تتواصل المساعي الروسية في أزمة كوريا الشمالية النووية، بالاتجاه إلى حل القضية ديبلوماسياً، إذ أعلن الكرملين أن الرئيس فلاديمير بوتين ونظيره الأميركي دونالد ترامب، بحثا أول من أمس الملف الكوري هاتفياً. ووفق بيان روسي أمس، بحث الرئيسان العلاقات الثنائية والوضع في مناطق الأزمات، مع التركيز على تسوية «مشكلة شبه الجزيرة الكورية». وأضاف البيان أن الجانبين «اتفقا على استمرار الاتصالات بينهما»، فيما قال متحدث باسم بوتين، إن الأخير أطلع أعضاء «مجلس الأمن القومي» الروسي، على فحوى مكالمته مع ترامب.
وكان بوتين قد رحب في مؤتمره الصحافي المطوّل، أول من أمس، بما وصفه بـ«التقدم لدى السلطات الأميركية نحو إدراك الواقع في الأزمة الكورية»، في إشارة إلى تصريح وزير الخارجية ريكس تيلرسون، باستعداد بلاده للتفاوض والحوار مع بيونغ يانغ. كذلك دعا الطرفين إلى «الكفّ عن تصعيد الوضع»، مؤكداً أن موسكو «لا تعترف بكوريا الشمالية كقوة نووية».
أما ترامب، فأجاب باقتضاب لدى سؤاله أمس عن دعمه فتح حوار بلا شروط مع بيونغ يانغ، بالقول: «سنرى ما يحدث مع كوريا الشمالية». وحول محادثته مع بوتين، علّق: «إذا كانت الصين تساعد، فإن روسيا لا تساعد الولايات المتحدة في ملف كوريا الشمالية... واشنطن ترغب في أن تساعد موسكو. هذا مهم جداً».
على الخط نفسه، قال وزير الخارجية الروسي، سيرغي لافروف، إن احتمال انهيار «الاتفاق النووي مع إيران سيبعث بإشارة غير صائبة في ما يخص محاولة حل الأزمة مع كوريا الشمالية»، مضيفاً في كلمة أمام «مجلس الاتحاد الروسي» أمس، أن «أي محاولة للدفع نحو سيناريو عسكري حيالها سيؤدي إلى كارثة». مع ذلك، وصف نائب لافروف، إيغور مورغولوف، العلاقات المشتركة مع كوريا الشمالية بأنها «مثمرة». ونقلت وكالة «إنترفاكس» الروسية عن مورغولوف قوله إن «لدينا الكثير من قنوات الحوار المشتركة مع بيونغ يانغ، ونأمل أن تؤتي هذه الاتصالات ثمارها بطريقة أو بأخرى». وأضاف: «نعوّل كثيراً على العلاقات مع كوريا الشمالية... التقديرات الأولية للحوار القائم بين وزارتي الخارجية والاتصالات بين البرلمانيين تبشر بالنجاح». كذلك، قال إن «موسكو ليست مستعدة للمشاركة في عقوبات جديدة على بيونغ يانغ تؤدي إلى خنقها اقتصادياً»، مضيفاً أن الضغط على كوريا الشمالية يقترب من «خط أحمر»، وأن «الضمانات الأمنية الأميركية» يمكن أن تكون موضوع المحادثات بين بيونغ يانغ وواشنطن.
أما الممثل الأميركي الخاص لكوريا الشمالية، جوزيف يون، فقال إن «الولايات المتحدة يجب أن تجري ديبلوماسية مباشرة مع بيونغ يانغ إلى جانب فرض العقوبات بسبب برامج الشمال النووية والصاروخية الباليستية». وأضاف يون للصحافيين في بانكوك التايلاندية أمس، أنه «يجب أن تمارس الدبلوماسية المباشرة إلى جانب العقوبات... هذه هي سياستنا التي تستند إلى الضغط والتواصل ونريد ممارسة الضغط والدبلوماسية». ويُذكر أن يون سافر إلى اليابان وتايلاند هذا الأسبوع للقاء مسؤولين ومناقشة سبل زيادة الضغط على كوريا الشمالية بعد أحدث تجاربها الصاروخية الباليستية.
وعلى صعيد أعمّ، عقد اجتماع لمجلس الأمن على المستوى الوزاري أمس، حضره سفير كوريا الشمالية في الأمم المتحدة، جا سونغ نام، للمرة الأولى. وبينما استمع «جا» إلى جزء من خطاب تيلرسون بعينين مغمضتين، كما تبيّن في مشاهد للتلفزيون الداخلي للأمم المتحدة، قال الوزير الأميركي إن بلاده ترغب في «إبقاء خطوط اتصال مفتوحة لتسوية الأزمة مع كوريا الشمالية سلمياً»، مستدركاً: «يجب أن تتوقف كوريا الشمالية بصورة دائمة عن السلوك المهدد قبل بدء مباحثات محتملة». ولوحظ أن وزير الخارجية الأميركية لم يكرر عرض «الحوار غير المشروط» الذي كان قد أعلنه مطلع الأسبوع الجاري، ثم عمدت الإدارة الأميركية بعد يوم إلى تغييره.

