بعد توعده الرد «بالنار والغضب» على التجارب الصاروخية الكورية الشمالية في الأسبوعين الفائتين، أشاد الرئيس الأميركي دونالد ترامب، أمس، بالقرار «الحكيم والعقلاني» للزعيم الكوري الشمالي كيم جونغ أون الذي أعلن تجميد مشروع إطلاق صواريخ تسقط قرب جزيرة غوام التابعة للأراضي الأميركية.
لكن تصريح ترامب لم يلغ التوتر الأميركي بشأن خطوات كوريا الشمالية، إذ لا يزال دبلوماسيون ومسؤولون من وزارة الدفاع يعملون على الضغط على بيونغ يانغ عبر جولاتهم الآسيوية من بكين إلى سيول وطوكيو، بالإضافة إلى عزمهم على القيام بمناورات عسكرية مع كوريا الجنوبية، الأسبوع المقبل.
وعبر موقع «تويتر»، كتب ترامب أن «كيم جونغ أون الكوري الشمالي اتخذ قراراً حكيماً جداً وعقلانياً جداً»، مضيفاً أن «البديل سيكون كارثياً وغير مقبول». ويأتي ذلك بعد تأكيد وزير الخارجية الأميركي، ريكس تيلرسون، أن بلاده لا تزال مستعدة للحوار مع كوريا الشمالية، لكن بشروط، فيما يبدو أن واشنطن تسعى إلى الاعتماد أكثر على الضغط الصيني على بيونغ يانغ.
وقال رئيس هيئة الأركان الأميركية، جو دانفورد، خلال زيارة لبكين إنّ من الضروري جداً أن تكثف الصين ضغوطها على كوريا الشمالية. وأبلغ الجنرال دانفورد نظيره الصيني، الجنرال فانغ فينغوي، خلال لقاء أول من أمس، أن الولايات المتحدة مستعدة لاستخدام الخيارات العسكرية في حال فشل الدبلوماسية. ووفق المتحدث باسم الجنرال الأميركي، فقد بعث «دانفورد رسالة واضحة بأن برامج كوريا الشمالية للصواريخ البالستية والأسلحة النووية تهدد المجتمع الدولي، بما في ذلك الصين وروسيا والولايات المتحدة». وتابع أنه «لمصلحة الاستقرار في المنطقة»، على الصين تكثيف ضغوطها على نظام كوريا الشمالية.

طالبت الصين كلاً من واشنطن وبيونغ يانغ وقف التهديدات الكلامية

لكن قائد الجيش الشمالي الصيني سونغ بوكسوان، أكد أمس مجدداً موقف بلاده الداعي إلى الحاجة للحفاظ على السلام والاستقرار في حديثه مع دانفورد، وفق وزارة الدفاع الصينية. وأضافت الوزارة أن بوكسوان أكد لدانفورد ضرورة حل المسألة النووية الكورية الشمالية سياسياً من طريق المحادثات، بالتزامن مع توقيع البلدين اتفاقاً إطارياً لتدشين آلية تعاون واتصال جديدة بين الجيشين الصيني والأميركي.
دبلوماسياً، طالبت الصين كلاً من الولايات المتحدة وكوريا الشمالية بـ«الضغط على الفرامل» ووقف التهديدات الكلامية والعمل على حل سلميّ لخلافهما. وقال وزير الخارجية الصيني، وانغ يي، خلال محادثة هاتفية مع نظيره الروسي سيرغي لافروف، إن على موسكو وبكين العمل معاً بهدف احتواء التوتر ومنع وقوع نزاع على مقربة منهما، وفق بيان للخارجية الصينية. ورأى أن أبرز مهمة في الوقت الحالي هي دفع كوريا الشمالية والولايات المتحدة إلى التهدئة لمنع وقوع «أزمة آب». بدوره، رأى لافروف أن الأزمة يمكن أن تتصاعد في ظل استعداد الولايات المتحدة وكوريا الجنوبية لبدء تدريبات عسكرية في 21 آب. وأضاف أن حل مشكلة كوريا الشمالية النووية «عسكرياً غير مقبول نهائياً، ويجب حل الأمر بالأساليب السلمية، السياسية والدبلوماسية».
وبعدما عقد اجتماعات عدة مع مسؤولين عسكريين في كوريا الجنوبية، حيث أكد استعداد واشنطن لاستخدام القوة العسكرية للدفاع عن حلفائها، يواصل الجنرال دانفورد رحلته إلى الصين اليوم قبل توجهه إلى اليابان، تزامناً مع إجراء طائرات يابانية وأميركية مقاتلة مناورات جوية جنوب غربي شبه الجزيرة الكورية، أمس. وقالت قوات الجيش الياباني في بيان صحافي إن طائرتين من طراز «بي-1بي لانسر» القاذفة التابعة للقوات الجوية الأميركية أقلعتا من قاعدة «أندرسون» الجوية على جزيرة غوام في المحيط الهادي وشاركتا في المناورات مع مقاتلتين «أف-15» تابعتين للجيش الياباني.
وقالت القوات الجوية الأميركية في بيان إن «هذه الطلعات الجوية التدريبية مع اليابان تظهر التضامن والتصميم الذي نشترك فيه مع حلفائنا للحفاظ على السلام والأمن في منطقة الهند وآسيا والمحيط الهادي». وذكرت صحيفة «وول ستريت جورنال» أنه رغم وجود وجهات نظر عالمية متباينة بشأن كوريا الشمالية وعدم موافقة بعض القادة العالميين على أسلوب ترامب في التعامل مع بيونغ يانغ، إلا أن رئيس الوزراء الياباني شينزو آبي، يبقى الوحيد الذي يوافق مع الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، على مضامين كل تصريحاته التي تهدد الكوريين الشماليين.
وتدرس طوكيو، وفق الصحيفة، احتمالية القيام بضربات وقائية ضد كوريا الشمالية، في المدى البعيد. أما في الوقت الحالي، فقد قال وزير الدفاع الياباني، إيتسونوري أونوديرا، إنّ «من الأفضل أن نجد حلولاً لهذه الأزمة من خلال الحوار»، مضيفاً أنه يتفق مع نظيره الأميركي جايمس ماتيس ومع وزير الخارجية الأميركي، ريكس تيلرسون، في موقفهما حيال كوريا الشمالية. وسيلتقي المسؤولان الأميركيان، اليوم، نظيريهما اليابانيين في واشنطن لمناقشة أزمة كوريا الشمالية، وفق «وول ستريت».
(الأخبار، أ ف ب، رويترز)