فيما بدأت الحكومة التركية استعداداتها لإحياء الذكرى السنوية الأولى لمحاولة الانقلاب الفاشلة، أكد الرئيس رجب طيب أردوغان، أمس، أن حالة الطوارئ المعلنة منذ ذلك الحين قد ترفع في «موعد ليس ببعيد»، وذلك في كلمة ألقاها خلال مؤتمر للمستثمرين الأجانب في أنقرة.
ورغم تأكيد الرئيس التركي أن حالة الطوارئ محصورة «بمكافحة الإرهاب فقط»، تستمر السلطات في عمليات توقيف واعتقال من تشتبه في ارتباطهم بمنظمة فتح الله غولن، التي تقول أنقرة إن رئيسها مسؤول عن محاولة الانقلاب، إذ قالت وسائل إعلام رسمية إن تركيا أصدرت، أمس، أوامر لاعتقال 34 موظفاً سابقاً في مؤسسة الإذاعة والتلفزيون التركية في إطار تحقيق يستهدف أنصار غولن.
وتشتبه السلطات في أن الموظفين السابقين يستخدمون تطبيق «باي لوك» للرسائل المشفرة الذي تقول الحكومة إن أتباع غولن يستعملونه، مع العلم بأنه كان قد تم الإفراج عنهم من قبل بعد التحقيق معهم لصلتهم المزعومة بمحاولة الانقلاب. وفي عملية منفصلة، ألقت الشرطة القبض على 14 من ضباط الصف في الجيش، في وقت مبكر أمس، في ستة أقاليم، في إطار التحقيق في محاولة الانقلاب.
من جهته، أكد فتح الله غولن أنه لا ينوي الهرب من الولايات المتحدة وسيقبل تسليمه إذا وافقت واشنطن على طلب أنقرة تسليمه لها، في مقابلة مع وكالة «رويترز» نشرت أمس. ونفى ما قالته الحكومة التركية في شباط من أنه يستعد للرحيل إلى كندا لتجنّب تسليمه، مؤكداً أن «الشائعات ليست صحيحة على الإطلاق»، وذلك فيما لم يتحقق أيّ تقدم يذكر بخصوص الطلب التركي لواشنطن تسليم غولن لأنقرة، وهي قضية شائكة تسبب توتراً بين الحليفتين في «حلف شمال الأطلسي». وقال إنه يأمل ألا تسمح إدارة ترامب للتسليم بأن يمضي قدماً، خصوصاً بعد استقالة مستشار الأمن القومي السابق مايكل فلين بعد أسابيع من تنصيب ترامب رئيساً، والذي كان مؤيداً صريحاً لتسليم غولن. وندّد أيضاً بإحكام أردوغان قبضته على السلطة وإغلاق منافذ إعلامية، ووصفه بأنه «مستبد». وحثّ إدارة ترامب والحكومات الأوروبية على بذل المزيد لتشجيع إعادة الحريات السياسية في تركيا. وأشاد كذلك بالمعارضة، وأكد أن أي محاولة جديدة لإطاحة أردوغان يجب أن تكون من خلال الاحتجاج السلمي والانتخابات، وليس من خلال الوسائل غير الديموقراطية، مؤكداً أنه لم يؤيّد «قط انقلاباً ولا طرداً».

أكد غولن أنه لا ينوي الهرب من الولايات المتحدة وسيقبل تسليمه

ويتزامن ذلك مع إعلان منظمة العفو الدولية، من مقرّها الرئيسي في بريطانيا، أن تركيا مدّدت لأسبوع توقيف مديرة مكتبها في تركيا مع تسعة أشخاص آخرين اعتقلوا خلال عملية دهم مثيرة للجدل قامت بها الشرطة. ووفق الباحث في المنظمة، أندرو غاردنر، فإن توقيف الناشطين سيستمر حتى 19 تموز، قبل أن يمثلوا أمام قاضٍ لبتّ توجيه التهم رسمياً إليهم وإبقائهم قيد الاعتقال حتى محاكمتهم.
ويتهم الموقوفون، ثمانية منهم أتراك ينشطون في مجال الدفاع عن حقوق الانسان وأجنبيان كانا يقودان ورشة العمل أحدهما سويدي والآخر ألماني، بالانتماء إلى «منظمة إرهابية مسلحة»، وهو اتهام تصفه منظمة العفو بأنه «بلا أساس».
يأتي ذلك فيما تابع الرئيس التركي دفاعه عن الإجراءات التي تتخذها حكومته منذ محاولة الانقلاب الفاشلة، بقوله أمس إن المواطنين الأتراك والمستثمرين لم يتأثروا بحالة الطوارئ. وأضاف أن بلاده لن تتسامح أبداً مع من يضع العراقيل أمام تقدم تركيا ونموّها بحجة حالة الطوارئ التي ستنتهي عندما «تنتهي الحاجة إليها في إطار مكافحة الإرهاب».
وتعليقاً على المسيرة التي قام بها زعيم «حزب الشعب الجمهوري» كمال كليتشدار أوغلو من أنقرة إلى اسطنبول، قال أردوغان إنه «لولا حالة الطوارئ لما كان بإمكانهم إجراء المسيرة بأمان، نحن من يضع حدود حالة الطوارئ، ولا نضعها بموجب الخطوط التي يرسمها الغرب».
بدوره، وصف رئيس الوزراء، بن علي يلدريم، محاولة الانقلاب الفاشلة بأنها الأكثر «وحشية» في تاريخ البلاد، متعهّداً لأهالي «الشهداء والجرحى» بأن «الخونة المنفذين لمحاولة الانقلاب سوف ينالون عقابهم في إطار القانون». وتابع في كلمته، خلال ندوة انطلقت في اسطنبول لمناسبة الذكرى الأولى لمحاولة الانقلاب، أن «الحكومة مصمّمة على أن تواصل مقاومتها وعملياتها ضد المشاركين في محاولة الانقلاب والمنتمين إلى تنظيم فتح الله غولن الإرهابي».
(الأخبار، أ ف ب، الأناضول، رويترز)