتحدة أول من أمس حكومة المالديف إلى «احترام المؤسسات الديموقراطية»، عبر تغريدة لمجلس الأمن القومي الذي دعا المجتمع الدولي إلى الضغط على يمين لـ«يحترم قرار المحكمة العليا وينهي الأزمة السياسية». وأمام هذا الوضع، نصح عدد من الدول، بينها فرنسا والصين والهند والسعودية، مواطنيهم بعدم التوجه إلى المالديف بسبب الأوضاع السياسية المتأزمة هناك.
(الأخبار)