من العاصمة اللبنانية بيروت، وجهت يوم أمس «الجبهة الشعبية التركية» نداءً للتضامن مع نورية غولمن وسميح أوزاشاه، المضربَين عن الطعام منذ 162 يوماً بعد سجنهما وفصلهما عن عملهما من قبل حكومة «العدالة والتنمية».
وأثناء مؤتمر صحافي عُقد في مقرّ «حركة الشعب» اللبنانية، أثار ممثل «الجبهة» إبراهيم أرسلان هان، قضية نورية وسميح، معلناً أنّ «المعتقلَين يمثلان كل الشعب التركي المقموع من قبل نظام العدالة والتنمية، الذي وضع منذ محاولة الانقلاب الفاشل قوانين طوارئ حرمت 100 ألف شخص حقهم في العمل».
وتُشكل «العدالة والعودة إلى العمل» المطلبين الأساسيين للأكاديمية نورية غولمن، والمدرس سميح أوزاشاه، اللذين حين سُئلا بعد دخولهما في الإضراب عن الطعام عمّا إذا كانا يشعران بالجوع، أجابا بأنهما «جائعان للعدالة التي يحرمها نظام العدالة والتنمية الفاشي لشعبه».
ومنذ محاولة الانقلاب التي شهدتها مدن تركية في منتصف تموز 2016، يُتّهم كل معارض للرئيس رجب طيب أردوغان، بأنه تابع لجماعة الداعية فتح الله غولن المقيم في الولايات المتحدة والمتهم بتدبير الانقلاب. لكن هذا الاتهام «لا يمكن أن يكون منطقياً» في حالة نورية وسميح، إذ يشدد أرسلان هان على أنهما «يساريان علمانيان ولا علاقة لهما بغولن، بل هما معارضان لسياسة أردوغان الذي يتهم بدوره كل من يعارضه بالإرهاب أو الولاء لغولن».
وبطبيعة الحال، إنّ اعتصام نورية وسميح الذي كان قد انطلق قبل 282 يوماً في ساحة يوكسل في أنقرة، لم يمر بهدوء، إذ «كانا يُعتقلان يومياً ولفترات متعددة». وبرغم ذلك، فإنهما استمرا «بنضالهما لكسر حاجز الخوف عند الشعب التركي، ولخلق حافز لدى الشعب للتحرك من خلال الاعتصامات اليومية والحملات التضامنية في كافة أنحاء البلاد». ومن بين المتضامنين، زوجة سميح، إسراء أوزاشاه، المضربة عن الطعام منذ 80 يوماً، إضافة إلى «رفيقٍ لنا يبلغ من العمر 71 عاماً، مضرب عن الطعام منذ 45 يوماً»، وفق ما يشرح أرسلان هان. وتضم لائحة المتضامنين أيضاً، عدداً من الممثلين والصحافيين الأتراك والأجانب وبعض نواب «حزب الشعب الجمهوري» المعارض.

يؤكد المنظمون أنّ
«العدالة والتنمية» يتصرف
راهناً بدافع الخوف

من جهة أخرى، بدت لافتة أثناء المؤتمر الصحافي، الإشارة إلى أنّ «المعتقلَين لم ينسَيا الأسرى الفلسطينيين في السجون الإسرائيلية»، إذ نفّذ «سميح ونورية والجبهة العالمية لمناهضة الإمبريالية إضراباً في إسطنبول تضامناً مع الأسرى الفلسطينيين، لأن قضية فلسطين هي قضيتنا»، وفق أرسلان هان، الذي يضيف أن النظام التركي «يدّعي أنه يدعم قضية فلسطين، فيما يعامل المعتقلين في سجونه كما يتعامل الإسرائيليون مع الأسرى الفلسطينيين».
ومع دخول إضراب نورية وسميح «مرحلة خطيرة»، فإنّ احتمال وفاتهما «تبعث على الخوف لدى العدالة والتنمية، إذ من شأنها أن تخلق انفجاراً كبيراً في الشارع التركي»، يشير أرسلان هان. ويوضح الأخير أنّ «المعتقلين نُقلا قسراً إلى المستشفى لإطعامهما بالإكراه»، ما يشير إلى أنّ «العدالة والتنمية» يتصرف حالياً «بدافع الخوف والخشية من ظهوره على حقيقته»، لأن قضية نورية وسميح أصبحت عالمية، وهي تلقى اهتماماً من الإعلام الغربي، لأنها «قضية إنسانية» أيضاً. ويصل «خوف السلطة التركية من شعبها» إلى درجة أن لفظ اسمي نورية وسميح في الشارع «بات يعتبر كأنه جريمة»، فضلاً عن الرقابة الموضوعة على مواقع التواصل الاجتماعي، حيث «لا يمكن أحداً أن يكتب منشوراً ضد النظام التركي دون أن يتعرض للاعتقال».
ويلفت أرسلان هان أثناء حديثه إلى أنّ «الجبهة الشعبية التركية قامت بحملة كبيرة في اليونان وأوروبا وسوريا، حيث سيُنظَّم قريباً إضراب تضامني لمدة شهر». ويعبّر المتحدث التركي عن ثقته «بالنصر الحتمي، إذ نحن نتعرض للظلم والقمع من قبل أردوغان الذي يعرف أن تركيا يمكن أن تنفجر بأي لحظة».
وحتى يومنا، جمعت قضية المضربين عن الطعام خلفها 40 منظمة وحزباً تركياً، عقدوا لجنة للتضامن مع نورية وسميح ويعتصمون في كاديكوي في إسطنبول منذ أسابيع، على الرغم من مهاجمة الشرطة لهم بشكل دوري واعتقالها للعشرات منهم. ومن بين من شارك في الاعتصامات محامون «خرجوا إلى الإعلام بعد إطلاق سراحهم، وكانت آثار التعذيب بادية على أجسادهم».
وعلى الرغم من محافظة أردوغان على انتصارات انتخابية، إلا أن أرسلان هان يرى أن الرئيس التركي يلجأ إلى معادلة «أنا أو الفوضى» لدفع الشعب إلى التصويت له، مثلما فعل في انتخابات حزيران 2015 التي خسر خلالها «العدالة والتنمية» أغلبيته البرلمانية المطلقة ودعا بعدها إلى انتخابات مبكرة.
وقد يفعل أردوغان «أي شيء ليبقى في السلطة»، وهو «أطلق في الفترة الفاصلة بين الاقتراعين عام 2015 فوضى كبيرة في شرق البلاد... ووقعت سلسلة انفجارات وتدمير وعمليات عسكرية». ويمكنه أيضاً «أن يتفق من جديد مع حليفه السابق فتح الله غولن، على الشعب». لكن في النهاية، إن سلسلة التراكمات هذه «ستدفع الشعب إلى الشارع، كما حصل في عام 2013»، يختم أرسلان هان.
(الأخبار)