أعلن الرئيس الأميركي دونالد ترامب، أمس، أنّ علاقات الولايات المتحدة مع روسيا تقف «عند مستوى خطير للغاية، هو الأدنى على الإطلاق»، ملقياً بالمسؤولية على الكونغرس في هذا الوضع. وجاءت تعليقات ترامب عبر «تويتر» بعد يوم من توقيعه على عقوبات جديدة ضد موسكو، كان الكونغرس قد رفعها إليه للمصادقة عليها، بعدما أقرها أعضاؤه بغالبية ساحقة الأسبوع الماضي.
ويستهدف «قانون الكونغرس» المشار إليه والذي يتضمن أيضاً إجراءات ضد كوريا الشمالية وإيران، قطاع الطاقة الروسي ويعطي واشنطن القدرة على فرض عقوبات على شركات تنشط في تطوير الأنابيب الروسية، ويفرض قيوداً على بعض مصدري الأسلحة الروس. وفي ما يتعلق بروسيا أيضاً، فإن هذا القانون يُقيِّد خصوصاً صلاحية الرئيس الأميركي لجهة إلغاء عقوبات سارية على موسكو، في آلية غير مسبوقة تعكس عدم ثقة «الجمهوريين» الذين يهيمنون على الكونغرس والقلقين من تصريحات ترامب «الودية» تجاه الرئيس الروسي فلاديمير بوتين.
ومساء أول من أمس، وقّع ترامب مشروع القانون، لكنه انتقده بشدة، واشتكى من واقع أنّ النص يسمح للكونغرس بمنع الرئيس من تخفيف العقوبات، وقال إن ذلك يعتدي على سلطات الرئاسة في صياغة السياسة الخارجية.
وغداة التوقيع، كتب الرئيس الأميركي المتهم من قبل أطراف عدة في المؤسسات الأميركية بأنّه «مقرّب من روسيا» وبأنها دعمته إبان الحملة الرئاسية، على «تويتر»، أنّ العلاقات «مع روسيا عند مستوى خطير للغاية، هو الأدنى على الإطلاق». واعتبر أنّ «هذا بفعل الكونغرس... نفس الأشخاص الذين لم يتمكنوا من منحنا (قانون) الرعاية الصحية»، في إشارة إلى انتكاسة مريرة مُني بها هذا الشهر عندما أخفق زملاؤه «الجمهوريون» في إقرار تشريع للرعاية الصحية داخل مجلس الشيوخ.

يمكنني كرئيس
إبرام صفقات مع
دول أجنبية أفضل بكثير من الكونغرس


ورأى ترامب أن «الكونغرس، في عجلته لإمرار هذا القانون، ضمنه عدداً من الأحكام غير الدستورية» بما في ذلك تقييد قدرة الرئيس على «التفاوض» مع روسيا. وقال: «قمت ببناء شركة عظيمة فعلاً، تساوي مليارات الدولارات. كان هذا سبباً كبيراً لانتخابي. كرئيس يمكنني إبرام صفقات مع دول أجنبية أفضل بكثير من الكونغرس».
السيناتور «الجمهوري» توم كوتون، اتفق مع فكرة أنّ العلاقات الأميركية ــ الروسية تمرُّ «بمرحلة سيئة جداً»، لكنه رفض تحميل الكونغرس المسؤولية، معتبراً أنّ «المسؤولية تقع بالأساس على عاتق (الرئيس) فلاديمير بوتين». وبينما اتهم موسكو بانتهاكات عدة، وبتدخلها في شؤون دول غربية، قال: «نحتاج إلى المواجهة وإلى وضع ضغط على فلاديمير بوتين في كل أمر».
ويشار إلى أنه من جهة موسكو، كان الرد الروسي قد أعقب إقرار القانون في الكونغرس الأسبوع الماضي، وذلك عبر الإعلان عن خفض كبير في الطاقم الدبلوماسي الأميركي على الأراضي الروسية.
وارتفع منسوب الرد الروسي، أول من أمس، بعد توقيع ترامب، إذ اعتبر رئيس الوزراء ديمتري مدفيديف، أنّ العقوبات «إعلان حرب اقتصادية شاملة ضد روسيا»، مضيفاً أنها تُشكّل «نهاية الآمال الروسية في تحسين العلاقات»، ساخراً في الوقت نفسه من «ضعف» البيت الأبيض أمام الكونغرس. وكانت الخارجية الروسية قد علّقت على العقوبات، معتبرة أنّها تعكس «نهجاً قصير النظر، وخطيراً، وقد يؤدي إلى تقويض الاستقرار، الذي تتحمل موسكو وواشنطن بالدرجة الأولى المسؤولية الخاصة عنه». وأشار بيانها إلى أنّ «محبي العقوبات الأميركيين الذين وضعوا الولايات المتحدة في هستيريا معادية لروسيا، عليهم، ومنذ زمن طويل، التخلص من الأوهام وإدراك أنه ليس من الممكن دفع روسيا، عبر أي تهديدات ومحاولات ممارسة ضغط، إلى تغيير نهجها والتراجع عن حماية مصالحها الوطنية».
وبينما جاء ردّ مندوب روسيا الدائم لدى الأمم المتحدة، فاسيلي نيبينزيا، شديداً، إذ اعتبر أنّ «الذين صاغوا مشروع القانون هذا... عليهم أن يعلموا بشكل جيد أننا لا ننحني ولا نستسلم»، استغلت صحف روسية ما جرى لانتقاد ترامب، فكتبت صحيفة «كومسومولسكايا برافدا» الواسعة الانتشار، أنّ «الأمر لا يتعلق بالعقوبات، وإنما بمعرفة من هو السيد الحقيقي للبيت الأبيض». وأضافت أنّ «تحسين العلاقات مع روسيا بات اليوم مسألة حياة أو موت للرئيس الأميركي الخامس والأربعين. إذا لم يكن بوسعه أن يقول لا، للمعارضة اليوم، فقد يكون مشروع القانون المقبل مذكرة بحجب الثقة عنه».
(الأخبار)