ترامب بعد مكالمة بوتين: إذا كانت الصين تساعد فإن روسيا لا تساعد


وخلال الجلسة، قال الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، إنه «قلق جداً إزاء مخاطر المواجهة العسكرية» في شبه الجزيرة الكورية، مشدداً على استعداده للتوسط في هذه الأزمة. من جهة أخرى، دعا الرئيس الصيني، شي جين بينغ، أمس، إلى منع اندلاع حرب على شبه الجزيرة الكورية، قائلاً إن «أي نزاع ينبغي حله من خلال المحادثات». ووجه حديثه إلى رئيس كوريا الجنوبية، مون جيه إن، الذي يزور الصين. ونقلت «الوكالة الكورية الجنوبية للأنباء» (يونهاب) أن «شي ومون قالا إنهما لن يسمحا بحرب»، مضيفة أن «البلدين سيتعاونان في تطبيق العقوبات وممارسة الضغط على كوريا الشمالية».
كذلك، أكد شي أن الصين وكوريا الجنوبية لديهما مصلحة مشتركة في إرساء السلام والاستقرار، وأن الصين ستعمل مع كوريا الجنوبية على منع الحرب ودعم المحادثات. وقال أيضاً إن بكين ستدعم بيونغ يانغ وسيول في ما يتعلق بتحسين العلاقات بينهما، مشيراً إلى أن ذلك سيصبّ في مصلحة تخفيف التوتر.
من جانب آخر، قال كبير أمناء مجلس الوزراء الياباني، يوشيهيدي سوجا، إن «اليابان ستفرض عقوبات إضافية على كوريا الشمالية في أعقاب تهديدات متكررة متمثلة في برامجها الصاروخية والنووية». وأضاف سوجا في مؤتمر أمس، أن اليابان «ستجمد أصول 19 مؤسسة كورية شمالية جديدة».
إلى ذلك، قال وزير الخارجية البريطاني، بوريس جونسون، إن أفضل سبيل لحل أزمة كوريا الشمالية هو «تكثيف الضغط الاقتصادي على بيونغ يانغ»، مضيفاً وهو يقف إلى جانب نظيره الياباني، تارو كونو، في لندن، أن «الخيارات العسكرية في بيونغ يانغ لا تبدو جذابة». أما كونو، فرأى أن «كوريا الشمالية هي التهديد الأهم والأكثر إلحاحاً الذي يواجه المجتمع الدولي».
(الأخبار، رويترز)





بيونغ يانغ: الولايات المتحدة خائفة من قدراتنا

أعلنت كوريا الشمالية أنها تسعى إلى «التحول إلى أكبر قوة نووية وعسكرية في العالم»، قائلة إن الولايات المتحدة «خائفة» من تعاظم قدراتها. وقال مندوب بيونغ يانغ الدائم لدى الأمم المتحدة، تشا سون نام، في جلسة مجلس الأمن الدولي أمس، إن بلاده «لا تنتهك مصالح الدول الأخرى»، مستدركاً: «امتلاكنا الأسلحة النووية لا يهدف إلا إلى الدفاع عن النفس وضمان الأمن في المنطقة». ووصف الاجتماع بأنه «إجراء يائس مدبر من الولايات المتحدة الخائفة من القدرات المذهلة لجمهوريتنا التي حققت بنجاح الهدف التاريخي العظيم المتمثل بإكمال قوتها النووية».
(رويترز)