مرّة تلو أخرى، تتحوّل الشائعات عن نية الرئيس الأميركي دونالد ترامب إقالة وزير خارجيته ريكس تيلرسون، إلى حقيقة، قبل أن تصبح كذلك. التقارير الإعلامية التي نُشرت، خلال اليومين الماضيين، عن خطة ترامب التي تقضي باستبدال تيلرسون بمدير وكالة الاستخبارات مايك بامبيو، بدت حقيقية وجديّة أكثر من النفي الذي أصدره البيت الأبيض، مرفقاً بتأكيد من وزارة الخارجية والإدارة الأميركية مفاده أن تيلرسون يزاول عمله، وهو سعيد بذلك.
مساء أول من أمس، خرجت «نيويورك تايمز» بالمعلومات المذكورة أعلاه، أعقبتها تقارير أكثر تفصيلاً نُشرت في عدد من المواقع وبثّت على قنوات عدّة، عن كيفية العمل على إزاحة تيلرسون. الجديد الوحيد في هذه القضية التي يجري التداول بها منذ أكثر من خمسة أشهر، هو إمكانية حلول بامبيو مكان تيلرسون، وتبوّء السيناتور الجمهوري توم كوتون منصب مدير الاستخبارات.
لم يضع بيان البيت الأبيض، الذي أعقب هذه التقارير، حداً لما يجري تداوله. وما لبث أن أكد عدم وجود «أي إعلان في هذه المرحلة»، حتى أدلت شبكة «سي ان ان» بدلوها، مشيرة إلى أن التقارير الإعلامية، «كانت عبارة عن جهود تصب في إطار الإعراب عن عدم رضى الرئيس دونالد ترامب العميق عن تيلرسون، والتشهير به علناً». وبحسب مصادر الشبكة، فإن الهدف من وراء هذه الخطة هو «دفع تيلرسون إلى الاستقالة». وفيما يبقى توقيت إخراج تيلرسون من وزارة الخارجية غير معروف، إلا أن عدداً من المسؤولين قالوا إن «الخضّة يمكن أن تحصل في نهاية العام الحالي، أو في بداية العام المقبل».
من ناحية أخرى، أضاءت «سي ان ان» على مشكلة أخرى يواجهها البيت الأبيض، في هذا السياق، وهي أن «النية باستبدال بامبيو بالسيناتور كوتون، يمكن أن تخلق شوائب في استراتيجيته». وفيما أوضحت أنه «لن تجري إعادة انتخاب كوتون عضواً في مجلس الشيوخ، إلا إلى عام 2020»، فقد أشارت إلى أن «انتقاله إلى وكالة الاستخبارات سيعني أن مقعداً آخر في مجلس الشيوخ سيصبح خاضعاً للتصويت، في عام 2018، في وقت يعاني فيه الجمهوريون من أغلبية صغيرة أصلاً».
جديّة خطوة الإدارة الأميركية الرامية إلى استبدال تيلرسون، بدت واضحة في أحد تقارير صحيفة «واشنطن بوست» التي أشارت إلى أن بامبيو كان يستعد، منذ فترة، لإدارة وزارة الخارجية، عبر التواصل مع مرشحين محتملين لوظائف عدة، ومن خلال جمع أفكار في هذا المجال. «بامبيو يدرس كيفية إعادة تنظيم الوزارة وجعلها فعّالة مجدداً»، قال مسؤول في البيت الأبيض للصحيفة، مضيفاً أنه «يتصل بأصدقائه وبمختصين كبار في السياسة الخارجية، طالباً منهم المساعدة كي يصبح جاهزاً ليكون الدبلوماسي الأميركي الأول، إذا ما جرى اختياره».
في غضون ذلك، وفيما أكد مسؤولون في البيت الأبيض لـ«واشنطن بوست» أن هذه الخطة وُضعت من قبل كبير الموظفين جون كيلي، أفاد موقع «بيزنس إنسايدر» بأنها «كانت مُدبّرة بجزء كبير منها من قبل صهر ترامب، جارد كوشنير». ووفق أحد المصادر، فقد تمكّن بامبيو من إبراز نفوذه السياسي الكبير خلال الأشهر الأخيرة، ومن بناء علاقة مقرّبة من ترامب. «الأمر بخصوص بامبيو أنه يمضي معظم يومه مع الرئيس، ويتحدث عن الاستخبارات والشؤون الدولية» قال مساعد سابق في البيت الأبيض للموقع.

ديفيد إغناتيوس: الزواج السيئ بين ترامب وتيلرسون اقترب من النهاية


من جهة أخرى، أشار هذا المساعد إلى أن «قرار تيلرسون، الأسبوع الماضي، تجنّب إرسال مسؤولين من وزارة الخارجية إلى الهند، بسبب ترؤس إيفانكا ترامب الوفد الأميركي للمشاركة في أحد المنتديات هناك، أدى إلى قيام كوشنير بالدفع بشدة باتجاه طرد وزير الخارجية». «كان هناك حديث متزايد عن أن تيلرسون لن يبقى طويلاً في عمله، ولكن قصة إيفانكا، كانت القشّة الأخيرة» قال المسؤول الأميركي، مضيفاً أنها «نوعاً ما ختمت الصفقة».
أخيراً، ظهر جانب تحليلي لهذه القضية ليؤكد، أيضاً، جزءاً من جديتها. وفي هذا السياق، رأى ديفيد إغناتيوس في صحيفة «ذي واشنطن بوست»، أن «الزواج السيئ بين ترامب وتيلرسون اقترب من النهاية». إغناتيوس تساءل عن التغيّر الذي سيطرأ على فريق الأمن القومي المقبل، وعلى السياسة الأميركية.
وقال إن «التغييرات ستظهر، على الأغلب، على شكل إرادة أميركية أكثر ميلاً لاستخدام القوة، التي ستزيد بدورها القلق في الداخل والخارج من إمكانية حصول نزاع مع كوريا الشمالية وإيران». وأشار الكاتب إلى أن بامبيو جيد في الأمور التي لا يبرع فيها تيلرسون، موضحاً أن مدير وكالة الاستخبارات المشاكس والطموح سياسياً «مسعور حيث يكون تيلرسون حذراً، حاد وفي بعض الأحيان قاسٍ حيث يكون تيلرسون متحفّظاً». وفيما أشار إلى طغيان الصقور على الأجواء، أوضح أن بامبيو «حاز ثقة الرئيس، فضلاً عن أنه يتحدث بالصوت القوي والواثق الذي يريده ترامب».
من جهة أخرى، لفت إغناتيوس إلى أن «الورقة المسعورة في الفريق الجديد ستكون جون كوتون، الذي لعب دوراً سياسياً كبيراً خلال الأشهر الأخيرة، وخصوصاً في رسم الاستراتيجية الإيرانية». وبناءً عليه، خلص إلى أنه «يجب على بيونغ يانغ وطهران أن تقلقا، ذلك أنه لم يجرِ اختيار هذا الفريق لتقديم حلول وسط».
(الأخبار)