عقب العودة من الولايات المتحدة قبل أيام، إثر المشاركة في أعمال الجمعية العامة للأمم المتحدة، توجّه وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف إلى كلّ من سلطنة عمان وقطر، في زيارة هي الأولى إلى الدوحة بعد بدء «الأزمة الخليجية» في شهر حزيران الماضي. وفي سلطنة عمان، بدا لافتاً استقبال ظريف من قبل السلطان قابوس، في لقاء «بحث خلاله الجانبان العلاقات الثنائية والقضايا الإقليمية، بينها سوريا واليمن والتطورات في شمال العراق».
ورغم أنّ بياناً مشابهاً كان قد صدر عقب لقاء ظريف بنظيره العماني يوسف بن علوي، فإنّ متابعين رأوا أنّ هذه الزيارة تصبّ أيضاً في خانة وضع مسقط «التي لطالما جرى الحديث عن دورها غير المباشر في مفاوضات الاتفاق النووي»، في صورة تهديدات إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب بالانسحاب من الاتفاق النووي الذي جرى التوصل إليه في عام 2015.
وجدير بالذكر أنّ الحراك السياسي والدبلوماسي يزداد حالياً في طهران وفي عواصم أوروبية فاعلة (كان آخرها برلين أمس)، خشية ألا يُصادق الرئيس الأميركي في 15 الشهر الجاري على نسخة التقرير الدوري الذي يُرفع إليه كل 90 يوماً بشأن «التزام إيران بالاتفاق». وكان لافتاً أنّ وزير الخارجية الأميركي السابق جون كيري، نشر، أول من أمس، مقالة في «واشنطن بوست» دافع فيها عن الاتفاق مع إيران، محذراً من أنّ تصرف واشنطن السلبي لن يجعل طهران «معزولة» عن العالم، بل سيجعل الولايات المتحدة نفسها «معزولة» عن العالم.

شملت أهداف
زيارة مسقط إجراء محادثات في موضوع الطاقة ونقل الغاز


ومن المعروف أنّ هناك خلافات بشأن «المصادقة على التزام إيران» في داخل الإدارة الأميركية. وقد نقلت «بوليتيكو» الأميركية المحافظة، أمس، عن مصدر قريب من البيت الأبيض أنّ وزير الخارجية «ريكس تيلرسون لا يزال يحاول إقناع ترامب بالتصديق على التزام إيران»، فيما تقول مصادر أخرى للمجلة نفسها: «حتى غير الموافقين على عدم مصادقة الرئيس باتوا يتكيّفون مع واقع» أنّ ترامب لن يوقّع، وهو الحدث الذي سوف ترافقه «استراتيجية أميركية كبيرة» لمواجهة النفوذ الإيراني في الشرق الأوسط.
وبالعودة إلى أهداف زيارة ظريف لمسقط، فإنّ مصدراً إيرانياً رأى في حديث إلى «الأخبار» أنّ «الهدف ينحصر في إطار العلاقات الثنائية والتعاون والبحث في أهم المسائل على المستوى الإقليمي، بما فيها الحرب في اليمن وحصار قطر وآخر التطورات على المستوى الخليجي؛ كذلك فإنّ هناك محادثات في موضوع الطاقة ونقل الغاز». وعن مسألة الاتفاق النووي، فإنّه قلل من أهمية الآراء السابقة، إذ قال إنّه «كان لسلطنة عمان دور إيجابي جداً في المفاوضات النووية، لكن في الوقت الحالي لدى إيران خيارات عدة في مواجهة هذا الجدال (الذي تثيره الإدارة الأميركية)... وهذا يعني أنّه رغم دور عُمان الإيجابي ومكانة السلطنة لدى إيران، لكن من المستحسن أن تستخدم إيران في هذه المرحلة الأوراق الدولية في تحركها، أي بقية أعضاء دول «5+1»، وخاصة الاتحاد الاوروبي، وأيضاً المنظمات الدولية المعنية».
وأعلن ظريف في تصريح إلى الصحافيين في مسقط، رداً على سؤال بشأن الاتفاق النووي ومباحثاته في نيويورك وبشأن موقف إيران في حال انسحاب واشنطن من الاتفاق، أنّه «وجد في نيويورك أنّ جميع الدول تقريباً تدعم الالتزام بالاتفاق وترفض التفاوض حوله من جديد». وتابع قائلاً: «أعلنا مراراً أن (طهران) لديها خيارات متعددة، رغم أنها تؤيد الالتزام بالاتفاق من قبل الجميع، وأننا لن نكون أول منتهك لهذا الاتفاق».
وعلى الرغم من طغيان مسألة «الاتفاق النووي» إعلامياً على مجمل التحركات الإيرانية الحالية، إلا أنّ توجّه ظريف مساء أمس إلى العاصمة القطرية، أضفى على جولته الخليجية القصيرة بعداً دبلوماسياً مهماً، خاصة أنّ الدول الخليجية التي تقاطع قطر تتّهمها بـ«التقرب من إيران على حساب الأمن الخليجي».
وعلى هذا الصعيد، رأى الأكاديمي الإماراتي عبد الخالق عبدالله أنّه «في الزيارة إلى قطر وعُمان، يحاول ظريف تشكيل منظومة خليحية (تشمل) إيران والعراق وقطر وعُمان بديلة من مجلس التعاون الخليجي»، معتبراً أنّ ذلك «سيفشل».
(الأخبار)