وسط دعوات إلى تشديد العقوبات على كوريا الشمالية، عقد مجلس الأمن الدولي ليل أمس، جلسة عاجلة بناءً على طلب اليابان والولايات المتحدة كوريا الجنوبية، وذلك إثر إطلاق بيونغ يانغ صاروخاً باليستياً جديداً عابراً للقارات (هواسونغ ــ 15)، ومزوداً برأس حربي قادر على ضرب «القارة الأميركية بكاملها»، وفق ما ذكرته وكالة الأنباء الرسمية للبلاد. ونقلت وسائل الإعلام الكورية الشمالية أن تطوير هذا الصاروخ سيحمي البلد من «سياسة الابتزاز والتهديد النووي للإمبرياليين الأميركيين».
وكان الرئيس الكوري الشمالي، كيم جونغ أون، الذي أشرف على إطلاق الصاروخ، قد أعلن أن بلاده تمكنت «في نهاية المطاف وبفخر من تحقيق هدف تاريخي كبير هو استكمال قوتها النووية».
في غضون ذلك، أجرى الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، ورئيس الوزراء الياباني، شينزو آبي، محادثة هاتفية طارئة، اعتبرا خلالها أن «الأعمال الاستفزازية للنظام الكوري الشمالي تعرّضه للخطر وتزيد عزلته عن المجتمع الدولي». ووفق بيان البيت الأبيض الذي صدر عقب الاتصال، جدد «الزعيمان تأكيد التزامهما مواجهة التهديد الكوري الشمالي».

أجرت القوات الكورية الجنوبية في المقابل تدريبات مشتركة

فور قيام كوريا الشمالية بالتجربة الجديدة، رأى شينزو أن هذا العمل يعد «عملاً عنيفاً لا يمكن التسامح معه»، وتابع: «لن نخضع لأي عمل استفزازي، وسنضاعف ضغطنا على بيونغ يانغ».
كذلك، دفعت التجربة الصاروخية الجديدة ترامب إلى التهديد بفرض عقوبات إضافية «شديدة» على كوريا الشمالية، مصرحاً في تغريدة أنه تحدث مع نظيره الصيني، شي جين بينغ، «في شأن الأعمال الاستفزازية لبيونغ يانغ»، علماً بأن الرئيس الأميركي أعلن قبل نحو أسبوع عقوبات جديدة ضد بيونغ يانغ، وأعاد إدراجها على اللائحة السوداء «للدول الراعية للإرهاب»، وهو ما استجلب رداً كورياً. كذلك أعلن البيت الأبيض أن ترامب دعا بكين إلى «استخدام كل الوسائل المتاحة» لإقناع بيونغ يانغ «بالتخلي عن استفزازاتها» وسباقها للتسلح النووي.
من جهته، دعا المندوب الفرنسي لدى الأمم المتحدة، فرنسوا ديلاتر، مجلس الأمن الدولي إلى تشديد العقوبات بحق كوريا الشمالية رداً على آخر عملية إطلاق صاروخ بالستي عابر للقارات.
أما الصين، فعبّرت أمس عن «قلق بالغ» إزاء تجربة الصاروخ القادر على استهداف القارة الأميركية، داعيةً إلى إجراء محادثات للتوصل إلى حل سلمي للأزمة النووية. وقال المتحدث باسم الخارجية الصينية، غينغ شوانغ، إن مقترح بكين هو «تجميد تجاربها الصاروخية مقابل تعليق الولايات المتحدة المناورات العسكرية في المنطقة... هو أفضل مقاربة لتهدئة التوتر»، علماً أن واشنطن ترفض تلك المقاربة.
وأضاف غينغ أن «الخيار العسكري ليس حلاً»، مشيراً إلى أن بلاده «تعبّر عن قلقها البالغ ومعارضتها لعملية الإطلاق»، وحثّها لكوريا الشمالية «على احترام قرارات الأمم المتحدة ووقف الأعمال التي من شأنها تصعيد التوتر على شبه الجزيرة الكورية»، ومعرباً في الوقت نفسه عن أمله أن تلتزم الأطراف المعنية ضبط النفس للحفاظ على السلم والاستقرار الإقليمي.
وإلى جانب الصين، أدان عدد من الدول تجربة كوريا الشمالية الجديدة، وبشكل لافت روسيا، إذ وصف المتحدث باسم الكرملين، ديميتري بيسكوف، التجربة بأنها «استفزازية»، معتبراً في تصريح صحافي أمس، أن الخطوات التي اتخذها نظام كوريا الشمالية «تؤخر حل الأزمة».
أما رئيس كوريا الجنوبية، مون جاي إن، فرأى أن التجربة الصاروخية الجديدة تشكّل «تهديداً حقيقيّاً للسلام العالمي». وشدّد مون في كلمة خلال حضوره اجتماعاً لمجلس الأمن القومي في بلاده، على ضرورة تشديد العقوبات على الجارة الكورية لإجبارها على التخلّي عن طموحاتها النووية.
وأكّد أنّ سيول لن تظل مكتوفة الأيدي حيال استفزازات بيونغ يانغ، وأنها ستعمل مع واشنطن لضمان أمنها. ودعا مون الجيش الكوري الجنوبي إلى الإقدام على خطوات جادة لتعزيز قدراته، معرباً في هذا السياق عن قلقه من أن «تُخرج أنشطة بيونغ يانغ البالستية والنووية أمن المنطقة عن السيطرة».
ورداً على إطلاق الصاروخ، أعلنت هيئة الأركان المشتركة للقوات المسلحة في كوريا الجنوبية إجراء تدريبات جوية وبحرية وبرية، مشيرة إلى أن قواتها «أجرت تدريبات مشتركة بدأت بعد دقائق عدة من إطلاق الصاروخ في كوريا الشمالية واستمرت لمدة 20 دقيقة».
من جانبه، عبّر الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، عن «إدانته الشديدة» لتجربة كوريا الشمالية، داعياً بيونغ يانغ إلى «الامتناع عن القيام بافعال جديدة مزعزعة للاستقرار». كذلك، أدانت الممثلة العليا للسياسة الخارجية والأمنية في الاتحاد الأوروبي فيديريكا موغريني، الصاروخ، معتبرة في بيان أمس أن العملية «خرق غير مقبول للالتزامات الدولية»، فيما كرر المضمون نفسه الأمين العام لـ«حلف شمال الأطلسي» ينس ستولتنبرغ.
أما الخارجية الكندية، فأدانت وزيرتها كريستيا فريلاند، التجربة الصاروخية لكوريا الشمالية، موضحة أن هذه الأزمة سيتناولها اجتماع لوزراء خارجية عدد من الدول، من المنتظر أن ينعقد في كندا.
أيضاً، أدانت كل من تركيا وإسبانيا وإندونيسيا وفرنسا التجربة، ودعت كوريا الشمالية إلى «إنهاء الأعمال التي من شأنها أن تهدد الأمن والاستقرار الإقليمي والدولي». أما وزير الخارجية الألماني، زيجمار جابرييل، فقال إن بلاده ستستدعي سفير بيونغ يانغ لديها، وأضاف في بيان أمس، أن «كوريا خرقت من جديد القانون الدولي... سلوكها المتهور يمثل تهديداً للأمن».
(الأخبار، أف ب، الأناضول، رويترز)